البيت الأبيض: ندرس عقوبات ضد الحكومة السورية

تكهنات بأن تشمل تجميد أرصدة مسؤولين سوريين

صورة إحدى الدبابات السورية أثناء دخولها إلى مدينة درعا كما التقطها أحد الناشطين بجواله أول من أمس (رويترز)
TT

أعلن البيت الأبيض أمس أنه يدرس فرض عقوبات ضد الحكومة السورية، لكنه لم يقدم تفاصيل. وقال تومي فيتور، المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض، إن إدارة أوباما «تدرس مجموعة من الخيارات السياسية الممكنة بما في ذلك عقوبات محددة، وذلك لتوضيح أن إجراءات الحكومة السورية غير مقبولة».

وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «نظرا لاستخدام العنف الفاحش ضد المتظاهرين المسالمين في سورية، تدرس الولايات المتحدة مجموعة من الخيارات بشأن كيفية الرد».

ورفض المسؤول الحديث عن تفاصيل هذه الخيارات.

وقال مسؤول أميركي لـ«رويترز» إن الإجراءات قد تتضمن تجميد الأموال وحظر التعاملات التجارية في الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يصدر ذلك في صورة أمر تنفيذي يوقعه الرئيس باراك أوباما.

ولكن لم يصدر قرار نهائي بعد بشأن التوقيت المحدد لمثل هذه الخطوة. ولم تصدر على الفور تصريحات بشأن ما إذا كان الرئيس السوري ضمن من تستهدفهم العقوبات اتساقا مع ما تنادي به جماعات حقوق الإنسان.

ومن شأن فرض عقوبات أن يمثل تصعيدا للرد الأميركي على جهود الأسد لسحق انتفاضة مستمرة منذ شهر ضد حكمه المطلق المستمر منذ 11 سنة.

واقتصر رد أوباما حتى الآن على التصريحات الشديدة اللهجة ولكنه لم يتضمن أي إجراء ملموس يذكر ضد الحكومة السورية في تباين مع دور واشنطن في الحملة الجوية التي ينفذها حلف شمال الأطلسي على قوات الزعيم الليبي معمر القذافي.

وتضع واشنطن في حسبانها قدرتها المحدودة على التأثير على دمشق التي تربطها علاقات وثيقة بإيران كما تلزم واشنطن الحذر بشأن أي تدخل عسكري آخر في العالم الإسلامي الذي تخوض فيه حربين بالفعل في العراق وفي أفغانستان.

وقال أوباما في بيان يوم الجمعة إن القمع الدموي للمحتجين في سورية ينبغي أن ينتهي الآن واتهم دمشق بطلب مساعدة من إيران لقمع الشعب السوري.

وقال تومي فيتور المتحدث باسم البيت إن دعوة الشعب السوري لحرية التعبير والتنظيم والتجمع السلمي والقدرة على اختيار زعمائهم بحرية ينبغي الإصغاء إليها.

وقالت مصادر أميركية إن الرئيس الأميركي باراك أوباما يستعد لفرض عقوبات من جانب واحد على كبار المسؤولين في النظام السوري، ويتوقع أن تشمل الرئيس بشار الأسد وشقيقه وصهرهما.

وقالت المصادر الأميركية إن خبراء قانونيين في البيت الأبيض يعملون على صياغة أمر تنفيذي من شأنه أن يجمد أرصدة هؤلاء المسؤولين، ومنعهم من التعامل مع أي شخص في الولايات المتحدة. واعترف مسؤول أميركي بأن العقوبات الأميركية «سيكون لها تأثير ضئيل» على نظام الرئيس بشار الأسد، لأن أرصدة القادة السوريين وممتلكاتهم في الولايات المتحدة قليلة جدا. لكن، المسؤول قال إن العقوبات «ستزيد الضغط على دول في أوروبا»، حيث يعتقد أن الأسد ومساعديه يملكون أصولا كبيرة.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن تدهور الأوضاع في سورية، بالإضافة إلى تصريحات عدد من أعضاء الكونغرس البارزين، مثل السيناتور جوزيف ليبرمان والسيناتور لندسي غراهام، جعلت الرئيس أوباما يعيد النظر في الاكتفاء ببيانات الإدانة والاستهجان. وأن أوباما لم يعد يقتنع بالرأي الذي يقول إن الأسد يقدر على إجراء الإصلاحات التي وعد بها مرات كثيرة، وإن الولايات المتحدة يمكن أن تراهن عليه، وإن المشكلة هي في الذين يحيطون به، وليس هو شخصيا.

