مجلس حقوق الإنسان يصوت على قرار لإرسال بعثة عاجلة لسوريا للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان

سفراء الاتحاد الأوروبي يوافقون مبدئيا على فرض عقوبات ضد النظام السوري

TT

بدأ الضغط الدولي يزداد على النظام السوري؛ إذ صوت، أمس، مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، لصالح قرار يطلب إرسال بعثة، بصورة عاجلة، إلى سوريا للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان. والقرار الذي اقترحته الولايات المتحدة تم تبنيه بعد يوم طويل من المفاوضات بين الدول الـ47 الأعضاء في المجلس بغالبية 26 صوتا مقابل اعتراض 9 بينهم روسيا والصين وكوبا، وإحجام 7 أعضاء عن التصويت. ويطلب القرار من المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن ترسل «في صورة عاجلة بعثة إلى سوريا للتحقيق في الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان وتحديد وقائع وظروف هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة». كذلك يدين القرار «في شكل صريح استخدام العنف الدامي ضد المتظاهرين المسالمين من جانب السلطات السورية».

وقالت جولي دي ريفيرو، مديرة «هيومان رايتس ووتش» بجنيف: «إن الرئيس السوري يحتاج إلى سماع رسالة لا لبس فيها من مجلس حقوق الإنسان، وإن القمع العنيف للمظاهرات السلمية أمر غير مقبول وستكون له عواقب». وأعربت المجموعة العربية في مجلس حقوق الإنسان معارضتها للجلسة، معتبرة أن ذلك يأتي استهدافا للدول النامية في المجلس، وأن الحكومة السورية استجابت للمطالب السلمية في بدايتها من خلال إصدار سلسلة من القوانين الإصلاحية.

وعبر مندوب سوريا الدائم في مجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة السفير فيصل الحموري عن دهشة بلاده مما سماه «الدوافع المصطنعة» التي تكمن وراء انعقاد جلسة خاصة في مجلس حقوق الإنسان واعتبرها «ذريعة للتدخل في الشأن السوري».

وفي بروكسل، توافقت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع عُقد في العاصمة البلجيكية على مستوى السفراء المعتمدين، على ضرورة فرض عقوبات ضد سوريا بسبب قمع السلطات للاحتجاجات، بحسب ما أفادت مصادر مقربة من الاجتماعات، التي أضافت أنه على الرغم من التوافق على فرض العقوبات ضد دمشق فإن المناقشات بين سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد شهدت «تباينا في المواقف بشأن ضرورة فرض العقوبات بشكل فوري أو التروي قليلا قبل الإقدام على هذه الخطوة».

وبعد توافق المشاركين في الاجتماع على ضرورة توجيه رسالة أوروبية حازمة للنظام السوري، تباينت المواقف بشأن حجم العقوبات. واتفق الجميع على إحالة الملف برمته إلى وزراء الخارجية بالاتحاد خلال اجتماعهم المقرر في 13 مايو (أيار) المقبل. وبحسب مصادر بروكسل، فخلال الاجتماع ناقش السفراء إمكانية فرض عقوبات ضد سوريا قد تصل إلى تعليق مساعدات اقتصادية ضخمة، وبحث الدبلوماسيون الأوروبيون خيارات محددة للضغط على النظام السوري في هذه المرحلة ودفعه نحو الحد من قمع أعمال الاحتجاج.

وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يكون في قائمة العقوبات المفروضة على رموز النظام. ويقول الدبلوماسيون: إن أي تدابير أوروبية لن تدخل حيز التنفيذ مباشرة، وإنها ستنتظر اعتمادا قانونيا في وقت لاحق. وقال المتحدث في المفوضية الأوروبية مايكل مان: إن قرار السفراء «عادة ما يكون مبدئيا» في انتظار قرار نهائي للمجلس الوزاري الأوروبي.

وبحسب المراقبين، يفكر الدبلوماسيون الأوروبيون في سحب الاستعداد الأوروبي لتوقيع اتفاقية للشراكة مع سوريا، وفرض حظر على السلاح، وتجميد بعض أوجه التعاون، خاصة في مجال الاستثمار، مع عدم إلحاق ضرر بخطط التعاون مع المجتمع المدني في سوريا ومشاريع التنمية. وتدفع ألمانيا وهولندا وبلجيكا نحو اعتماد عقوبات رسمية، بينما تفضل دول أخرى، منها فرنسا وإسبانيا واليونان وقبرص، الحديث عن مجرد تدابير قسرية.

وقبل ساعات من الاجتماع، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية مايكل مان: «إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة». ورفض مان تحديد تلك الخيارات على الرغم من أن مصادر دبلوماسية ذكرت أنه تبرز من بينها إمكانية تجميد برامج التعاون بين الاتحاد الأوروبي وسوريا. وتشمل هذه المساعدات قيام الاتحاد بتقديم 129 مليون يورو من أجل دعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية في الفترة بين عامي 2011 و2013 إلى جانب صندوق استثماري يشرف عليه بنك الاستثمار الأوروبي بقيمة مليار و300 مليون يورو.

يُذكر أن سوريا حصلت منذ عام 2007 من الاتحاد الأوروبي على 80 مليون يورو من أجل مساعدة حكومة البلد العربي الذي عانى تدفق اللاجئين العراقيين. وقد تشمل العقوبات أيضا إجراءات أخرى يتم اتخاذها في مثل هذه الحالات ضد كبار رجال الدولة والكيانات المرتبطة بالنظام الحاكم من خلال تجميد أصولها المالية في أوروبا وفرض حظر السفر إلى أراضي الاتحاد. وترى المفوضية الأوروبية أن الحملة التي تشنها الحكومة السورية ضد المتظاهرين «غير مقبولة» وتؤكد ضرورة إجراء تحقيق مستقل في تلك الوقائع. جدير بالذكر أن اجتماع سفراء الاتحاد الأوروبي تزامن مع قيام مجلس حقوق الإنسان، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بمناقشة هذه المسألة، بناء على طلب عدد من الدول، من بينها إسبانيا وفرنسا وبريطانيا.

وحالت معارضة كل من الصين وروسيا بمجلس الأمن دون إصدار الأمم المتحدة بيانا يدين قمع النظام السوري للاحتجاجات. وتشهد عدة مدن سورية احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد نظام الأسد منذ 15 مارس (آذار) الماضي، اندلعت شرارتها من مدينة درعا، للمطالبة بالحرية والديمقراطية، غير أنها قوبلت بقمع شديد من جانب أجهزة الأمن، مما أدى إلى سقوط مئات القتلى والمصابين.