اليمن: صالح يدعو الشباب إلى الابتعاد عن «المتمردين والمخربين».. وتشكيل حزب سياسي

قتلى وجرحى خلال مظاهرات في تعز وإب.. والسلفيون ينضمون إلى «الثورة»

الشرطة تستخدم خراطيم المياه لتفريق محتجين يطالبون بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح في مدينة تعز الجنوبية أمس (رويترز)
TT

قال الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، إن على الشباب في بلاده عدم الانضمام إلى من وصفهم بـ«عناصر التمرد والتخريب»، هذا في وقت سقط، أمس، قتلى ومئات الجرحى والمصابين في قمع مظاهرات تطالبه بالتنحي الفوري، خرجت في شوارع مدينتي تعز وإب بوسط البلاد، وتزامنت التطورات الأمنية مع تصعيد «شباب الثورة» من احتجاجاتهم في جميع ساحات الاعتصام بالمحافظات اليمنية.

ودعا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح «جميع الشباب إلى الانضمام إلى صف الثورة والجمهورية والحرية والوحدة والديمقراطية»، وليس إلى من وصفهم بـ«عناصر التمرد والتخريب»، والتقى صالح، أمس، بعدد من المعتصمين في «مخيم شباب الوطن» المؤيد له، وقال لهم: «نشكر لكم مشاعركم الطيبة والجهود التي تبذلونها»، وأضاف: «لا لعناصر الفوضى والتآمر وقطاع الطرق وقتل النفس المحرمة.. نعم لثورة الشباب، ثورة سبتمبر وأكتوبر والـ22 من مايو.. لا ثورة الفوضوية».

ونقلت مصادر رسمية عن بيان لأفراد المخيم أكدوا فيه «يقظتهم لما يحدث في الساحة اليمنية من اختلالات تتمثل في الزوابع والتخريب للمصالح العامة والخاصة، وعرقلة مسيرة البناء والتنمية تحت مسمى (ثورة الشباب)، والشباب منها براء»، وقال البيان: «في حقيقة الأمر إن ما يحدث من تأليف وإخراج أحزاب اللقاء المشترك بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص بهدف الانقضاض على السلطة عن طريق الانقلاب على الشرعية الدستورية»، وأضاف: «نحن شباب اليمن المعتصمون الذين تقاطرنا من جميع محافظات الجمهورية نبرأ من تلك المؤامرات المنفذة لأجندات معادية لليمن، وقد كانت مطالبنا في بداية اعتصاماتنا واضحة، ولا تزال تتمثل في الحصول على وظائف للخريجين وأن تكون الأولوية لذوي الكفاءات بغض النظر عن المسميات الشخصية أو القروية أو القبلية أو الحزبية».

وكان الرئيس صالح قد أكد في مقابلة أجرتها معه، أول من أمس، قناة «بي بي سي» استعداده للتخلي عن السلطة عبر صناديق الاقتراع، ومن خلال لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء، وقال صالح: «نحن ندعو الشباب للحوار، ندعوهم لنحقق لهم مطالبهم، ندعوهم إلى أن يشكلوا حزبا سياسيا». وأوضح صالح أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يريدون منه تسليم السلطة، وأضاف متسائلا: «أسلمها إلى من؟! إلى انقلابيين؟!». وأضاف أن نقل السلطة يجب أن يتم عبر صناديق الاقتراع، من خلال لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء، مؤكدا استعداده لقبول مراقبين دوليين، قائلا: «نتمسك بالشرعية والدستور ولن نقبل بالفوضى الخلاقة».

وفي إجابة على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان صالح قد تخلى عن قبوله للمبادرة الخليجية عندما أكد على ضرورة الذهاب للانتخابات، قال عبد الحفيظ النهاري، رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام الحاكم، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن: «إن الرئيس متمسك بالمبادرة الخليجية التي قبلها وقبلها المؤتمر الشعبي العام، وهو عندما أكد على ضرورة تسليم السلطة عن طريق الانتخابات فهو يعني الانتخابات الرئاسية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية، التي يفترض حال التوقيع على المبادرة أن تجري خلال ستين يوما من استقالة الرئيس»، وقال النهاري: «إن أحزاب المعارضة ممثلة باللقاء المشترك يراهنون على حدوث (كوارث أمنية) لاستثمارها سياسيا في الفترة المقبلة، وللهروب من استحقاق الانتخابات التي تنص عليها المبادرة الخليجية»، وأضاف: «إنهم (المعارضة) يريدون المشاركة في الربح وليس في الخسارة، بمعنى أنهم يريدون الحصول على السلطة دون تحمل تبعاتها».

