تفجير محطة الغاز المغذية لخطوط التصدير إلى إسرائيل والأردن بسيناء

مسؤول أمني يرجح ضلوع أطراف خارجية.. وطوارئ في «الكهرباء» الإسرائيلية

نيران اللهب ترتفع من المحطة المغذية لخطوط تصدير الغاز الطبيعي المصري في منطقة السبيل بالقرب من مدينة العريش عقب تعرضها لتفجير أمس (أ.ب)
TT

فجر مجهولون في ساعة مبكرة أمس المحطة المغذية لخطوط تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل والأردن في شبه جزيرة سيناء، بينما استبعد محافظ شمال سيناء ضلوع أهالي المحافظة في العمل الذي وصفه بـ«التخريبي»، رجحت مصادر أمنية وقوف أطراف خارجية وراء الانفجار، الذي أثار ذعر السكان، وسمع دويه أهالي قرية السبيل (غرب العريش) والمناطق المجاورة لها. وقالت مصادر أمنية إن مجهولين نسفوا في ساعة مبكرة من فجر أمس المحطة المغذية لخطوط تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل والأردن مما أثر على حركة ضخ الغاز. وأكدت المصادر أن التفجير الذي وقع بالمحطة بمنطقة السبيل بالقرب من مدينة العريش نفذه مسلحون ملثمون قاموا باقتحام المحطة بعد السيطرة على حارس المحطة ووضعوا عبوات ناسفة أعلى أنبوب الغاز ثم لاذوا بالفرار.

وأشارت المصادر إلى أن السلطات المصرية أغلقت المصدر الرئيسي الذي يمد خط الأنابيب بالغاز بمدينة بورسعيد، وتم إغلاق جميع المحابس لمنع عمليتي دخول أو خروج الغاز من وإلى المحطة، كما تم إيقاف عمل محطة الكهرباء البخارية بالغاز، ووقف ضخ الغاز إلى المنازل والمنطقة الصناعية بوسط سيناء. وتمكن رجال الدفاع المدني وبمعاونة من قوات الجيش، من السيطرة على الحريق بعد جهد كبير.. وبحسب العاملين في المحطة: «تقدر الخسائر الأولية لتفجير المحطة بعشرات الملايين من الدولارات.. ولم يتم حصر الخسائر حتى الآن وهي غالبا في الأنبوب والمحطة وكميات من الغاز».

ورغم أن قوات الأمن المصرية لم تتمكن من القبض على أي من المشتبه فيهم، حيث هرب منفذو الهجوم إلى داخل صحراء شبه جزيرة سيناء.. فإن اللواء شريف إسماعيل مستشار الأمن القومي في محافظة شمال سيناء أعلن أن التحقيقات الأولية مع مجموعة من العاملين والقائمين على حراسة محطة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل والأردن أفادت بأن خمسة أفراد ملثمين مجهولين هم من قاموا بتفجير خط الغاز. وقال إسماعيل: «قام المسلحون الخمسة بمهاجمة الحارسين الموجودين في المحطة واقتادوهما تحت تهديد السلاح إلى خارجها، وقام ثلاثة منهم بوضع مواد متفجرة في داخل المحطة، ثم غادروها وقاموا بتفجيرها».. وعليه، انتشرت قوات من الجيش والشرطة العسكرية وبعض رجال الشرطة من الداخلية على مداخل ومخارج مدينة العريش والطرق الرئيسية لمحاولة القبض على المتهمين بعملية التفجير.

من جهته، وصف محافظ شمال سيناء اللواء عبد الوهاب مبروك الحادث بالـ«تخريبي»، مستبعدا أن يكون وراء ارتكابه أي عناصر بدوية من سيناء، موضحا أن محطة التجميع التي وقع بها الانفجار تقوم بتغذية أنبوبي الغاز المصدرين إلى الأردن وإسرائيل، فضلا عن أنها مسؤولة عن تغذية بعض مناطق بورسعيد بالغاز.

وبدوره، رجح مصدر أمني مسؤول وقوف أطراف خارجية وراء الانفجار تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار المصري، من خلال زرع الفتنة بين الحكومة وأبناء سيناء، خاصة أن الانفجار يأتي في أعقاب زيارة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري، واللواء منصور عيسوي وزير الداخلية إلى سيناء لبحث مشكلات أهالي سيناء والعمل على حلها.

وقالت مصادر إن وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية شكلت لجانا فنية عاجلة لحصر التلفيات التي وقعت بالخط وتقدير قيمتها وتحديد الفترة الزمنية اللازمة لإعادة تشغيل الخط.

وكان الخط تعرض في الخامس من فبراير (شباط) الماضي لهجوم شنه مجهولون مما تسبب في توقف ضخ الغاز لإسرائيل والأردن، في أثناء أحداث ثورة «25 يناير» التي استمرت 18 يوما، وأجبرت الرئيس حسني مبارك على التنحي. كما سبق استهداف نفس المحطة يوم 27 مارس (آذار) الماضي بوضع عبوات ناسفة بها إلا أنها لم تنفجر وتم تعطيل ماكينات ضخ الغاز فقط.

وفى الأردن أعلن مصدر مسؤول في وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية أن ضخ الغاز المصري إلى الأردن توقف تماما منذ وقوع الانفجار، لافتا إلى أن بلاده كانت تستقبل 150 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي المصري قبل الانفجار، وبالتالي فسيتم تحويل جميع محطات توليد الكهرباء في الأردن إلى العمل على الوقود الصناعي والديزل إلى أن يتم عودة ضخ الغاز المصري مرة أخرى.

