المعارضة الإيرانية لـ «الشرق الأوسط»: طهران تتدخل في شؤون العرب لحماية نظامها الداخلي من السقوط

محمد محدثين: أنفقنا أكثر من 200 مليون دولار على تجهيز مخيم أشرف ولا مانع من نقل سكانه إلى خارج العراق

TT

اتهمت المعارضة الإيرانية طهران بالتدخل في شؤون الدول العربية من أجل «حماية النظام الداخلي في طهران من السقوط»، وقالت منظمة «مجاهدين خلق» إنها أنفقت أكثر من 200 مليون دولار على تجهيز مخيم أشرف، لكنها شددت على أنها لا تمانع في نقل عناصرها بالمخيم الواقع شمال بغداد، والبالغ عددهم نحو 3400 شخصا إلى خارج العراق، بعد أن أدى هجوم على المعسكر قبل أسبوعين لسقوط 35 قتيلا.

وانتقد محمد محدثين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (المعارضة الإيرانية)، وممثل سكان مخيم أشرف بالعراق، موقف النظام الإيراني «المزدوج» حيال أحداث الدول العربية وانتفاضات الشعوب العربية، قائلا إن نظام طهران أصبح يخاف بشدة من امتداد الاحتجاجات إلى إيران، للمطالبة بإسقاط نظام ولاية الفقيه الحاكم منذ أكثر من ثلاثين عاما، مشيرا إلى ما قال إنه قيام النظام الإيراني بالتصعيد والقمع بشكل غير مسبوق ضد المعارضين الإيرانيين في الداخل والخارج، مع سعيه الحثيث لاستغلال الظروف الراهنة في الدول العربية لتفعيل خلاياه النائمة.

وعن رؤيته للاتهامات التي توجهها بعض الدول العربية لإيران بالتدخل في شؤونها الداخلية، قال محدثين في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، من مقر المعارضة الإيرانية في العاصمة الفرنسية باريس: لا شك أن الحديث عن تدخلات النظام الإيراني في شؤون الدول العربية كلام صحيح تماما. وأضاف أن «هذه التدخلات بدأت من العراق الشقيق، حيث جعل النظام الإيراني العراق ساحة لجولاته وصولاته، ومن خلال عملاء له، لقطع العراق من جسد العالم العربي، ووقف في هذا السعي في مواجهة كثير من الدول العربية».

وقال محدثين «إن التدخلات الإيرانية امتدت في الوقت الراهن إلى كل من البحرين ولبنان والكويت واليمن والأردن ومصر وفلسطين وجميع الدول العربية، حسب مقدرة نظام الملالي الحاكم في طهران». وأضاف أن «أكبر مشاكل العالم العربي في الوقت الراهن هو حصيلة هذه التدخلات الإيرانية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة»، وتابع قائلا إن «الحقيقة المؤسفة هي أن الدول العربية الشقيقة لا تذكر إلا واحدا من ألف من هذه التدخلات».

وأضاف أن النظام الحاكم في طهران اعتمد منذ البداية على منطق التوسع و.. «كان بصدد إيجاد إمبراطورية إسلامية من المحيط إلى الخليج، ومن الطبيعي أن تكون دولة العراق، بالنسبة لنظام الملالي الهدف الأول بسبب وجود أغلبية شيعية هناك». وقال محدثين: اسمحوا لي أن أخاطب الإخوة المسؤولين في الدول العربية والشباب المنتفضين في مختلف دول وشعوب المنطقة كافة وأقول لهم إن النظام الإيراني يعتبر أكبر عدو للديمقراطية»، لافتا إلى أن «الديمقراطية الحقيقية إذا تحققت في العراق والدول العربية فإنها تمثل حبل مشنقة بالنسبة لنظام الملالي في طهران».

وأضاف محدثين قائلا «إن الهجوم الأخير على مخيم أشرف بالعراق يعبر عن واقع نظام الملالي المحتضر (الحاكم في إيران)»، مشيرا إلى أن نظام طهران كان ولا يزال.. «ينوي ويخطط ويستخدم كل إمكاناته للقضاء على المجاهدين في مخيم أشرف»، وتابع أنه، بعد سقوط الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، وفي الظروف التي يرفع فيها أبناء الشعب الإيراني شعار «مبارك، بن علي.. جاء دورك سيد علي (أي علي خامنئي)»، أقدم النظام الإيراني على التضييق على المعارضة داخليا وخارجيا، والضلوع في الهجوم على مخيم أشرف من خلال العناصر الموالية للسلطات الإيرانية في الجانب العراقي.

