قبائل الشرق والغرب الليبي تعلن رفضها للقذافي وتتعهد بالعمل على إسقاطه

بينهم «أولاد علي» وممثلون لـ«الورفلة» و«القذاذفة» وتمسكوا بـ«ليبيا موحدة»

طلاب ليبيون يشاركون في مظاهرة للمطالبة بالعودة الى مدارسهم في بنغازي أمس (رويترز)
TT

أعلنت قبائل الشرق والغرب الليبي، رفضها لحكم العقيد الليبي معمر القذافي، وتعهدت في لقاءات عقدت أخيرا في مدينتي بنغازي الليبية ومرسى مطروح المصرية (على حدود ليبيا الشرقية)، بالعمل على دعم الثورة الليبية وإسقاط حكم القذافي وأبنائه، ومن بين هذه القبائل «أولاد علي (الفرعان المصري والليبي)» وممثلون لقبائل «الورفلة» و«القذاذفة (التابعة للعقيد القذافي)»، والذين شددوا على تمسك هذه القبائل بـ«ليبيا موحدة» لكن بدون القذافي.

وجددت قبائل «أولاد علي»، كبرى القبائل العربية المنتشرة في ليبيا ومصر، في مؤتمر عقدته بالقرب من الحدود المصرية الليبية الليلة الماضية، تأكيدها الوقوف إلى جانب الثورة الليبية الداعية لإسقاط حكم العقيد الليبي معمر القذافي، وردت بشدة على ما سبق نسبته لأحمد قذاف الدم المبعوث الخاص للقذافي سابقا، عن تجنيده لمرتزقة من أبناء هذه القبائل للقتال إلى جانب قوات العقيد الليبي، على الرغم من نفي قذاف الدم لهذه الاتهامات في حينه.

وشارك في المؤتمر الذي عقد في منطقة الكيلو 9 بمدينة مرسى مطروح الساحلية (على بعد 220 كلم شرق الحدود المصرية مع ليبيا)، وفد من المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض، والآلاف من أبناء قبائل أولاد علي وقبائل عربية أخرى لها امتداد بين جانبي الحدود المصرية الليبية. وقال الناشط الحقوقي المنتمي لقبائل أولاد علي، أيمن شويقي: «تشهد مرسى مطروح مؤتمرا ومسيرة حاشدة بمنطقة الكيلو 9 شرق مرسى مطروح، دعما للثورة الليبية، واستنكارا لمحاولة قذاف الدم حشد مرتزقة لدعم القذافي، ورفضا لقيام البعض بمحاولة تشويه صورة وموقف شعب مطروح التاريخي المساند لأشقائهم الليبيين».

وتعد مدينة مرسى مطروح معقلا تاريخيا لأبناء القبائل، كونها نقطة التقاء لقبائل أولاد علي المنتشرة على جانبي الحدود، ومن بينها مئات القبائل الأخرى أشهرها المقارحة التي ينتمي إليها الرجل الثاني في ليبيا عبد السلام جلود، والعبيدات والقطعان والقناشات والمنفة وغيرها. وعرف عن الفرع المصري من هذه القبائل مساندتهم لأفرعهم في ليبيا في عدة أزمات، أشهرها مساعدتهم للمجاهد الليبي عمر المختار الذي كان يقاتل قوات الاحتلال الإيطالي لليبيا، واحتضانهم للحركة السنوسية التي جرى التنكيل بها خاصة في مطلع النصف الثاني من القرن الماضي.

وأفاد شويقي بوصول وفد ممثل لجميع قبائل ليبيا بالمنطقة الشرقية من ليبيا بتكليف من المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي، إلى مدينة مرسى مطروح للتأكيد على عمق العلاقات التاريخية مع قبائل مطروح وقوتها، ودور هذه القبائل في مساندة الثورة الليبية منذ بدايتها، وإزالة كافة الملابسات الدائرة حول محاولات قذاف الدم تجنيد بعض المرتزقة لدعم نظام القذافي.

وترأس الوفد الليبي عدد من قيادات المجلس الوطني الانتقالي من عدة مدن ليبية، من بينهم الدكتور عمر موسى سنوسي، عن مدينة شحات، وخير الله محمود عن مدينة البيضا. وشارك في المؤتمر أكثر من 3 آلاف بينهم المئات من اللاجئين الليبيين الوافدين لمدينة مرسى مطروح المصرية، وشهد المؤتمر حضورا كبيرا من جميع قبائل مطروح، وكذلك شارك في المؤتمر ممثلون لقبائل بواحة سيوة، إضافة إلى ممثلين لقبائل الجوازي والفوايد من محافظة المنيا بصعيد مصر، إلى جانب ممثلين عن التيارات السياسية والدينية بمحافظة مطروح وعمد ومشايخ وقيادات قبائل أولاد علي والقبائل الأخرى.

