أميركا: التعليم الإلكتروني يهدد وجود المعلمين في المدارس

منظر التعليم في جامعة أريزونا: يريدون استبدال التكنولوجيا بالمعلمين

TT

كان «جاك لندن» موضوع درس في مادة اللغة الإنجليزية المستوى الثالث التي يدرسها داتيريوس هاميلتون عبر الإنترنت. في إحدى حجرات مدرسة ثانوية تمتلئ بأجهزة الكومبيوتر، قرأ هاميلتون سيرة ذاتية موجزة عن لندن مع مقتطفات مكونة من فقرة واحدة عن أعمال الكاتب. ولكن لم يتطلب منه المنهج الدراسي، كما كان الأمر مع أجيال من طلاب اللغة الإنجليزية، قراءة نسخ من «نداء البرية» أو «إشعال النار».

سئل هاميلتون، الذي رسب في المستوى الثالث من اللغة الإنجليزية في حجرة الدراسة التقليدية وكان يأمل في اجتيازه المادة عبر الإنترنت حتى يتخرج، سؤالا عن معنى الداروينية الاجتماعية. قص السؤال وألصقه على محرك بحث «غوغل»، وقرأ ملخصا لمعناها على «ويكيبيديا». ثم قص التعريف وراجعه إملائيا ثم أرسله إلى معلمته.

يقول المدافعون عن هذه الفصول الدراسية إنها تسمح للمدارس بتقديم فصول تعويضية، وهو المجال المتنامي بشدة، بل وأيضا تقديم قائمة أكبر من المواد الاختيارية وفصول اختبارات تحديد مستوى متقدمة عندما لا يكون هناك عدد كاف من الطلاب في الفصول الدراسية. ولكن يقول المعارضون إن التعليم الإلكتروني مدفوع غالبا من الرغبة في تخفيض الإنفاق على المدرسين والمباني، لا سيما في الوقت الذي أجبرت فيه الولاية والميزانية المحلية على تطبيق تخفيضات كبيرة على التعليم. وأشاروا إلى أنه لا توجد أبحاث سليمة تظهر أن الدراسة عبر الإنترنت من رياض الأطفال وحتى الفصل الـ12، يمكن مقارنتها بالتعليم وجها لوجه.

هنا في ممفيس، أحد أكثر البرامج الإلكترونية من نوعها طموحا، يجب أن يحصل كل طالب على مادة دراسية عبر الإنترنت حتى يمكنه التخرج، بداية من طلاب السنة الثانية الحاليين. يدرس البعض نسخا إلكترونية من المواد التي تدرس في الفصول في المبنى ذاته. يقول المسؤولون عن مدارس مدينة ممفيس إنهم يريدون أن يكتسب الطلاب المهارات التي سيحتاجون إليها في الجامعة، حيث يزداد انتشار الدراسة عبر الإنترنت، وأيضا في مجال العمل في القرن الحادي والعشرين.

ولكن صحيح أيضا أن ممفيس تنفق 164 دولارا فقط لكل طالب ملتحق بفصل إلكتروني. يقول الإداريون إنهم لم يقارنوا مطلقا بين تكاليف التعليم عبر الإنترنت والتعليم التقليدي، ولكن يقول المشككون إن الفصول الدراسية الإلكترونية وسيلة خفية لتخفيض النفقات.

تقول كارين أرونوفيتز، رئيسة اتحاد المعلمين في ميامي، حيث تقرر إلحاق 7000 طالب في المدارس الثانوية بالدراسة الإلكترونية: «إنه تعليم زهيد التكاليف، وليس لأنه يفيد الطلاب. يتم اقتراح ذلك على أصغر الطلاب. هل لأنه جيد للأطفال؟ لا. ولكن فقط لأنه زهيد».

في إيداهو، يخطط مدير التعليم في الولاية لاشتراط دراسة طلاب المدرسة الثانوية على أربع مواد إلكترونية أو أكثر، بعد مشروع قانون مرره المجلس التشريعي في الأسبوع الماضي يقضي بتوفير جهاز كومبيوتر محمول لكل طالب يسدد ثمنه من صندوق الولاية لمرتبات المعلمين.