وفي غضون ذلك، أطلق ائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية دعوة لمسيرات مليونية حاشدة يوم الجمعة الموافق الثالث عشر من مايو (أيار) المقبل، تضامنا مع الدعوة لانتفاضة فلسطينية ثالثة تبدأ في هذا اليوم، مطالبين فيه بوجود ضغط شعبي قوي في الفترة المقبلة على المجلس العسكري المصري لاتخاذ قرار يقضي بوقف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، وبغض النظر عن تعديل سعره، حيث تستخدمه إسرائيل في تشغيل مصانع السلاح المستخدم في الاعتداء على الفلسطينيين العزل. وحذر الائتلاف في بيانه، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، من مغبة التوجه بأعداد غفيرة إلى الحدود المصرية الفلسطينية لممارسة الاحتجاج، مشيرا إلى احتمالية قيام الجيش الذي يحمي الحدود بمنع المتظاهرين من العبور للأراضي الفلسطينية، مما قد ينقلب إلى صدامات بين الجيش والشباب.. الأمر الذي قد يصرف الجميع عن الهدف الأساسي من المظاهرات التي تتضامن مع الفلسطينيين.. كما طالب البيان بضرورة فتح الحدود المصرية أمام القوافل الغذائية والإنسانية والإغاثة، مشيرا إلى أن الائتلاف بصدد التنسيق مع القوى السياسية بشأن تجهيز عدة قوافل للمساعدات وإرسالها إلى غزة.

وطالب أيضا البيان بضرورة قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف لجنة من القانونيين المشهود لهم بالكفاءة والوطنية، بإعادة النظر في جميع بنود اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل بما يحمل توازنا في الحقوق والالتزامات بين الطرفين.. وحتى لا تطغى مصالح طرف على الآخر كما هو الحال الآن، بحسب البيان، الذي يرى أن المصلحة الإسرائيلية فيه مقدمة على المصالح المصرية بالبنود الحالية. وحذر البيان إسرائيل من الإقدام على أي خطوة من شأنها زعزعة الأمن القومي المصري أو اتخاذها المظاهرات في مصر كذريعة لأي عمل من شأنه المساس بالأمن القومي المصري، مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوة قد تكون بمثابة خطوة انتحارية للإسرائيليين. يأتي ذلك، فيما ذكرت تقارير إخبارية أن القناة السابعة الإسرائيلية قالت في أحد أنبائها إن «تل أبيب قد تقوم بالحفاظ على خطوط الأنابيب بطرق عسكرية، إذا لم تتم الحماية من قبل السلطات المصرية»، دون توضيح لتفاصيل.

كما تم إجراء بحث طارئ في اللجنة السباعية، التي تقود الحكومة الإسرائيلية في القضايا الاستراتيجية، عقب التفجير.. والتي خرجت باستنتاج أن الأوضاع في مصر تحتم التخلص من التبعية للغاز المصري ووضع خطة للاستغناء عن هذا الغاز في أقرب وقت ممكن، والإسراع في تفعيل آبار الغاز التي اكتشفتها إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط حتى تنتج الغاز قبل الموعد المقرر في سنة 2013. وكانت إدارة شركة الكهرباء الإسرائيلية قد عقدت اجتماعا طارئا لضمان أقل ما يمكن من تشويشات في تزويد الكهرباء للمدن الإسرائيلية، واتضح أن البحث عن بدائل للغاز المصري حاليا سيكلف 1.5 مليون دولار يوميا لاستمرار تزويد الكهرباء بشكل طبيعي في إسرائيل، علما بأن إسرائيل تعتمد بالكهرباء على الغاز الطبيعي بنسبة 45%، والغاز الطبيعي المصري يشكل 40% من هذا الغاز.

وقالت الشركة الإسرائيلية إن البدائل المطروحة ستكون إما من حقول الغاز الإسرائيلية أو من خلال مشتقات البترول، وهذه البدائل سوف ترفع التكلفة بشكل كبير، خاصة أن الغاز المصري - وفقا للاتفاقيات الموقعة - يصل إسرائيل بأسعار مخفضة. وقال وزير البنى التحتية الإسرائيلية، عوزي لانداو، إنه على إسرائيل أن تستعد لوضع يتوقف فيه تزويد الغاز المصري لإسرائيل.

وقد رفض لانداو، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، توجيه أي اتهام للسلطات المصرية بشأن هذا الانفجار، ولكنه قال خلال مؤتمر صحافي، أمس، إن إسرائيل وافقت بعد الانفجار الأول على طلب من القيادة المصرية الجديدة أن تدخل قوات عسكرية إلى سيناء، للمرة الأولى منذ توقيع اتفاقية «كامب ديفيد»، معللا ذلك بحماية اتفاقية بيع الغاز المصري لإسرائيل. ولكن هذا لم يمنع الناطقين الرسميين باسم الحكومة من اعتبار التفجير عملية إرهابية موجهة ليس فقط إلى مصر أو الدول الأخرى التي تضررت من التفجير (الأنابيب تزود الغاز الطبيعي أيضا للأردن ولبنان وسورية)، بل «بالأساس ضد إسرائيل».