رؤيتان متباينتان للمصالحة بين فتح وحماس

عباس فوجئ بموافقة حماس.. وقياديون بالحركة يعتبرون أن أبو مازن محبط

TT

بعد مرور يوم على إعلان الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين، فتح وحماس، عن خطط مفاجئة تتعلق بتشكيل حكومة وحدة، يسيطر على المشهد تحدي الجمع بين فصيلين متنافسين لهما آيديولوجيات مختلفة، فيما يحاول كل جانب عرض صورة مختلفة لما يعنيه الاتفاق وما أثمر عنه.

وقال محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، يوم الخميس، إنه بحكم وجوده أيضا على رأس منظمة التحرير الفلسطينية، فإنه لا يزال مسؤولا عن جهود السلام مع إسرائيل. وقال إن حكومة الوحدة المقبلة ستكون أمامها وظيفتان: إعادة بناء قطاع غزة وإجراء الانتخابات خلال عام.

وقال عباس لمجموعة من الإسرائيليين وقعوا على ما سموه مبادرة السلام الإسرائيلية هذا الشهر، ودعوا إلى مأدبة غداء داخل مقره «الحكومة الجديدة وعملية السلام شيئان مختلفان». وقال إنه لن يوجد أي نشطاء من كلتا حركتي فتح وحماس في الحكومة الجديدة.

وأضاف أن المفاوضات مع إسرائيل هي طريقه المفضل للوصول إلى دولة وليس الحصول على اعتراف من الأمم المتحدة، وهو طريق يمضي أيضا فيه. لكنه أكد أنه «لبدء المفاوضات، نحتاج إلى وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهو شرط تعارضه إسرائيل».

وقال مساعدون لعباس، لم يخول لهم الحديث علنا، إن ثمة سببا واحدا جعل الجانبين يتصالحان بعد خصومة استمرت أربعة أعوام، وهو أن حماس وجدت نفسها فجأة في موقف ضعف. وتوجد قيادات لحركة حماس في سورية، التي تشهد اضطرابات حاليا، وربما لا تكون قادرة على البقاء على المدى الطويل. ويقول المساعدون إنه إلى جانب ذلك ربما تعد مصر أكثر ودا مع حركة حماس عما كانت عليه إبان حكم الرئيس حسني مبارك. وأضاف مساعد لعباس قائلا عن حركة حماس «إنهم في مشكلة، ولذا يتواصلون».

وقدمت شخصيات من حركة حماس صورة مختلفة لما أدى إلى الوصول لاتفاق. وركزوا على إحباط عباس من إسرائيل والولايات المتحدة بسبب جهود السلام المتعثرة، وقالوا إن فتح تتجه بدرجة أكبر صوب حماس.

وقال طاهر النونو، المتحدث باسم حركة حماس، عندما علم بتعليقات عباس «لا توجد مفاوضات حاليا، ولذا دعونا لا نتحدث عن أوهام ربما تحدث وربما لا». وأضاف قائلا «لا يوجد لدى الحكومة الإسرائيلية شيء تقدمه للفلسطينيين، بل إنها رفضت حتى تجميد المستوطنات». لكنه قال إن حماس سوف تلتزم بمفاوضات منظمة التحرير الفلسطينية، وإنها تتوقع إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية بعد الانتخابات خلال عام.

وذكر محمود الزهار، القيادي بحركة حماس والذي كان في القاهرة للمشاركة في مفاوضات فلسطينية توسطت فيها مصر، إنه لا يجد أي مكان لإجراء محادثات سلام مع إسرائيل بموجب الترتيبات الجديدة.

وتحدث الزهار لوكالة «رويترز» قائلا «برنامجنا لا يشمل المفاوضات مع إسرائيل أو الاعتراف بها. ولن يكون من الممكن أن تشارك الحكومة الوطنية المؤقتة في عملية السلام مع إسرائيل أو تراهن عليها».

وذكر أحمد يوسف، نائب وزير خارجية حماس السابق والذي يعمل الآن مستشارا لها في غزة، في حديث هاتفي أن الفلسطينيين «خاب أملهم بالفعل في إدارة أوباما»، وما حسبوه في البداية رؤية أميركية جديدة للمنطقة. وأضاف أن تحمس القيادة الحالية في مصر أتاح لها أن تضع ثقتها في مساعيها الحميدة.

وفي غزة، تلقى الناس أنباء الاتفاق بمزيج من الشك والتفاؤل المشوب بالحذر. وقال بقال يدعى خليل غبين، عمره 48 عاما «أنا سعيد بالمصالحة، لكني غير راض عن الأسباب التي قادت لهذا الاتفاق». وأضاف «لقد أجبرتهم التغيرات في المنطقة على المصالحة، وفعلوا هذا لأنهم خافوا من أن تكويهم نيران التغيير. ولو لم تكن هناك تغييرات، ما كان لهم أن يتفقوا».

وأثناء مأدبة الغداء التي جمعته بالإسرائيليين الزائرين، طُلب من محمود عباس تقديم تفاصيل عن الاتفاق. وذكر أنه ثمة الكثير من الأمور التي يجب تدبرها أولا قبل أن يقول أي شيء جديد. وقال إنه قد فوجئ يوم الأربعاء بأن حماس قد وافقت على التوقيع على الاتفاق وطلب وقتا لتدبر الأمور.

وعند سؤاله عن مستقبل وزير الخارجية، سلام فياض، الشخصية المفضلة لدى الدول الغربية، ذكر أن الأمر لم يبت فيه بعد. لكنه سعى إلى طمأنة الإسرائيليين بأنه لن يمكّن ميليشيات حماس من تقلد مناصب في الضفة الغربية. وقد أعرب بعض المسؤولين الإسرائيليين عن مخاوفهم من احتمالية استيلاء حركة حماس على السلطة في المنطقة.