أوباما يندد بالمجازر ضد الأرمن.. لكنه يتحاشى وصفها بـ«الإبادة»

أنقرة تأسف لموقف الرئيس الأميركي المعتمد على «رؤية مغلوطة» للأحداث

صورة وزعت أمس لأعداد كبيرة من الأرمن خرجوا في مسيرة بيريفان بمناسبة ذكرى المجازر الأرمينية (إ.ب.أ)
TT

تجنب الرئيس الأميركي باراك أوباما، بمناسبة إحياء الذكرى السنوية الـ96 للمجازر التي تعرض لها الأرمن في عهد السلطنة العثمانية، استخدام كلمة «الإبادة» لكنه طالب أنقرة بالاعتراف «الكامل» بهذه المجازر.. فقد ندد أوباما في بيان صدر أول من أمس «بالأحداث المروعة» التي عاشها الأرمن، لكنه تجنب وصفها بـ«الإبادة» على الرغم من دعوته إلى استخدام هذا التوصيف خلال حملته الانتخابية عام 2008. وقال أوباما في بيانه: «تمسكت دائما برأيي الشخصي بشأن ما حدث عام 1915 ووجهة نظري حيال هذه الأحداث لم تتغير». وأكد أن «اعترافا كاملا وصريحا بالأحداث يصب في مصلحة الجميع».

وفي دعوة ضمنية لتركيا بالاعتراف بعمليات القتل، اعتبر أوباما أن «تاريخا متنازعا عليه من شأنه أن يزعزع استقرار الحاضر وأن يهين ذكرى الذين فقدوا حياتهم، في حين أن المصالحة مع الماضي ترسي أسسا متينة لبناء مستقبل مشترك آمن ومزدهر».

وردا على هذه التصريحات، رفض السفير التركي لدى الولايات المتحدة نامق تان هذه الانتقادات. وقال: «نشعر بعميق الأسف؛ لأن بيان أوباما بشأن أحداث 1915 يعكس رؤية سياسية من جانب واحد للتاريخ، وهي غير مطابقة للواقع ومغلوطة». وأكد أن هذه التصريحات «غير مقبولة».

من جهتها، عبرت جمعية الأرمن في الولايات المتحدة، التي تدعو إلى تعزيز العلاقات الأرمينية - الأميركية عن أسفها؛ لأن أوباما تجنب ذكر الإبادة في بيانه. وقالت: «ننتظر من الرئيس احترام التزاماته وتصريحاته». وأوضح مدير الجمعية براين أردوني أن «الكلمات تعني الكثير وبيان (السبت) عشية الفصح وذكرى الإبادة الأرمينية فرصة ضائعة للمساعدة في اندمال جروح الماضي التي ما زالت مفتوحة». وأضاف أن الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان استخدم هذه العبارة المثيرة للجدل. وتابع: «إن الإبادة ونفيها أمر مشين، وعلى الولايات المتحدة معالجة نتائج إنكار الإبادة عبر تأكيد هذه الحقيقة التاريخية التي لا جدال فيها».

كانت العلاقات بين واشنطن وأنقرة قد شهدت توترا في 2009 بعد أن أقرت لجنة في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يصف المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن إبان الحكم العثماني بـ«الإبادة»، مما أثار غضب أنقرة التي استدعت سفيرها في واشنطن.

جاء هذا بينما نزل نحو آلاف الأرمن إلى شوارع يريفان أول من أمس لمطالبة تركيا بالاعتراف بـ«الإبادة»، وذلك عشية الذكرى السنوية للأحداث. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية: إن المتظاهرين، وغالبيتهم من الشبان، شاركوا في التظاهرة التي دعا إليها الاتحاد الثوري الأرميني (داشناكتسوتيون) الحزب البارز في هذه الجمهورية في القوقاز، رفعوا لافتات كتب عليها «أرمينيا تطالب تركيا بالاعتراف». وشارك المتظاهرون في مسيرة حاملين شموعا للتوجه إلى نصب تذكاري على إحدى هضاب يريفان لضحايا المجازر. وقال النائب من حزب «داشناكتسوتيون» فاغان هوفانسيان: «تركيا سرقت أراضينا التاريخية ومعالمنا ومستقبلنا»، داعيا يريفان إلى رفض المعاهدات التركية الأرمينية.

ويتم إحياء ذكرى هذه المجازر الأرمينية يوم 24 أبريل (نيسان) من كل عام، تاريخ اعتقال أكثر من 200 مفكر وقيادي من الطائفة الأرمينية عام 1915 في القسطنطينية، والذي شكل بداية موجة مجازر وتهجير بحق الأرمن استمرت حتى 1917. ويعتبر الأرمن هذه المجازر حملة «إبادة» ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون أرميني، بينما تعترف تركيا بمقتل 300 إلى 500 ألف شخص، وتقول إن هؤلاء لم يسقطوا ضحية حملة إبادة جماعية بل بسبب الفوضى التي سادت في الأعوام الأخيرة من حكم السلطنة العثمانية. ووقعت تركيا وأرمينيا في 2009 بروتوكولات بعد وساطة سويسرية شكلت خطوة أولى على طريق إنهاء عقود من العداء بشأن المجازر التي وقعت إبان الحرب العالمية الأولى. وقال أوباما: «أدعم الخطوات الشجاعة التي يقوم بها أفراد في تركيا وأرمينيا لتعزيز حوار يؤكد تاريخهما المشترك»، مشيدا بمساهمة الأرمن الأميركيين. وأضاف أن «قلوبنا وصلواتنا مع الأرمن في كل مكان في ذكرى الذين عانوا، ونؤكد صداقتنا واحترامنا العميق للشعب الأرميني».