محافظ نينوى: حكومة المالكي تستفز أهالي محافظتنا خشية على مصالحها

أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط»: تظاهرت مع الناس إيمانا بمطالبهم المشروعة

أثيل النجيفي («الشرق الأوسط»)
TT

وصف أثيل النجيفي، محافظ نينوى، ما يجري في مدينة الموصل، مركز المحافظة، بأنه «صراع كبير بين إرادة شعبية كانت مغيبة وبدأت تعود لتفرض رأيها ووجهة نظرها السياسية عبر أساليب سلمية وتمارس حقها في المظاهرات والاعتصامات بما يكفله الدستور العراقي، وبين قوات عسكرية، أمنية، تابعة لقيادة عمليات نينوى تريد أن تقمع الناس وتمنعهم من التعبير عن إرادتهم وآرائهم».

وقال النجيفي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في الموصل (شمال العراق) أمس، إن «الناس خرجوا في مظاهرات سلمية في ساحة مؤمنة ومسيجة بسور ومغلقة ولها بوابة ويمكن تفتيش الداخلين والخارجين إليها ومنها ووجودهم لا يؤثر على حركة السير أو نشاطات المدينة التجارية أو غيرها، لكن القوات الأمنية التابعة لقيادة عمليات نينوى منعت المتظاهرين من الدخول إلى الساحة بالقوة وأطلقت الرصاص الحي في الهواء لإخافة الناس وتواجهت معهم على الرغم من أن المظاهرة سلمية والمتظاهرين لم يحملوا أي سلاح، وإن كل مطالبهم كانت تتلخص في رحيل القوات الأميركية وعدم التمديد لبقائها وإطلاق سراح المعتقلين وتحسين الخدمات»، مشيرا إلى أن «المواجهات التي اتسمت بالعنف من قبل القوات الأمنية تسببت في جرح أكثر من ثلاثين شخصا حيث لا يذهب الجرحى إلى المستشفيات الحكومية خشية إلقاء القبض عليهم من قبل القوات الأمنية باستثناء الذين حالاتهم خطرة».

وكان أثيل النجيفي أول محافظ في العراق يترك مكتبه في مبنى المحافظة ويعتصم مع المتظاهرين تأييدا لمطالبهم، وقال «أنا واحد من هؤلاء المواطنين ومؤمن بشرعية مطالبهم بغض النظر عن منصبي، خاصة أن آلافا من المتظاهرين جاءوا من جنوب وغرب ووسط وشرق وشمال العراق وبينهم العشرات من شيوخ العشائر الذين اعتقلت القوات الأمنية غالبيتهم».

وعبر النجيفي الذي كان قد حصل على أعلى الأصوات في انتخابات مجالس المحافظات عن قائمة الحدباء، عن اعتقاده بأن «الأحداث في محافظتنا تبدو بالنسبة إلينا كحكومة محلية مفتعلة من قبل الأجهزة الأمنية وبصورة خاصة قيادة عمليات نينوى التابعة لنوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، إضافة إلى كونه رئيسا للوزراء»، معللا ذلك بـ«كون الحكومة باتت تخشى استمرار المظاهرات والاعتصامات في ثاني محافظة عراقية من حيث تعداد السكان (5 ملايين و250 ألف نسمة) حيث تهدد هذه المظاهرات مصالحها ولا تخدمها». وحول صلاحيات مجلس المحافظة والمحافظ في الموضوع الأمني ووجود القوات العسكرية في المحافظة، قال النجيفي «هناك تجاوز واضح للقوانين وخرق كبير للدستور، فأنا باعتباري محافظ نينوى أترأس اللجنة الأمنية التي تنسق مع قادة الأجهزة الأمنية أوضاع المحافظة، وأن أي قرار يتعلق بالجانب الأمني يجب أن يتخذ من قبل اللجنة الأمنية لكن قادة القوات الأمنية يعملون وحدهم ودون العودة سواء إلى المحافظة أو مجلسها المنتخب، ولا يستمعون للآخرين ويتعمدون استفزاز الأهالي»، منوها إلى أن «الأوضاع في نينوى كانت هادئة جدا خلال المظاهرات وفجأة هاجمت القوات الأمنية المتظاهرين وأطلقت النار، وهذا ما أجج الأوضاع سلبيا».

