يوم «صدام» يمر بهدوء رغم التحذيرات من هجمات

العراقيون يتظاهرون دعما لـ«ميسي» و«رونالدو»

عراقيون يبيعون أقراص «دي في دي» تصور حياة وإعدام الرئيس الأسبق صدام حسين بأحد أسواق بغداد في ذكرى ميلاده أمس (أ.ف.ب)
TT

حتى بعد خمس سنوات من تنفيذ حكم الإعدام عليه، فإن صدام حسين لا يزال، وربما سيبقى لسنوات مقبلة، يمثل حيزا كبيرا من اهتمامات العراقيين وفي مقدمتهم السياسيون. ففي حين ألقت السلطات العراقية قبل أيام القبض على اثنين من أمراء تنظيم القاعدة كان أحدهما يحمل اسم «صدام حسين» الذي شاع استعماله كثيرا في أوساط الناس خلال العقود الثلاثة الماضية أيام حكمه الطويل، فإن نائبا في البرلمان العراقي هو حسن العلوي، زعيم «العراقية البيضاء» المنشق عن «عراقية إياد علاوي الأم» ظل يكتم لنحو أكثر من شهر مكالمة غامضة تلقاها من شخص يقلد حد التطابق صوت صدام حسين ولم يشأ الحديث إلا بعد انتشار التسجيل على مواقع الإنترنت قبل يومين من حلول موعد ذكرى ميلاد صدام حسين التي تصادف الثامن والعشرين من شهر أبريل (نيسان).

من جهتها، فإن الأجهزة الأمنية العراقية ظلت طوال أسبوع كامل تطارد ما أعلنت بعض القيادات الأمنية أنها مجاميع إرهابية قادمة من محافظة ديالى القريبة من بغداد لكي تنفذ بالاتفاق بين تنظيمات حزب غامض هو الآخر اسمه «حزب العودة وتنظيم القاعدة» هجمات مسلحة في بغداد بالتزامن مع ذكرى ميلاد صدام حسين. لكن قيادات أمنية وسياسية أخرى ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك عندما قالت إن هذه المجاميع المسلحة تمكنت من إدخال بين 15 إلى 20 سيارة مفخخة يراد تفجيرها يوم الثامن والعشرين من أبريل وهو ما كان يعتبر في عهد النظام السابق ذروة الاحتفالات بعيد ميلاد صدام حسين التي كانت تسبقها إجراءات وتحضيرات غير مسبوقة عبر لجنة عليا كان يرأسها الرجل الثاني في النظام آنذاك عزة الدوري. غير أن قيادة عمليات بغداد التي تأخذ على عاتقها دائما عملية «تهوين» الأمور مهما كانت درجة خطورتها، أعلنت أن كل ما يجري في الشارع يدخل في سياق ما هو روتيني، وأنها وضعت خطة من الآن فصاعدا لوقف الاغتيالات الغامضة بالمسدسات كاتمة الصوت.

وفي حين لا يزال ثمة شعور لدى نسبة كبيرة من العراقيين بأن صدام حسين قد لا يكون أعدم ما دام يوجد له أكثر من شبيه مثلما كان النظام يوحي قبل أن يتم نفيه في السنوات الأخيرة من عمر النظام، فإن إغراء الكلام عن صدام حسين يمكن أن يمثل «ورطة» سياسية قد تكلف غاليا مثلما حدث للنائب في القائمة العراقية والمتحدث الرسمي باسمها حيدر الملا الذي شبه كلا من صدام حسين والخميني بـ«الحمقى» على خلفية الحرب التي دارت بين العراق وإيران طوال عقد الثمانينات من القرن الماضي. ما يجري الآن من تصعيد للموقف داخل بعض الأوساط في التحالف الوطني أو المرجعيات الدينية يمكن أن يتطور إلى أزمة سياسية ما لم يلصق الملا تهمة الحماقة بصدام حسين فقط ويعتذر عما بدر منه بحق الخميني المرشد الروحي الأعلى للثورة الإيرانية الراحل.

غير أن طغيان الخلافات السياسية وامتزاجها بالحوادث الأمنية المستمرة يوميا على شكل اغتيالات غامضة تلقى فيها التهم جزافا هنا أو هناك، لم يغلق كل منافذ المتعة ونوافذ الأمل لدى العراقيين، لا سيما أجيال الشباب. ومع كل ما يقال عن حكايات مواقع التواصل الاجتماعي، فإن ما فاجأ الجميع هو إقبال العراقيين كبارا وصغارا على متابعة الدوري الإسباني لا سيما فريقي ريال مدريد وبرشلونة. والمباراة الأخيرة التي جرت ليلة الثامن والعشرين من أبريل كانت قد سبقتها تحضيرات من قبل مشجعي كلا الفريقين في العديد من أحياء بغداد. فقبل اللقاء بأكثر من ساعتين كان العديد من السيارات تجوب الأحياء ليلا حاملة أعلام الفريقين. وبعد أن بدأت المباراة، تسمر المشجعون عند شاشات التلفزيون، بينما طلب كثيرون منهم من أصحاب المولدات الأهلية تخطي الوقت المخصص لتزويد المنازل بالكهرباء لحين انتهاء المباراة. وبعد فوز برشلونة، وفي حين تبادل المشجعون مزيدا من رسائل الـ«إس إم إس» يدعم قسم منها لاعب برشلونة الأرجنتيني ليون ميسي بينما يدعم قسمها الآخر لاعب ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو، فإن مظاهرات فرح قادها مشجعو برشلونة، في حين عاش مشجعو النادي الملكي ليلة حزينة. ويفسر المراقبون ظاهرة الإقبال اللافت للعراقيين على تشجيع برشلونة وريال مدريد بشكل قد يبدو مبالغا فيه وقد لا يحدث حتى في إسبانيا ذاتها بأكثر من سبب؛ قسم منها سياسي، وهو محاولة إيصال رسائل شعبية للسياسيين بعقم ما يقدمونه من حلول للناس جعلتهم يستوردون حتى متعهم البريئة من الخارج. والآخر رياضي، وهو تدني مستويات الكرة العراقية بعد زحف السياسة على خلافات اتحاد الكرة واللجنة الأولمبية حتى إن الشارع العراقي لا يجد الآن سوى احتدام الصراع بين أهم نجمين في تاريخ الكرة العراقية حسين سعيد وفلاح حسن لأسباب لها علاقة بالسياسة أكثر مما لها علاقة بكرة القدم.