تركيا تدعو سورية لـ«الاحتكام إلى الحوار لا السلاح».. وموفد أردوغان في دمشق اليوم

كبير مستشاري غل لـ«الشرق الأوسط»: يجب عدم إضاعة الوقت وبدء الإصلاحات فورا

TT

أعلنت تركيا صراحة «انغماسها» الكامل في الملف السوري، مع اقتراب التهديد من حدودها الجنوبية التي ارتفعت فيها درجة التأهب تحسبا لانضمام أكراد سورية إلى موجة الاحتجاجات الجارية في البلاد، والتي ستكون اليوم بندا أول على جدول اجتماع مجلس الأمن القومي التركي في أنقرة، والذي سيشارك فيه سفير أنقرة في دمشق عمر أونهون الذي سيضع المجتمعين في أجواء الوضع السوري ومحادثاته مع كبار المسؤولين.

ويصل إلى دمشق اليوم وفد يمثل رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان للقاء المسؤولين السوريين ووضعهم في «حقيقة الموقف التركي» كما قالت مصادر في رئاسة الوزراء التركية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن أردوغان - الذي تحدث مع الأسد هاتفيا أول من أمس - سيكرر دعوته الأسد إلى تطبيق الإصلاحات ووقف العنف «والإعراب عن المخاوف والقلق الشديدين من طريقة التعاطي مع الأحداث الأخيرة»، معتبرا أن رفع حال الطوارئ في البلاد غير كاف، فيما قال كبير مستشاري الرئيس التركي عبد الله غل، إرشاد هورموزلو، لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده مستعدة لمساعدة القيادة السورية في المجالات التي يمكنها المساعدة فيها، محذرا من أن «استمرار القمع وسفك الدماء من شأنه تهديد علاقات سورية مع المجتمع الدولي برمته، وليس فقط تهديد العلاقات مع تركيا».

وقال هورموزلو إن تركيا «تؤيد الإصلاح السياسي، ليس في سورية وحدها، بل في كل مكان هناك حاجة فيه للإصلاح»، معتبرا أن «المسارعة في تطبيق الإصلاحات أمر مهم جدا لأن عامل التوقيت أساسي، ولهذا يجب البدء في تطبيقها فورا ومن دون أي تأخير أو إضاعة للوقت». وأضاف «نحن مهتمون جدا بوقف سفك الدماء وعدم الاستعمال المفرط للقوة»، مشيرا إلى أنه «إذا كان ثمة أجندات خفية لدى بعض المحتجين، فهؤلاء يمكن فرزهم بسهولة، لكن المطالب السلمية للناس يجب أن تتحقق». ورأى أن «جميع المسائل - سواء في سورية أو في أي مكان آخر - يجب أن تحل عبر الحوار، والحوار في الحالة السورية مهم جدا، والاحتكام إليه هو المخرج السليم للأزمة لا الاحتكام إلى العنف والسلاح».

وإذ شدد على أن استمرار الأزمة في سورية سيؤثر على علاقاتها بتركيا كما على علاقاتها بالمجتمع الدولي، أكد أن بلاده مستعدة للعب دور في هذا المجال عبر تقديم الخبرات والنصائح، آملا أن يتم تطبيق الإصلاحات المطلوبة في أقرب فرصة، وأن يسود منطق الحوار. ونفى هورموزلو أن تكون التحركات التي تقوم بها المعارضة السورية في تركيا هي «رسائل تركية»، قائلا إن بلاده «دولة مؤسسات تضمن وتحمي حرية التعبير»، مشيرا إلى أن «تحركات المجتمع المدني التركي ليست بالضرورة تمثل الحكومة التركية، ولا حتى الشارع، وأي جهة أخرى يجب ألا تنزعج من هذا الموضوع».

ويأتي التحرك التركي الجديد بعد محادثات هاتفية أجراها رئيس الوزراء التركي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، بالإضافة إلى زيارة سرية قام بها ليون بانيتا رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) أواخر الشهر الماضي. وقالت جريدة «صباح» التركية إن مباحثات مهمة جرت بين بانيتا والحكومة التركية تمحورت حول الاضطرابات والانتفاضات العربية، وآخرها تلك التي تشهدها سورية. وقالت الصحيفة إن بانيتا زار أنقرة أواخر مارس (آذار) الماضي، وظل فيها 5 أيام كاملة، أجرى خلالها مباحثات مع رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، ولقاءات مع مسؤولين في الحكومة التركية ورئاسة الأركان العامة، وإن البحث تطرق خلالها إلى عدد من المواضيع بينها الوضع في سورية على أنها دولة «على عتبة أزمة كبيرة».

وقال مصدر حكومي تركي رفض الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن «سورية لها الأولوية بالنسبة لنا وليست أي دولة عربية، لدينا علاقات مهمة معها وما يحدث هناك يقلقنا كثيرا». لكنه شكك في الوقت نفسه في إمكانية فرض الأمم المتحدة عقوبات على ما تطالب بعض الدول ومنها فرنسا. وقال إن «العقوبات لا تعطي دائما النتيجة المرجوة»، مشيرا إلى أن «تركيا تخشى تكاثر الثورات التي قد تنتج أنظمة مجهولة التوجهات، بعد أن عملت في السنوات الأخيرة على إقامة علاقات وثيقة مع القادة العرب.. وبالتالي فإن رحيل بشار الأسد سيعيد النظر في سياسة حسن الجوار مع سورية التي اعتمدتها أنقرة».

وكانت صحيفة «صباح» التركية قالت إن الاجتماع بين رئيسي الاستخبارات الأميركية والتركية، بحث «تأمين الحماية للأسد وعائلته في حال تغيير النظام»، مشيرة إلى أن «خطة تركيا للتعامل مع التطورات في سورية واحتمالات إخراج الأسد وعائلته من سورية وخطة تأمين هذا الخروج، حال سقوط النظام السوري، نوقشت أيضا خلال المباحثات». وقالت الصحيفة إن الجانبين التركي والأميركي أكدا أن الأوضاع في سورية دخلت مرحلة حرجة وستتجه إلى حالة من الفوضى الحادة، إذا فشل الرئيس السوري في اتخاذ خطوات حاسمة لتنفيذ الإصلاحات ووضع حد للفوضى والاضطرابات التي تشهدها سورية، أما بالنسبة لليبيا فوصف الجانب الأميركي الوضع هناك بأنه «أزمة».