واعتبر محافظ نينوى «تعيين مدير لشرطة المحافظة من قبل وزارة الداخلية دون الرجوع إلى رأي المحافظة مخالفة قانونية وخطوة استفزازية من شأنها أن تزيد من الاحتقان الأمني، لهذا أصدرت محافظتنا قرارا بعدم التعامل مع مدير الشرطة الجديد وحملنا المدير الجديد للشرطة مسؤولية أي أحداث في المحافظة نتيجة وجوده غير القانوني»، موضحا أن «مدير شرطة المحافظة يتم اختياره حسب القانون من قبل المحافظة التي ترشح 5 أشخاص وتحيل الترشيح إلى مجلس المحافظة الذي يختار منهم 3 ويحيل الأسماء المرشحة إلى وزارة الداخلية التي بدورها تختار أحد المرشحين، لكن ما حدث هو أن الحكومة في بغداد فرضت على المحافظة مديرا للشرطة ينحدر من مدينة العمارة، وفي اعتقادي أنه ينتمي إلى حزب الدعوة (حزب المالكي)»، معتبرا هذا التعيين «محاولة استفزازية أخرى بهدف دفع المحافظة نحو الفوضى».

وردا على تبرير الحكومة العراقية بأن وجود مدير الشرطة في المحافظة جاء كتكليف وليس كتعيين، قال النجيفي الذي يحمل شهادة في القانون إضافة إلى كونه مهندسا «إن هذه الطريقة تعتمدها الحكومة لخرق القوانين، وبدلا من اتباع الأسلوب القانوني بتعيين مدير الشرطة المرشح من قبل المحافظة تقوم الحكومة بفرض شخص مرغوب من قبلها على المحافظة تحت باب التكليف غير القانوني أصلا»، منبها إلى أن «غالبية قادة الجيش العراقي تم تكليفهم ليكونوا مديري شرطة في المحافظات خلافا للقانون الذي يصر على عرض مديري الشرطة المعينين على أعضاء البرلمان، وهنا تجاوز حتى على أعضاء مجلس النواب العراقي».

وعن حقيقة الأنباء التي تحدثت عن خروج مظاهرة في مدينة الموصل تؤيد المالكي، قال النجيفي «أستبعد جدا وأستغرب للغاية خروج مثل هذه المظاهرة، إذ لا يوجد من يؤيد المالكي في محافظتنا حتى على عدد أصابع اليد الواحدة، إلا إذا ألبسوا أفراد القوات العسكرية ملابس مدنية وأنزلوهم للشارع كمؤيدين لرئيس الوزراء، وأؤكد أنه لا مكان لـ(دولة القانون)، وليس هناك من يؤيد المالكي، وهذا ما أثبتته الانتخابات التشريعية الأخيرة على الرغم من الأموال والجهود التي بذلت من قبل قائمة رئيس الوزراء».

وفيما يتعلق بجدية مطالب البعض بتحويل منطقة سهل نينوى إلى محافظة للمسيحيين منفصلة عن نينوى، قال المحافظ النجيفي «هذه مطالب غير جدية وليست منطقية ولن تتحقق، ومن أطلقها أبعد ما يكون عن واقع المحافظة، وسهل نينوى معروف بتعايش سكانه من مسيحيين ومسلمين وشبك والغالبية العظمى هي من العرب، ولم نسمع من المواطنين هناك أي مطالب من هذا النوع». ووصف النجيفي «المفاوضات بين قائمته (الحدباء) والقائمة المنافسة (نينوى المتآخية) ذات الغالبية الكردية بأنها متوقفة حاليا على الرغم من وجود تعاون بين القائمتين في الوحدات الإدارية في المناطق التي تقع عند أطراف نينوى ومناطق إقليم كردستان»، مشيرا إلى أن «القيادات السياسية لقائمة (نينوى المتآخية) تطرح علينا أولوية مناقشة موضوع المناصب قبل أن نبدأ الحوار والتعاون، بينما نحن لا يهمنا هذا الموضوع ولا نبحث عن المناصب، بل يهمنا ما نقدمه من خدمة للناس».

وفي رده على سؤال عما إذا كان محافظ نينوى يدفع ثمن خلافات المالكي مع شقيقه أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب أم لا، قال أثيل النجيفي «لا أدري إن كان شقيقي يدفع ثمن اختلافنا مع الحكومة أو العكس! فالمهم أنه ليس هناك أي جانب شخصي في الموضوع، فنحن سواء كان السيد رئيس مجلس النواب أو أنا وغيرنا من الوطنيين، همنا خدمة الناس والبلد ولا هم لنا غير ذلك».