انتشار ظاهرة التهديد بالقتل عبر الرسائل النصية في العراق

شركات الهاتف الجوال تتعاون مع الأمن لتعقب مرسليها

TT

عندما عاد إلى موطنه الأصلي كردستان في فبراير (شباط) للانضمام إلى حركة الاحتجاج المشتعلة، ظن الدكتور بشتيوان عبد الله، المتخصص في أمراض الدم والذي يعيش في أستراليا ويحمل أيضا جواز سفر عراقيا، أن المتظاهرين قد يواجهون معاملة قاسية من السلطات الكردية. فخلال الاحتجاجات الكثيرة على مدار الشهرين الماضيين، قامت قوات الأمن بفتح النار على المتظاهرين، مما أدى إلى مقتل نحو 10 أشخاص وإصابة العشرات، حسب تصريحات نشطاء حقوق الإنسان.

ومع ذلك، حدث ما لا يتوقعه الدكتور عبد الله وهو تلقي وابل من التهديدات الأكثر غرابة في هذا البلد: تهديدات بالقتل من خلال رسالة نصية. وصرح عبد الله أخيرا في مقابلة أجريت معه في بغداد، والتي فر إليها قادما من الشمال بعد عدة محاولات لاختطافه، «أتلقى أكواما من هذه الرسائل كل يوم». وقدر عدد التهديدات التي تلقاها منذ أواخر فبراير بنحو 300 تهديد، وأضاف أن هذه الرسائل عادة ما تقول: «سوف نقوم بقتل ذلك، أو سوف نقوم بحرق ذلك، مستخدمين لغة وقحة للغاية». ومن بين الرسائل القليلة التي يمكن طباعتها كان هناك رسالة تقول: «إذا عدت إلى أربيل مرة أخرى، فلن ترى سماءها الزرقاء ثانية».

وأصبحت التهديدات بالقتل عن طريق رسالة نصية أمرا شائعا بين المحامين والصحافيين والناشطين والمسؤولين الحكوميين لدرجة أن شركتي الهاتف الجوال في العراق، شركة «زين» وشركة «آسيا»، تعقد ترتيبات مع الشرطة والمحاكم للتحقيق في ذلك الأمر. وقال مازن الأسدي، ممثل عن شركة «زين»: «هناك قدر كبير من التعاون بين قوات الأمن والقضاء العراقي وشركة (زين) بهدف تبادل المعلومات».

ومع ذلك، لا يمكن تعقب معظم التهديدات، لأنه قد تم إرسالها من هواتف تم تدميرها بعد استخدامها أو بطاقات تم شراؤها من السوق السوداء. وقال عبد الستار البيرقدار، المتحدث باسم المحكمة العليا في العراق: «من المستحيل محاكمتهم».

وقال سامر المسقطي، وهو باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط لدى منظمة هيومان رايتس ووتش قام أخيرا بزيارة العراق: «لقد لاحظنا هذا منذ فترة، وهذا الأمر منتشر في جميع أنحاء العراق، ولكن يبدو أن الأمور تزداد سوءا، حيث يتلقى جميع منظمي الاحتجاجات ممن تحدثنا معهم والصحافيين كذلك هذه التهديدات عبر الهاتف ومن خلال الرسائل». وأضاف المسقطي أنه «كان من الشائع أن يظهر الصحافيون في العراق على شاشات التلفزيون يتحدثون عن موضوع مثير للجدل مثل الفساد، ثم تنهال عليهم هذه الرسائل بعد البرنامج». وذكرت منظمة العفو الدولية، على سبيل المثال، أن الكثير من الصحافيين في المنطقة الكردية تلقوا مثل هذه الرسائل، والتي تعتقد المنظمة أنها تأتي من مسؤولي أمن شاركوا في الهجمات على مؤسسات إخبارية. وتلقي مراسل قناة «كيه إن إن» التلفزيونية الفضائية والتابعة لحزب المعارضة الكردي «كوران»، رسالة نصية بعد تقرير للقناة حول نشاط منظمة العفو الدولية في العراق. وطلبت الرسالة من المراسل أن يتوقف عن عمله «وإلا فإن النتيجة ستكون كارثية».

* خدمة «نيويورك تايمز»