نائب وزير الخارجية الليبي: نحن الآن في مرحلة توثيق جرائم ارتكبتها قوات «الناتو»

اتصالات مكثفة لمسؤولي القذافي بحثا عن حل للأزمة.. وزعيم الثوار يحل ضيفا على الكويت

عناصر من قوات الثوار يحاصرون أحد المباني في مصراتة يعتقد أن بداخله عناصر من كتائب القذافي (أ.ف.ب)
TT

بينما كثف مساعدون للعقيد الليبي معمر القذافي ومسؤولون في الحكومة الليبية من وتيرة الاتصالات الهاتفية والشخصية مع روسيا واليونان والأمم المتحدة في محاولة منهم للترويج لعرض قدمه القذافي للثوار ورفضوه لوقف إطلاق النار، واصل المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الوطني الليبي، انتصاراته الدبلوماسية، حيث التقى أمس في الكويت أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

وتأتي هذه الزيارة عقب جولة قام بها عبد الجليل إلى كل من قطر وفرنسا وإيطاليا وهي الدول الثلاث التي اعترفت حتى الآن بالمجلس الوطني كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي وأسقطت شرعية القذافي.. بينما أعلن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي أن بلاده ستعترف رسميا خلال أيام بالمجلس الانتقالي، في إطار الدعم السياسي لليبيا.

وقال مصدر رسمي في الحكومة الليبية في بيان لـ«الشرق الأوسط»، إن الدكتور البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الليبي على اتصال مستمر يوميا بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في نيويورك التابع للأمم المتحدة.

واعتبر أن هذه الاتصالات تتركز حول الاستعداد لاستقبال وفد من هذا المكتب الأممي الذي كان من المفترض أن يبدأ أمس زيارة إلى ليبيا في إطار استكمال تنفيذ الاتفاق بين الجانبين الذي تم توقيعه يوم الأحد الماضي بطرابلس لتسهيل مهمة هذا المكتب في ليبيا.

وقالت وكالة الأنباء الليبية إن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أجرى أمس اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الليبي المحمودي تركز حول ما سمته بالعدوان الاستعماري الصليبي الذي يقترفه حلف «الناتو» على ليبيا، والتدخل السافر في شؤونها الداخلية بالمخالفة لقراري مجلس الأمن حول ليبيا.

وأوضحت الوكالة أن رئيس الحكومة الليبية عبر خلال الاتصال عن الشكر والتقدير للموقف الروسي المتضامن مع ليبيا، مثمنا عمق العلاقات الليبية - الروسية المتميزة في المجالات السياسية والاقتصادية. ونقلت عن المحمودي قوله إن هذا العدوان الغاشم يسعى إلى زعزعة الاستقرار في ليبيا وتحطيم بنيتها الأساسية والاستيلاء على ثرواتها، مؤكدا أن تمادي المعتدين في التلويح باستخدام الطائرات من دون طيار دليل على ذلك.

كما نقلت الوكالة عن وزير الخارجية الروسي تأكيده أن روسيا تقف مع الشعب الليبي، وأن ما صدر عنها من تصريحات سياسية يصب في هذا الاتجاه وكذلك التشديد على ضرورة التقيد بتنفيذ قراري مجلس الأمن وإدانة الخروقات التي يقوم بها حلف «الناتو» للشرعية الدولية، وتعريضه المدنيين للقصف.

وأشارت إلى أن لافروف عبر عن موقف روسيا الذي يركز على الحل السلمي واستعدادها للمساهمة في ذلك بإرسال مراقبين للتحقق من وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن روسيا أبلغت الأمم المتحدة بذلك.

وأكد وزير الخارجية الروسي، دعم بلاده لمبادرة الاتحاد الأفريقي وخارطة الطريق التي طرحتها اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى التي شكلها الاتحاد، وتأييد روسيا لوحدة ليبيا الوطنية ورفض محاولات تقسيمها، مثمنا قبول ليبيا للمبادرة الأفريقية ومستغربا كل من يرفضها. ورحب لافروف بمبادرة ليبيا بالسماح لمكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بمباشرة أعماله وتسهيل مهمته فيما يتعلق بالجانب الإنساني بموجب الاتفاق الذي وقعته ليبيا مع الأمم المتحدة. وقالت الوكالة أيضا إنه تم التأكيد خلال هذا الاتصال الهاتفي على المضي قدما في تنفيذ الإعلان الصادر عن ليبيا بوقف إطلاق النار، والالتزام بالمبادرة الأفريقية وخارطة الطريق المنبثقة عنها، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الروسي أبلغ المحمودي باستعداد روسيا لاستقبال مبعوث رفيع المستوى من ليبيا.

في المقابل قالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف ناشد المحمودي بتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وإنهاء الهجمات على المدنيين، حيث نقلت الوزارة في موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت عن لافروف قوله «إن القضية الأهم الآن هي وقف إراقة الدماء ومعاناة السكان المدنيين».

من جهته، أعلن خالد كعيم نائب وزير الخارجية الليبي، أن وزارته ستنظر تقريرا عن أرواح الضحايا والأضرار المادية التي سببها ما وصفه بقصف العدوان الاستعماري الغربي الصليبي على مناطق سرت، وغريان، والعزيزية، وطرابلس يوم أول من أمس، خاصة بعد دخول الطائرة الأميركية من دون طيار العمليات العسكرية.

وأكد كعيم مجددا في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة الليبية طرابلس على وجود عناصر أجنبية تقاتل مع العصابات الإرهابية، مشيرا إلى أن هناك مسلحين من حزب الله وحركة «أمل»، بالإضافة إلى عناصر من «القاعدة».