أدخلت مدينتا شيكاغو ونيويورك برامج تعليم إلكترونية تجريبية. في نيويورك، يتضمن برنامج إنوفاشن زون (آي زون) دروسا إلكترونية تعويضية ودروس تحديد مستوى متقدمة في 30 مدرسة ثانوية، بالإضافة إلى تدريبات إلكترونية مخصصة بعد المدرسة في الرياضيات واللغة الإنجليزية لطلاب المرحلة الابتدائية.

صرح ريزا نامين، مشرف المدارس في ويستبروك في مين التي تواجه عجزا في ميزانيتها بلغ 6.5 مليون دولار، أنه لا يستطيع أن يجد مبررا للاستمرار في دفع راتب مدرس لغة صينية من أجل 10 طلاب فقط مهتمين بتعلمها. ولكنه استطاع تقديم دروس في اللغة الصينية عبر الإنترنت من خلال الاتحاد العالمي للمدارس الثانوية الافتراضية، وهي مدرسة لا تستهدف الربح مقرها ماساتشوستس.

في جميع أنحاء البلاد، يتلقى نحو 1.03 مليون طالب من رياض الأطفال وحتى الصف الـ12 مادة دراسية إلكترونية في عامي 2007 و2008، بارتفاع بنسبة 47 في المائة عن قبل ذلك بعامين، وفقا لمجموعة «سلوان»، وهي جمعية حقوقية تؤيد التعليم عبر الإنترنت. التحق نحو 200.000 طالب بمدارس إلكترونية بدوام كامل، وأحيانا تجذب مدارس متعاقدة الأسر التي تفضل التعلم في المنزل، وفقا لتقرير آخر. وتأتي الزيادة على الرغم من التحذير الذي أطلقه بحث أجرته وزارة التعليم الأميركية عام 2009. وجد البحث أن هناك فوائد تعود على طلاب الجامعات من التعليم عبر الإنترنت، ولكنه اختتم بأن هناك عددا قليلا من الدراسات الدقيقة التي أجريت على مستويات من رياض الأطفال وحتى الصف الـ12، وأن واضعي السياسات «يفتقدون إلى الدليل العلمي على فاعلية» الدروس الإلكترونية.

ولكن يشعر حتى بعض من مؤيدي التعليم عبر الإنترنت بالريبة بشأن مواد التخلف، التي تستعين بها المدارس الثانوية، لا سيما تلك الموجودة في المناطق الأكثر فقرا، من أجل زيادة معدلات التخرج وتجنب العقوبات الفيدرالية.

تقول ليز بيب، رئيسة اتحاد المدارس الثانوية الافتراضية: «أعتقد أن الكثيرين يرون الدراسة عبر الإنترنت وسيلة للتخلص من الصعوبات، فكيف سيمكنهم التغلب على معدلات التخرج؟»، فإذا تحسنت الدرجات، ستنخفض الحاجة إلى الفصول التعويضية - ولكن العكس هو ما حدث. وفي ممفيس، في مدرسة هاميلتون، شيفيلد الثانوية، كانت تعرف بـ«مصنع التسرب» حيث كان معدل التخرج يقل عن 60 في المائة.

يهدف فصل عام 2011 حاليا إلى أن يتخرج فيه 86 في المائة من الطلاب، كما تقول إيلفين بيل، مدربة التخرج في المدرسة، ويرجع الفضل في الزيادة إلى حد ما إلى طول اليوم الدراسي وفرصة التعويض من خلال التعليم الإلكتروني.

يوجد 61 طالبا في هذه الفصول الإلكترونية في الفصل الدراسي الحالي، من بينهم هاميلتون، الذي ينخفض متوسط دراجاته في المستوى الثالث من اللغة الإنجليزية عن درجة النجاح. تقول ميلوني سميث مدرسته عبر الإنترنت إنها لم تدرك على الفور أن إجابته عن «جاك لندن» منسوخة من الإنترنت، ولكنها قالت إن مشكلة السرقة الأدبية تتكرر مع الكثير من الطلاب.

يقول أليكس مولنار، أستاذ سياسة التعليم في جامعة ولاية أريزونا: «ما يريدونه هو استبدال التكنولوجيا بالمعلمين».

اشترت الإدارة برامج من أجل 54 مادة إلكترونية، من بينها الجبر1 والأحياء وتاريخ الولايات المتحدة، من مدرسة فلوريدا الافتراضية، وهي مدرسة إلكترونية كبرى تديرها الولاية.

* خدمة «نيويورك تايمز»