وأوضح محمد محدثين أن قتلى الهجوم الأخير الذي شنته القوات العراقية على المخيم قبل أسبوعين، ارتفع إلى 35 بعد أن فارق الحياة أحد الجرحى أمس، ويدعى بهمن عتيقي، بسبب نقص الإمكانات الطبية، مشيرا إلى أن هناك أيضا 13 جريحا يصارعون الموت، متهما السلطات العراقية بفرض الموت البطيء على الجرحى، داعيا المجتمع الدولي لسرعة التدخل لإغاثة المخيم وجرحاه.

وردا على سؤال مفاده أن وجود «مجاهدين خلق» في العراق يتنافى وسيادة العراق، قال محدثين إن هذه المزاعم التي ترددها السلطات في بغداد وفي طهران أيضا «مزاعم باطلة»، لأن «من ينتهك سيادة العراق ويتدخل في شتى شؤونه هو النظام الإيراني»، متهما طهران باختراق «جميع المؤسسات والأجهزة الإدارية والسياسية والأمنية في العراق».

وعن تفسيره لاستمرار الولايات المتحدة في وضع «مجاهدين خلق» على لائحة المنظمات الإرهابية، أوضح محدثين أن هذا يعود إلى عام 1997 حين أرادت الإدارة الأميركية تقديم بادرة حسن النية للنظام الإيراني، وقال: «للأسف.. رغم احتجاجات من الكونغرس ومن شخصيات أميركية معتبرة حول هذا القرار، فإن الحكومات الأميركية المتعاقبة واصلت هذه السياسة»، مشيرا إلى أن محكمة الاستئناف في واشنطن اعتبرت تسمية منظمة «مجاهدين خلق» بالإرهابية تسمية باطلة، وطالبت الخارجية الأميركية بإعادة النظر فيها.

وعن جدوى عمل المعارضة الإيرانية من داخل أوروبا وخاصة فرنسا، قال محمد محدثين إنه رغم المصالح الاقتصادية الهائلة التي يربحها الأوروبيون من خلال علاقاتهم الاقتصادية مع النظام الإيراني، فإن المقاومة الإيرانية استطاعت أن تستقطب دعما واسعا في الساحة الأوروبية منها الحصول على أغلبية الجمعية الوطنية الفرنسية، بشأن إيجاد ديمقراطية في إيران قائمة على «فصل الدين عن الدولة»، وكذا دعوة مجلس الشيوخ الفرنسي، للحكومة الفرنسية لكي تطالب الأمم المتحدة بدعم حقوق سكان مخيم أشرف، إضافة للجهود التي يبذلها المجلس الأوروبي والبرلمانات الأوروبية في هذا الشأن.

وعما إذا كانت هناك أي مساع من قادة منظمة «مجاهدين خلق» لنقل سكان مخيم أشرف إلى خارج العراق، قال محدثين إن المنظمة «حولت أشرف من قطعة أرض غبراء في صحراء قاحلة دون أية إمكانية، إلى مدينة ذات إمكانيات عصرية، وأنفقت أكثر من 200 مليون دولار على المخيم»، مضيفا «ومع ذلك أبلغنا الأمم المتحدة والأميركيين بأننا لا نصر على البقاء في العراق وبإمكانهم إحضار الطائرات حالا ونقل جميع سكان أشرف إلى الولايات المتحدة أو إلى أوروبا ونحن أنفسنا ندفع تكاليف الطيران أيضا، لكننا نفضل أن نغادر إلى وطننا إيران شرط توفير الأمن وحرية التعبير والنشاط السياسي».

وأوضح محدثين أن الشعب الإيراني لا يريد إصلاحا داخل النظام، لأنه أدرك بلحمه ودمه أن نظام ولاية الفقيه ليس إيرانيا ولا إسلاميا وإنسانيا، ولا يمكن له إطلاقا قبول أي إصلاح.. «يمكن القول إن النظام داخل إيران معزول للغاية، وفي انتخابات حقيقية لن يحصل الملالي (رجال الدين) حتى على 3 في المائة من الأصوات، ولهذا السبب يتهرب النظام دائما من إجراء انتخابات حرة»، مشيرا إلى أن النظام الحاكم منذ عام 1979 في طهران تمكن من الاستمرار «اعتمادا على قمع وحشي وإعدامات، منها إعدام أكثر من 120 ألف شخص غالبيتهم من أعضاء وأنصار مجاهدين خلق، ونشرنا أسماء وتفاصيل عن 20 ألفا من هؤلاء الشهداء»، على حد قوله.