وكان الأسد قال في بداية السنة لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن «وقت الإصلاح قد حان».

وأشار المراقبون إلى انه، إذا تريد الولايات المتحدة فرض عقوبات على سورية، سيكون نهجها مشابها للذي اتخذته ضد ليبيا وسط حملة العقيد معمر القذافي.

وأشاروا إلى أن منظمات حقوق إنسان أميركية وسورية كانت طلبت من الرئيس أوباما وضع قائمة مقاطعة، فيها الرئيس الأسد، وشقيقه الأصغر، ماهر الأسد، الذي يرأس وحدة من الجيش من القوات الخاصة يعتقد أنها تلعب دورا كبيرا في الحملة العنيفة ضد المتظاهرين. وأيضا صهرهما آصف شوكت، نائب قائد الجيش السوري.

في غضون ذلك دعت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سورية أمس لكبح جماح قواتها الأمنية والتحقيق في التقارير عن مقتل نحو مائة شخص في مطلع الأسبوع.

وحثت بيلاي أيضا الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته على تنفيذ الإصلاحات التي وعدوا بها والإفراج عن الناشطين والسجناء السياسيين المعتقلين.

وقالت بيلاي وهي قاضية سابقة في محكمة جرائم الحرب الدولية في بيان إن الخطوة الأولى الآن هي الامتناع فورا عن استخدام العنف ثم إجراء تحقيق كامل ومستقل في عمليات القتل بما في ذلك مزاعم عن قتل ضباط من الجيش والأمن وتقديم الجناة للعدالة.

وقالت بيلاي إن تعامل الحكومة مع الاضطرابات كان متقلبا في ظل إصلاحات ورقية أعقبتها حملات عنيفة على المحتجين. وأضافت: «بعد أيام قليلة من إعلان إصلاحات شاملة ومهمة نشهد مثل هذه الاستهانة بالحياة الإنسانية من جانب قوات الأمن السورية. لا بد من وقف أعمال القتل على الفور».

وذكرت بيلاي أن الأسد كان قد أمر قوات الأمن بعدم اللجوء للعنف ضد المتظاهرين لكن الأيام القليلة الماضية لم تشهد سوى الإسراف في استخدام القوة.

وتابعت أن الحكومة لديها التزام قانوني دولي بحماية المتظاهرين السلميين وحق التظاهر السلمي وقالت إنه تم إلقاء القبض على عشرات من المحتجين والناشطين والصحافيين. وطالبت بضرورة الإفراج عنهم والسماح لهم بالعمل دون خوف من انتقام أو اعتقال.

وذكرت بيلاي أنها دعت خلال اجتماع لها مع دبلوماسيين سوريين الأسبوع الماضي الحكومة إلى اتخاذ خطوات إضافية وإصلاح القوانين التي تعرقل الحريات الأساسية.

وأضافت: لكن العنف والقمع المتواصل للنشطاء يبين إما أن الحكومة غير جادة بشأن تلك الإصلاحات أو أنها عاجزة عن السيطرة على قواتها الأمنية. وقالت إنه لا يمكن ترك العنان لعناصر الأمن ليعيثوا في الأرض فسادا ولا بد من محاسبتهم على أفعالهم.

وتابعت: أحث بقوة الرئيس الأسد وحكومته على الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الموعودة لاستعادة ثقة الشعب.