الحزن يخيم على احتفالات المسيحيين العراقيين في الموصل

5 آلاف عائلة غادرت المدينة نتيجة الهجمات الإرهابية

TT

كانت أصوات نواقيس كنائس مدينة الموصل (شمال العراق) حزينة يوم أمس، وبدلا من أن تزدحم هذه الكنائس بالمسيحيين المحتفلين بعيد القيامة، فإنها شهدت انحسارا يقابله أمنيات آلاف العوائل داخل العراق وخارجه بأن يجتمعوا ثانية ليصلوا من أجل العراق واستقراره، فقد أحيا المسيحيون في مدينة الموصل العراقية، أمس، احتفالات عيد القيامة، وسمعت أصوات أجراس الكنائس كما توافدت عوائل إلى الكنائس لأداء الصلوات بهدوء في طقوس غلب عليها الحزن والدعوة أن يعود الأمن والاستقرار إلى العراق في ظل إجراءات أمنية مشددة.

وقالت مها متى (55 عاما) ربة بيت لوكالة الأنباء الألمانية «كلما تأتي الأعياد الخاصة بنا تتساقط دموعي وأتذكر الكنائس في مدينة الموصل مع أبنائي الخمسة وطقوسنا التي أبعدنا الإرهاب مجبرين عن أدائها بعد أن تركنا بيتنا ورحلنا إلى منطقة سهل نينوى تاركين منزلنا وأهالينا تحت تهديد الإرهاب».

وأضافت «أتمنى أن يستتب الأمن والأمان ونرجع إلى مدينتنا، الموصل، حيث ولدنا ونشأنا، وكنا نقيم الأعياد معا والصلوات في كنائسنا، التي دمرت وحطمت من قبل الإرهاب في هذه المدينة».

وكانت الآلاف من العوائل المسيحية في الموصل قد تركت منازلها في هجرات متعددة تحت تهديد الجماعات المسلحة، وخاصة الموجة التي جرت في نهاية عام 2009 وبداية 2010 وراح ضحيتها المئات من الشباب والعوائل ورجال الدين، حيث قامت مجاميع مسلحة بقتل الكثير منهم، وخطفت رجال الدين وقتلتهم في مشهد مأساوي، فيما اضطر آخرون إلى الفرار خارج البلاد.

وقالت سهى سرمسم (43 عاما) إن «الحكومة الاتحادية غير قادرة على حفظ الأمن وحماية المسيحيين في مدينة الموصل، وقد تركت وظيفتي في جامعة الموصل واضطررنا إلى البحث عن ملاذ آمن في منطقة سهل نينوى بعد ارتفاع وتيرة العنف مرغمين بسبب الإرهاب، واليوم لا نستطيع أن نمارس حتى أبسط حقوقنا كمسيحيين بإقامة الاحتفالات والصلوات في كنائس الكلدان الخاصة بنا في مدينة الموصل بسبب الإرهاب والأعمال المسلحة».

وأضافت «لقد قتل أخي الطالب في كلية الهندسة المعمارية وهو في الطريق للاحتفال بأعياد الميلاد عام 2010 في منزل عمي في منطقة الزهور من أجل المشاركة في احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة، وقد تمكن الإرهابيون من قتله أثناء خروجه من كنيسة مار أفرام شرق الموصل، وأطلقوا الرصاص على رأسه ومات في الحال وتهمته الوحيدة لدى الإرهاب أنه مسيحي فقط، أي ظلم هذا يقترفه الإرهاب في هذه المدينة».

وذكرت «نتمنى اليوم أن نعود ولو ساعة واحدة إلى كنائس مدينة الموصل ونحضر فقط الصلوات في عيد القيامة المجيد من أجل إقامة الصلوات على شهدائنا من المسيحيين».

وسجلت مدينة الموصل هجرة نحو 5000 عائلة مسيحية خلال العامين الماضيين نتيجة الأعمال الإرهابية التي طالت المسيحيين جميعهم من سكان مدينة الموصل وقتل أكثر من 25 مسيحيا في أعمال عنف متفرقة، وهناك نحو 1000 دار سكنية غادرها أصحابها من المسيحيين مرغمين نتيجة الأعمال الإرهابية.

وقال المطران سعيد ايشو من كنيسة مار أفرام في حي المهندسين، شرق الموصل، إن «جميع كنائس الموصل التي تبلغ 15 كنيسة موزعة في مدينة الموصل دقت أجراسها من أجل الصلوات على أرواح شهدائنا الأبرياء الذين طالتهم أيادي الغدر والخيانة ومن أجل البدء في طقوس الأعياد تحديا للإرهاب في مدينة الموصل ومن أجل أن نوصل لهؤلاء أن المسيحيين هم جزء من الموصل وما زالوا موجودين ويقيمون الاحتفالات تحديا للإرهاب». وأضاف «سنواصل طقوسنا وسنتبادل الزيارة، علما بأن رجال الدين من المسلمين شاركونا الاحتفال حتى نبرهن للإرهاب بأنه لا فرق بين مسلم ومسيحي، الكل سواسية، وتحت وطن عراقي واحد».