وانتهى المؤتمر بالعديد من التوصيات التي طالبوا فيها المجلس الانتقال الليبي المعارض بتحري الدقة في نشر أي أخبار بدون أدلة تخص علاقة قبائل أولاد علي والقبائل المصرية التي لها امتداد في ليبيا، بالمرتزقة الذين يستعين بهم القذافي. وجاء في التوصيات أنه «لم يحدث أن تم إلقاء القبض أو أسر أحد من قبائل محافظة مطروح، وأن ما تم بثه حول هذا الموضوع يعد إحدى محاولات القذافي لتصدير الفتنة بين القبائل على جانبي الحدود المصرية الليبية.

وتعهد ممثلو القبائل في المؤتمر بمواصلة تقديم المساعدات، وقرر عمد ومشايخ القبائل التوجه إلى المناطق الشرقية في ليبيا التي يسيطر عليها الثوار على رأس قوافل مساعدات ضخمة، يوم بعد غد (السبت)، قائلين إن استمرار إرسال هذه القوافل يعد واجبا إنسانيا وأخويا ودينيا، وأن الأحداث العارضة لا يمكن أن تسيء للعلاقة بين أبناء القبائل الواحدة المنتشرة بين جانبي حدود مصر وليبيا.

وطالب مؤتمر القبائل المجلس العسكري الحاكم في مصر بوقف القناة التلفزيونية الليبية الرسمية، متهمين إياها بنشر الفتن بين أبناء القبائل، وحملوا مكتبها في القاهرة مسؤولية محاولة شق صفوف القبائل المناوئة لحكم العقيد القذافي.

وشارك في مؤتمر القبائل أيضا قيادات وأعضاء من المجلس المحلي الشعبي لمحافظة مطروح. وكان المجلس برئاسة عبد الغفار الملاح أدان ما أذاعته قناة «الجزيرة» الفضائية، من خلال بعض المصادر حول تجنيد أحمد قذاف الدم لبعض من أبناء قبائل «أولاد علي» القاطنة بمطروح وإعدادها للقتال إلى جانب كتائب القذافي في مواجهة الثوار الليبيين.

وقال الملاح في جلسة للمجلس: إن هذا الخبر غير صحيح، مشيرا إلى أن قبائل «أولاد علي» التي يعلم الجميع تاريخها «هي أكبر من أن تباع أو تشترى أو يخرج من بين أبنائها مرتزقة»، وأضاف أنه منذ اندلاع الثورة الليبية في السابع عشر من فبراير (شباط) الماضي والقبيلة تمد يد العون لأشقائها الليبيين من خلال الدعم بالقوافل الغذائية والطبية فقط، مؤكدا أن قبائل «أولاد علي» تستقبل أشقاءها الليبيين النازحين عبر منفذ السلوم البري وتستضيفهم بمنازلها، وأنها ترتبط بصلات نسب ودم مع أبناء القبائل الليبية و«لا يجوز الزج بها في مثل هذه الأخبار».

وكان مصطفى عبد الجليل قد أعلن على شاشة «الجزيرة» عن قيام أحمد قذاف الدم بتسييل الاستثمارات الليبية في مصر واستخدام أموالها في مساعدة وإمداد قوات القذافي والعمل على تجنيد مصريين للعمل كمرتزقة وإحداث تخريب وإثارة القلاقل بشرق ليبيا مما يربك الثوار، وقال عبد الجليل، إنه تم إلقاء القبض على 15 مصريا ممن أرسلهم قذاف الدم وجار التحقيق معهم للوصول للحقيقة، على الرغم من قول أحمد قذاف الدم في وقت سابق إن ما نسب إليه من اتهامات غير صحيح.

يأتي هذا في وقت أكد فيه ممثلو 61 قبيلة ليبية في بيان تم نشره في باريس أمس أن هذه القبائل الليبية تريد إقامة ليبيا موحدة «بعد رحيل الديكتاتور (معمر القذافي)»، وقال البيان الذي أعد في بنغازي، معقل الثوار في شرق ليبيا، في 12 أبريل (نيسان): «في مواجهة التهديدات على وحدة شعبنا، وفي مواجهة المناورات ودعاية الديكتاتور وعائلته فإننا نعلن صراحة بأنه لن يفرقنا أي شيء. فنحن نتشاطر نفس المثل الداعية إلى ليبيا حرة وديمقراطية وموحدة».

وأضاف ممثلو القبائل الـ61 في بيانهم أن «ليبيا الغد وما إن يغادر الديكتاتور ستكون موحدة وعاصمتها طرابلس حيث سنكون أخيرا أحرارا بتشكيل مجتمع مدني كما نرغب».

وأضاف البيان: «نشكل - نحن الليبيين - قبيلة واحدة: هي قبيلة الليبيين الأحرار التي ستحارب الاضطهاد ونوايا الفرقة السيئة». وشكروا في بيانهم فرنسا وأوروبا «اللتين أوقفتا حمام الدم» الذي توعد به القذافي.