الحكومة المصرية لــ«الشرق الأوسط»: الانفتاح مع إيران لن يأتي على حساب أمن الخليج

عصام شرف يستهل جولته الخليجية في السعودية اليوم بملفات اقتصادية وسياسية

السناتور الجمهوري جون ماكين يتجول بميدان التحرير في القاهرة بعد زيارته مقر المتحف المصري أمس (أ.ب)
TT

يبدأ رئيس الوزراء المصري، الدكتور عصام شرف، اليوم, جولة خليجية تشمل السعودية وقطر والكويت، على رأس وفد رفيع المستوى يضم وزير الخارجية، نبيل العربي. وفي حين تم إرجاء زيارته إلى الإمارات لوقت لاحق لم يُعلن بعد، تحدثت أنباء عن وجود تحفظ إماراتي بشأن التقارب المصري - الإيراني في الآونة الأخيرة، وعن التحقيقات الجارية مع الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، لكن المتحدث باسم مجلس الوزراء، الدكتور أحمد السمان، نفى لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون هناك أي شيء من هذا القبيل، وأكد أن زيارة شرف للإمارات تم تأجيلها فقط بسبب عدم تناسب توقيت الزيارة الحالي، ويتم الآن تحديد موعد جديد، مشددا على أن الانفتاح المصري على دول العالم، ومنها إيران، لن يأتي على حساب أمن الخليج، الذي يعد خطا أحمر بالنسبة لمصر.

وأوضحت السفيرة، منحة باخوم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أن جولة شرف، التي ستبدأ بزيارة السعودية، ستتناول شقين: الأول يتعلق بالعلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي بين مصر وهذه الدول، بينما سيشمل الشق الثاني، مناقشة عدد من المواضيع الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية، والأمن في الخليج العربي، بالإضافة إلى الأزمة في ليبيا واليمن. وأضافت باخوم أن هذه المواضيع كانت أيضا محورا لمباحثات وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، مع نظيره المصري، نبيل العربي، في السعودية، التي شدد خلالها العربي على أن أمن منطقة الخليج العربي يعد جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن مصر تعتبر أن أمن واستقرار وعروبة الخليج هي خطوط حمراء لا تقبل المساس بها، وأن التدخل في شؤون دول الخليج أمر غير مقبول شكلا ولا مضمونا.

وذكرت باخوم أن الجانب المصري سيستمع خلال الجولة إلى عرض مفصل لتطورات المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، مشيرة إلى أن مصر ترى أن عنصر الوقت ليس في صالح أحد، وأن التجاوب مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي، المدعومة عربيا ودوليا، يظل الطريق الأساسي لتأمين انتقال سلس وآمن للسلطة في اليمن، وتجنيب الشعب اليمني مخاطر الانزلاق إلى الفوضى.

وفيما يتعلق بزيارة الدكتور شرف إلى الإمارات، التي تم إرجاؤها لموعد آخر، قال الدكتور السمان، إنه تم التأجيل فقط وليس إلغاءها، مرجعا ذلك إلى أن دولة الإمارات طلبت تقديم موعد الزيارة عن هذا التوقيت، لكن الظروف في مصر لم تكن تسمح بذلك، ولذلك تقرر تحديد موعد آخر لاحق يجري بشأنه الاتصالات حاليا، خلال جولة رئيس الوزراء الخليجية الثانية، التي ستشمل البحرين وسلطنة عمان.

وكانت أنباء قد تحدثت عن أن تأجيل الزيارة جاء بطلب إماراتي، يرجع إلى قلقها لاحتمال وجود تقارب في العلاقات المقطوعة منذ نحو ثلاثين عاما بين القاهرة وطهران، بالإضافة على عدم رضاها عن محاكمة مبارك.

وذكرت وسائل إعلام عربية بالخليج، أمس، أن دول مجلس التعاون الخليجي ترى أن توقيت السعي المصري لعلاقات مميزة مع إيران، في ظل تصاعد تدخل طهران في الشؤون الداخلية الخليجية، وتهديدها لبعض أنظمتها، أمر مثير للاستغراب والقلق، وتخشى أن يكون التقارب المصري - الإيراني على حسابها.

لكن السمان قال إن مصر لن تقبل ضغوطا من أحد فيما يتعلق بشأنها الداخلي، سواء فيما يتعلق بمحاكمة مبارك أو علاقتها الخارجية مع إيران، مؤكدا أن مثل هذه الضغوط غير موجودة أصلا، لا من الإمارات ولا من غيرها، وأن محاكمة الرئيس السابق تتم في إطار قانوني، موضحا أن هناك بالفعل توجسا من التقارب المصري - الإيراني موجودا في كل دول الخليج، لكن ما يقال عن رفض الإمارات لهذا الانفتاح غير صحيح.

وشدد السمان على أن رسالة مصر كانت واضحة بعد الثورة، وهي أنها ستفتح صفحة جديدة مع كل دول العالم، بما فيها إيران، على قاعدة من الاحترام المتبادل، وأنها لن تتقيد بممارسات النظام السابق في علاقتها الخارجية، مشيرا إلى أن هذا لن يأتي على حساب وحدة الدول العربية أو أمن الخليج الذي يعد خطا أحمر بالنسبة لمصر، وبالتالي لا يوجد أي مبرر للتخوف.

وتابع السمان: «حتى فيما يقال عن خطوات متسرعة مع إيران هو أيضا غير صحيح، فما زال مستوى التمثيل المتبادل معها كما هو حتى الآن ومستوى العلاقات رسميا لم يتغير». مؤكدا على أن الدولة الخليجية متفهمة للموقف المصري فيما يقال عن أي تقارب مع إيران.

وكان وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، قد أشار في تصريحات له، أول من أمس، إلى الرسائل التي تم تبادلها بين المسؤولين الإيرانيين والمصريين، داعيا القاهرة لاتخاذ خطوة شجاعة لتعزيز التعاون مع طهران، وأكد استعداد إيران لتوسيع مستوى العلاقات مع مصر في كافة المجالات، لكنه أعرب عن اعتقاده أن الحكومة المصرية تواجه ضغوطا ضد الاقتراب من طهران، وقال: «إن المسؤولين المصريين يعلمون كيف يواجهون تلك الضغوط».