مجلس الأمن يمدد لـ«مينورسو» ويدعو لأول مرة إلى تحسين حقوق الإنسان في الصحراء

الرباط تعبر عن ارتياحها.. والبوليساريو كانت تفضل آلية واضحة لحقوق الإنسان

TT

تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا يمدد سنة واحدة مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية وذكر فيها لأول مرة ضرورة تحسين حقوق الإنسان. وفي القرار الذي تبنته بالإجماع الدول الـ15 الأعضاء أول من أمس، «أكد المجلس تعهده بمساعدة الأطراف للتوصل إلى حل سياسي دائم ومقبول». وأضاف أنه أخذ علما بـ«الطريق المسدود الحالي»، ودعا الدول في المنطقة إلى مزيد من التعاون لإنهاء هذا الوضع. وأكد القرار لأول مرة أهمية «تحسين وضع حقوق الإنسان» في الصحراء، وأشاد بـ«إقامة مجلس وطني مغربي لحقوق الإنسان».

ولم تسمح 10 جولات من المباحثات غير الرسمية برعاية الأمم المتحدة منذ أبريل (نيسان) 2007 بالخروج من المأزق بحسب دبلوماسيين. وبعد عقدين على إنشاء بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، دعا المجلس «الأطراف إلى المضي في عزم سياسي والعمل في أجواء ملائمة للحوار لدخول مرحلة مفاوضات مكثفة». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارو قوله إن القرار مختلف عن الذي صدر العام الماضي. وأضاف أن «الإطار السياسي الجديد هو التدابير التي اتخذها العاهل المغربي (الملك محمد السادس) والتدابير التي اتخذها المغربيون في مجال حقوق الإنسان ليس فقط من خلال إنشاء مؤسسات مغربية بل أيضا من خلال السماح لكل المقررين لحقوق الإنسان بزيارة المغرب وأخذ مجلس الأمن ذلك في الاعتبار». وبدوره، قال المتحدث باسم جبهة البوليساريو إن الجبهة «كانت تفضل وجود آلية واضحة لحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية كما كانت الحال بالنسبة إلى 99 في المائة من عمليات حفظ السلام في العالم».

وأعرب المغرب عن ارتياحه لمصادقة مجلس الأمن على القرار 1979، الذي يمدد مهمة بعثة مينورسو حتى 30 أبريل من العام المقبل، مشيرا إلى أن القرار دعا للمرة الأولى، الجزائر إلى السماح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإحصاء سكان مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر) حيث يوجد مقر قيادة البوليساريو.

ودعا المغرب، جارته الشرقية الجزائر، التي تدعم البوليساريو، إلى «عدم التنصل من التزاماتها، وأن تضطلع بدور يرقى إلى مسؤوليتها في هذا النزاع الإقليمي». يشار إلى أن الجزائر تؤكد مرارا أنها غير معنية بهذا النزاع الثنائي، الذي يعد قضية تصفية استعمار وتنظر فيه الأمم المتحدة. وأعرب المغرب أيضا عن رغبته في نجاح ما وصفه بـ«مسلسل التطبيع الجاري مع الجزائر بما يعود بالنفع على الشعبين ويخدم الاندماج المغاربي».

ويرى بيان لوزارة الخارجية المغربية أن القرار الذي تمت المصادقة عليه بإجماع أعضاء مجلس الأمن، يعزز ويحافظ على مجموع المكتسبات التي انخرط فيها المغرب خلال السنوات الأخيرة بفضل تقديم مبادرته للحكم الذاتي. كما يثمن القرار المبادرات المهمة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، لتعزيز الحماية والنهوض بحقوق الإنسان. وسأل في المقابل الأطراف الأخرى بخصوص دورها السياسي الجلي في عرقلة مسلسل التفاوض، ويحملها مسؤولية الوضعية الإنسانية المأساوية الفريدة السائدة بمخيمات تندوف. وأفاد البيان بأن مجلس الأمن جدد تأكيد وجاهة المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وتقديره للجهود «الجدية وذات المصداقية» التي بذلها المغرب، ويدعو إلى مفاوضات على أساس معيارين رئيسيين لهذه المبادرة، والمتمثلين في «الواقعية وروح التوافق»، مع الأخذ بعين الاعتبار الجهود التي بذلها المغرب منذ 2006. وأضاف البيان أن القرار يرسخ أيضا أهمية المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد للتسوية، مشيرا في هذا الإطار إلى فشل محاولات باقي الأطراف لزعزعة سير هذا المسلسل وجعله هشا وإضعافه.

وبخصوص عدم تضمن قرار مجلس الأمن اعتماد «آلية دولية لمراقبة حقوق الإنسان» في المنطقة، اعتبر المغرب أن الأمر يتعلق بـ«فشل ذريع لاستراتيجية الأطراف الأخرى، التي عمدت خلال العام الماضي إلى تحريف واستغلال الاحتجاجات الاجتماعية»، في إشارة ضمنية إلى أحداث مخيم اكيد ازيك التي شهدتها مدينة العيون في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأبرز بيان الخارجية المغربية أن مجلس الأمن يعترف بأن الإحصاء، المرفوض من طرف الجزائر منذ عدة عقود، يشكل مدخلا قانونيا لا محيد عنه من أجل حماية دولية فعلية للسكان المحتجزين في مخيمات تندوف وأداة ضرورية لتمكينهم من التعبير عن إرادتهم في إطار عملية الاستجواب الفردي، على حد تعبير البيان المغربي.

وجدير بالذكر أن بعثة المينورسو أنشئت منذ عام 1991 ومهمتها الحالية مراقبة وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، ويوجد مقرها بالعيون كبرى مدن الصحراء ويرأسها المصري هاني عبد العزيز، وقائد القوات هو اللواء جاو جنغمين، من الصين. ويبلغ عدد أفراد البعثة من العسكريين 232 فردا من مختلف الدول، منهم 27 جنديا، و2 من ضباط الشرطة و203 مراقبين عسكريين. أما عدد الموظفين المدنيين الدوليين، فهو 99 موظفا، بالإضافة إلى 164 موظفا مدنيا محليا، و20 متطوعا من الأمم المتحدة وبلغت الميزانية المعتمدة للبعثة من يوليو (تموز) الماضي إلى يونيو (حزيران) المقبل 60.03 مليون دولار.