وشهدت بعض المحافظات اليمنية، أمس، جولة جديدة من «الاعتداءات» التي طالت المتظاهرين، فقد قتل متظاهر في محافظة إب وآخر في البيضاء، وسقط عشرات الجرحى ومئات المصابين جراء استنشاق الغازات السامة، وقال شهود عيان ومصادر طبية في تعز إن أكثر من 250 شخصا تعرضوا للاختناقات، وأكثر من 50 آخرين جرحوا جراء استخدام الرصاص الحي والأسلحة البيضاء والهراوات والحجارة، وحاصرت قوات الأمن والبلطجية «المتظاهرين في (جولة سوفيتل) بتعز من عدة جهات، وقاموا بمهاجمتهم، وقالت المصادر إن الحرس الجمهوري قام باختطاف سيارة إسعاف واعتقال العشرات بينهم جرحى، وقال الشهود إن الشبان المتظاهرين مزقوا صور الرئيس علي عبد الله صالح المرفوعة في بعض المناطق والشوارع بتعز، وفي إب أحرق متظاهرون سيارة أحد مطلقي النار على زملائهم، وقد اتهمت مصادر في المعارضة اليمنية الرئيس صالح بـ«التحريض في خطاباته على قتل شعبه من المتظاهرين».

وخرجت مسيرات ومظاهرات حاشدة في الحديدة وإب وتعز والبيضاء وصنعاء وعدن وصعدة وغيرها من المحافظات وهي تهتف بمطلب واحد وهو الرحيل الفوري للرئيس علي عبد الله صالح وأبنائه وأبناء أشقائه عن الحكم، وترفض منحه حصانة من الملاحقة القضائية والقانونية بعد تنحيه عن الحكم، وقد دخل السلفيون على خط الحركات والكيانات المطالبة برحيل النظام، فقد أعلن، أمس، في «ساحة التغيير» بصنعاء عن تشكيل تكتل تحت اسم «رابطة شباب النهضة والتغيير»، وأكد بيان صادر عن الحركة السلفية على «شرعية الثورة القائمة في بلادنا ضد الظلم والطغيان والفساد للسعي لإزالته بكل الطرق المشروعة والسلمية»، وأشاد بدور الشباب اليمني في كل الساحات، وأعلن وقوف السلفيين مع مطالب الشباب من أجل «مستقبل أفضل لليمن»، وشكلت الرابطة هيئة استشارية تضم عددا من رموز التيار السلفي في الساحة اليمنية.

إلى ذلك، دانت الكتل البرلمانية لأحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة والمستقلين والأحرار في مجلس النواب اليمني (البرلمان)، حادثة إطلاق النار التي تعرض لها منزل النائب عبده بشر، رئيس كتلة الأحرار التي انشقت عن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، من قبل مسلحين مجهولين في وقت متأخر من مساء أول من أمس، وانتقدت هذه الكتل التسيب الأمني في ملاحقة الجناة، وحملت السلطة المسؤولية الكاملة عن الحادث، الذي يعد الثاني من نوعه في غضون الأسابيع القليلة الماضية ويستهدف منازل برلمانيين انشقوا عن الحزب الحاكم.

في السياق ذاته، استدعت النيابة العامة القيادي في حزب الحق و«اللقاء المشترك»، حسن زيد، وذلك للتحقيق معه بتهمة «التحريض»، وكان الرئيس صالح هاجم زيد في خطابه الأخير دون ذكره بالاسم، ولكن لمح إلى أنه من «مخلفات الإمامة»، وقال إنه، في لقاء صحافي، حرض المتظاهرين على الاستيلاء على وزارة الخارجية والبنوك وغيرها من المؤسسات الحيوية المهمة، وجاء استدعاء زيد في ضوء شكوى تقدمت بها وزارة الداخلية اليمنية، وكانت المعارضة أعلنت أن القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني، محمد غالب أحمد، والناطق باسم اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، محمد الصبري، تلقيا تهديدات بـ«التصفية الجسدية» من رقم هاتف جوال، نشرته وطالبت السلطات بالتحقيق في الواقعة.

وفي الوقت الذي ما زالت فيه المبادرة الخليجية تثير جدلا في الشارع اليمني لعدم نصها على التنحي الفوري للرئيس صالح عن السلطة، ومنحها له ومن معه من أركان نظامه حصانة من الملاحقة القانونية، فإن القيادي السابق في حزب المؤتمر الشعبي العام، الدكتور محمد عبد المجيد قباطي، يعتقد أن الجانب الإيجابي الوحيد في المبادرة هو أنها نصت على تنحي صالح خلال شهر واحد، وأكد أن على «السياسيين أن يستمروا في التفاوض وأن يبدوا تفاعلا وأن يتعاطوا مع أي مبادرة تأتي من الجوار الإقليمي، وبالذات من مجموعة لها ثقلها، مثل مجلس التعاون الخليجي»، وأشار إلى أن الهدف من ذلك هو «إحراج النظام بالإقرار بهذا المبدأ وبقبول هذه المسألة المفصلية، أي تنحي الرئيس ورحيله خلال شهر».