واستشهد كعيم بما نشرته إحدى الصحف العربية في هذا الصدد، لافتا إلى أن عدد عناصر «القاعدة» الذين تم إطلاق سراحهم سواء من السجناء السابقين في غوانتانامو أو من الذين شاركوا سابقا في القتال بالعراق وأفغانستان والشيشان، يزيد على 600 عنصر، وأن أسماءهم وأماكن وجودهم معروفة.

وأعلن أن ليبيا مستمرة في تقديم المعلومات عن وجود هؤلاء الأشخاص وأسمائهم وحتى الذين قتلوا منهم في العمليات، وذلك طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 1267. وانتقد كعيم ما سماه بالانتهاكات والاختراقات التي يقترفها المعتدون لقراري مجلس الأمن 1970، و1973، محذرا من قيام قوات التحالف الموجودة قبالة السواحل الليبية بمنع حركة سفن صيد وسفن تجارية ليبية خلال الأيام الماضية في انتهاك صارخ ومخالفة صريحة لقراري مجلس الأمن.

وبعدما اعتبر أنه ليست كل دول حلف «الناتو» التي تقوم بهذه الأعمال ولكن عدد محدود منها فقط، قال كعيم إن السلطات الليبية قامت بإبلاغ مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الانتهاك، إلى جانب اختراق آخر ارتكبته الحكومة الكندية بتجميد الأموال التي تخص الطلبة الليبيين الدارسين في كندا، مشيرا إلى أنه تم إخطار رئيس وزراء كندا بهذه المخالفة للقرار في رسالة رسمية من السفير الليبي لدى كندا، مضيفا: «وننتظر رد الحكومة الكندية على هذه الرسالة».

ودعا كعيم «بعض المنظمات والجهات الدولية إلى تحري الدقة في نقل الأخبار غير الدقيقة». وقال إن بعض المنظمات والجهات تستمر في إطلاق دعاوى وأخبار غير دقيقة، حيث كانت ليبيا قد وافقت على استقبال وفد من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، سيصل إلى طرابلس يوم 27 من الشهر الحالي، وسيكون بإمكانه الاطلاع على جميع الحقائق لأن لدينا معلومات بأن هناك جرائم حرب ارتكبتها العصابات الإرهابية، وارتكبتها قوات «الناتو»، وبالتالي نحن الآن في مرحلة توثيق لتلك الجرائم، وأيضا هناك بعض المعلومات غير الموثوقة التي تسلمتها اللجنة أثناء زيارتها لمصر.

وكشف نائب وزير الخارجية الليبي النقاب عن أن محمد الزوي أمين مؤتمر الشعب العام (رئيس البرلمان الليبي)، قام بتوجيه رسائل إلى أعضاء مجلس العموم البريطاني، والكونغرس الأميركي، والجمعية الوطنية الفرنسية، حول ما سماه بالانتهاكات والاختراقات التي تقوم بها الدول الثلاث لقراري مجلس الأمن.

وأضاف: «هناك أمر آخر نأسف لحدوثه وهو عدم تجاوب عدد من المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وخاصة اليونيسيف التي تعتمد على معلومات من أطراف ثالثة وهي معلومات غير متحقق منها، وبالتالي نحن طلبنا منهم أن يأتوا إلى ليبيا ونحن على استعداد لإبداء أقصى درجات التعاون».

وتابع كعيم أن المنظمة غير الحكومية التي تسمى «محامون بلا حدود» تقول إن هناك جرائم حرب على أيدي القوات المسلحة الليبية وذلك اعتمادا على معلومات موجودة على موقع «يوتيوب» أو معلومات أرسلت من الخارج لم يتم التحقق منها.

وفيما يتعلق بالوضع في مدينة مصراتة، قال كعيم إن القوات المسلحة الموالية للعقيد القذافي لم تنسحب من المدينة، ولكنها أوقفت العمليات فيها، لأن شيوخ القبائل والفعاليات المحلية في منطقة مصراتة بكاملها، قرروا القيام بإعادة الحياة في المدينة إلى سابق وضعها الطبيعي، وإن هذا العمل مستمر منذ أول من أمس، وهم على تواصل مع قوات الشعب المسلحة على حد تعبيره.

وأضاف أن «هذه القبائل ستطلب من العصابات المسلحة إبعاد المقاتلين الأجانب فورا ومغادرة المدينة أو تسليمهم إلى قوات الشعب المسلحة، وبالنسبة إلى الليبيين فبإمكانهم الاستفادة من قانون العفو».. لكنه لفت إلى أن الخيار الآخر أمام شيوخ القبائل وفعالياتها ما زال مطروحا، وهو التدخل العسكري لتحرير مصراتة، مضيفا «غدا أو بعد غد ستكون هناك اجتماعات متواصلة بين شيوخ القبائل وفعالياتها»، وهذا سيعطي فرصة لمن وصفهم بالعصابات الإرهابية لإعادة التفكير في الوضع الإنساني بمصراتة، وحتى تتمكن القوافل الإنسانية التي تم إرسالها من الوصول إلى الأحياء التي لا تزال توجد فيها. وعبر كعيم عن تمنياته بنجاح شيوخ القبائل وفعالياتها في الوصول إلى حل سلمي، وأن يجنب ذلك وقوع اشتباكات بين هذه العصابات وبقية سكان مدينة مصراتة الذين لن يسكتوا على هذا الوضع الذي أوقفت فيه مجموعة قليلة من العصابات المسلحة مع بعض المقاتلين الأجانب، الحياة في المدينة.