الناطق باسم اللواء الأحمر لـ «الشرق الأوسط»: إذا اضطررنا فسندافع عن أنفسنا

3 سيناريوهات رئيسية محتملة لنهاية الأزمة تثير مخاوف الشارع

TT

على الرغم من أن الرئيس علي عبد الله صالح وحزبه الحاكم وحلفاءه وكذا أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك، قبلوا بالمبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة السياسية في اليمن، التي تتجلى في أبرز مظاهرها في «الثورة» المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبد الله صالح، فإن «بداية النهاية»، إن جاز التعبير، ما زالت تثير كثيرا من المخاوف لدى كافة الأوساط اليمنية وربما لدى الأطراف الخارجية.

فالرئيس صالح يحكم اليمن منذ قرابة 33 عاما، وفي نظر المراقبين فإنه قام، خلال فترة حكمه، ببناء مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية وفقا لما يريد وبما يكفل الولاء المطلق له ولأفراد عائلته، ويدلل المراقبون على ذلك بسيطرته وأبنائه وأشقائه وأبنائهم وأبناء منطقته - قبيلته سنحان - على مقاليد القوات المسلحة والأمن، في ضوء ذلك هناك كثير من الناس يعتقدون أن صالح لا يمكن أن يتنحى، ويصفون هذه الأيام التي يمر بها اليمن بـ«العصيبة»، هذا عوضا عن كونه يؤكد مرارا وتكرارا تمسكه بـ«الشرعية الدستورية»، ويقصد بذلك أنه رئيس منتخب وفاز في آخر انتخابات رئاسية جرت في سبتمبر (أيلول) عام 2006، وبالتالي هو يؤكد أن على الراغبين في الوصول إلى السلطة اللجوء إلى «صناديق الاقتراع». وهناك سيناريوهات كثيرة محتملة لنهاية ما يمر به اليمن، الأول أن يتنحى صالح ومن معه من أفراد عائلته ومقربيه وتتمكن المعارضة من بسط نفوذها على مؤسسات الدولة قبل أن تنهار أو تتشظى، وبذلك يكون أسدل الستار على حقبة حكم الرئيس علي عبد الله صالح بنهاية سلمية تحفظ له تاريخه وأدواره النضالية.

أما السيناريو الثاني فهو أن يتنحى صالح، أيضا، وفقا للمبادرة الخليجية، لكنه يصر على استعادة موقعه عبر رفض أعوانه تسليم المؤسسات المدنية والعسكرية إلى حكومة المعارضة، وبالتالي إدخال البلاد في أتون أزمة كبرى، وكذا العودة عبر الانتخابات مستخدما أعوانه الذين يتمسكون بالمؤسسات المشار إليها وكل ذلك يشكل أزمة، وضمنها ما يقوله العامة من أنصار صالح بأنهم سيسعون إلى إسقاط أي رئيس أو حكومة إذا تنحى صالح، وبذات أساليب الاعتصام والتظاهر.

ويقوم السيناريو الثالث على عنصر المخاوف لدى الشارع اليمني، ومفاده أن يعمد صالح ونظامه إلى إحداث «فوضى» و«اختلالات أمنية» تستهدف خلالها رموز المعارضة والشخصيات الوطنية البارزة المعارضة للنظام، الأمر الذي يعني أن وحدات الجيش التي أيدت «الثورة» سوف تستهدف أيضا، وأنها ستدخل في مواجهة مسلحة مع المؤيدة للرئيس، وكل ذلك يعني أن البلد سيدخل في حرب أهلية ضروس، خصوصا أن معظم الشعب اليمني مسلح، وستبدأ دورة الانتقام لمن سقطوا قتلى برصاص قوات الأمن و«البلطجية»، رغم أن العقيد عسكر زعيل، الناطق باسم اللواء الأحمر، أكد أن القوات الموالية للثورة لا يمكن أن توجه أسلحتها نحو أفراد الجيش سواء في الحرس الجمهوري أو شرطة النجدة أو غيرها من الوحدات العسكرية والأمنية التابعة لصالح، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال اضطرت هذه القوات، فإنها ستقوم بـ«الدفاع عن نفسها في حال استهدافها».

ويمكن القول إن سيناريوهات «جانبية»، ستنبثق عن السيناريو الثالث، وهي مواجهات مسلحة مباشرة بين الجيش والجيش والأمن والأمن وأيضا المجاميع المدنية المسلحة وغيرها، وضمن السيناريوهات الجانبية وأهمهما، مسارعة الجنوبيين إلى الاستيلاء على محافظاتهم وبسط سيطرتهم عليها كأمر واقع، وأيضا نفس الحالة مع الحوثيين في الشمال، وربما اتخذوا مناطق أخرى، خصوصا أن بعض المحافظات في الشمال والجنوب لم تعد تحت سيطرة السلطة المركزية في صنعاء، في الوقت الراهن، بالإضافة إلى نشاط التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة، إذا افترضنا جدلا، صحة ما يطرحه النظام من تغلغل «القاعدة» في مناطق كثيرة في البلاد، رغم أن هذا الطرح، كما يقول المعارضون، الهدف منه تخويف الغرب فقط مما ستؤول إليه الأوضاع لو رحل علي عبد الله صالح عن السلطة.

وهناك سيناريو آخر، وهو الأقرب إلى الوضع القائم في ليبيا حاليا، ويعتقد البعض أن الوضع في اليمن سيكون أكثر سوءا، حيث تخشى الناس من الحرب الأهلية التي تنخرط فيها كافة الفئات، الجيش والأمن والقبائل والمناطق، وهو ما يعني «الصوملة» أو «الأفغنة» أو «العرقنة» التي كثيرا ما هدد بها صالح خصومه خلال السنوات القليلة الماضية، لكن المراقبين يقللون من خطورة الوصول إلى هذا السيناريو الدموي ويأخذون في الاعتبار انخراط أبناء القبائل اليمنية في «الثورة الشبابية» بعد أن تركوا أسلحتهم في منازلهم وقراهم وتعرضوا للقتل والجرح، لكن دون أن يتصرفوا بمنطق القبيلة، أي الأخذ بالثأر.

وبين منطق التفاؤل والتشاؤم وما بينهما من المخاوف، يظل الأمل قائما لدى شريحة واسعة من الناس بنهاية سلمية لما يمر به اليمن حاليا، سواء كان ثورة بمنطق المعتصمين في الساحات، أو أزمة سياسية بمنطق دار الرئاسة اليمنية الذي تدور كل الصراعات من أجله، كونه المتحكم في مصير اليمن وأهله.