بريطانيا: المدارس «المختلطة» لا تعزز ثقة الفتيات في الحصول على وظائف مرموقة

الفصول التي تجمع الجنسين تقوض نسبة الفتاة في المنهاج الوظيفي

الفتيات في المدارس المختلطة يملن على وجه الخصوص لاتباع طرق وظيفية تقليدية وفقا لمسح أجراه برنامج أوفستيد («الغارديان»)
TT

أشار مسح أجراه برنامج أوفستيد إلى أن المدارس المختلطة لا تبذل جهودا كافية لتعزيز ثقة وطموح الفتيات. ووجد المسح أن وظائف العمل بالنسبة للنساء الشابات تكون غالبا كلها وظائف «نسائية بشكل نمطي» مثل صالونات تصفيف وقص الشعر.

وتقول المدارس غير المختلطة إنها تجد الأمر أكثر سهولة لتعزيز الثقة والتوجه التنافسي في نفوس الفتيات مع غياب الفتية، ولكن مراقبين توصلوا إلى أنه حتى في هذه المدارس، كانت أنماط التسجيل لشهادة الثانوية العامة ومواضيع المستوى المتقدم تتوافق مع الصورة الوطنية لاختيارات الفتيات.

وفي كل المدارس التي زارها برنامج أوفستيد، اختارت الفتيات بشكل أساسي مقررات دراسية مثل الرقص والفنون والمنسوجات والصحة والرعاية الاجتماعية.

وبينما توجد فجوة عميقة بين أداء الفتيات والصبية في شهادة الثانوية العامة - حيث نجحت خلال امتحانات الصيف الماضي 72.6% من الفتيات في اجتياز الامتحانات بتقدير (ممتاز) إلى (جيد) مقارنة بنسبة 65.4% من الصبية - ولم يترجم هذا النجاح إلى مميزات في الوظائف أو الأجور التي تحصل عليها الفتيات. وقالت كريستين غيلبرت، كبيرة مفتشي المدارس: «من المشجع أن معظم الفتيات اللائي تحدثت معهن المفتشات كن منفتحات على إمكانية متابعة وظائف تتحدى الأنماط التقليدية السائدة. والأمر المثير للقلق هو أنهن يتبعن في كثير من الأحيان مقررات دراسية ومؤهلات تمنحهن هذه الفرص من الناحية التطبيقية».

وتوصل مسح أوفستيد إلى أن المدارس لا تستخدم تجربة العمل لتحدي الأنماط التقليدية السائدة عن النوع. ومن بين أكثر من 1,700 نموذج لوظائف العمل، كان أقل من عشر هذه الوظائف «غير تقليدي»، بينما كانت الغالبية العظمى من الفتيات يعملن في مجالات التعليم والعناية بالشعر والتجميل والمكاتب والمحال التجارية.

وفي النماذج القليلة التي سلكت فيها الفتيات طريقا غير شائع، فإن هذا الأمر قد جاء في كثير من الأحيان بعد تجربة شخصية. وفي إحدى الحالات، قررت إحدى الفتيات في العام الأول من دراستها لشهادة الثانوية العامة أن تصبح طبيبة شرعية بعد مشاهدتها لضابط جنائي وهو يتعامل مع حادثة سطو في محل والدها.

واكتشفت توجهاتها الإيجابية جدا في مدارس غير مختلطة؛ حيث قالت معظم الفتيات إنهن سوف ينظرن بشكل مؤقت في الوظائف التي يؤديها الرجال بشكل نمطي. وفي مدارس مختارة، لم تنظر الفتيات إلى أي وظيفة على أنها مقصورة عليهن، طالما عملن بجدية وحصلن على المؤهلات ذات الصلة. وأحست هؤلاء الفتيات أن المزيد من النساء يجب أن يتم تشجيعهن على أداء أدوار يؤديها الرجال بشكل تقليدي.

ولكن هذا التفكير الواثق لم يكن يرافقه أي تحول ملحوظ بعيدا عن المقررات الدراسية أو الخيارات الوظيفية التقليدية للأنواع. وقال التقرير إن «معظم هذه الفتيات أخبرن المراقبين أنهن لم يكن يخططن لمتابعة هذا الطريق لأنفسهن».

وتوصل المفتشون إلى أن التعليم الوظيفي للطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 إلى 14 عاما كان «ضعيفا إجمالا»، وهو ما جعل الخيارات المقدمة عن المقررات الدراسية والوظائف صعبة.

وكان التدريس الواضح بشأن الوقفات الوظيفية وأثر تأسيس عائلة وكيفية تطور الوظائف عبر الترقي نادرا في كل المدارس التي تم زيارتها من أجل إجراء المسح.

وتوصل تقرير أجرته الحكومة البريطانية خلال العام الماضي إلى أن النساء «يتم حشرهن في تشكيلة ضيقة من الوظائف منخفضة الدخل، وخصوصا هذه الوظائف المتاحة بدوام جزئي، رغم أن هناك بعض الأدلة على أن النساء الشابات أصبحن يكسبن الآن أموالا أكبر من الرجال الشبان».

وفي العقد الماضي، أصبح من الوارد بشكل أكبر أن تختار الفتيات مواضيع معينة من المستوى المتقدم مثل الرياضيات أو التكنولوجيا، التي كان يسيطر عليها الذكور. ولكن نسبة الفتيات اللائي اخترن تلقي دروس الفيزياء قد انخفض بشكل محدود، من 23% في عام 2000 إلى 21% في عام 2010.

ويختار عدد أكبر من الفتيات المستوى المتقدم من مادة الأحياء مقارنة بالصبية، بينما تقترب مادة الكيمياء من التوازن بشكل عادل.

وكانت خيارات المقررات الدراسية نمطية بشكل بالغ فيما يتعلق بالنوع في كل الكليات التعليمية العشر الإضافية التي زارها برنامج أوفستيد. وظلت قطاعات الإنشاءات والمركبات المتحركة وأقسام الهندسة تخضع لسيطرة الذكور في الغالب. وبقيت مناطق مثل الصحة والرعاية الاجتماعية ورعاية الأطفال وتصفيف الشعر والعلاج التجميلي خيار الطالبات الفتيات بشكل أساسي. وقال برايان لايتمان، السكرتير العام لجمعية قادة المدارس والكليات: «كان لدى أصحاب العمل دور رئيسي يمكن أن يلعبوه في تحدي أنماط النوع في مكان العمل، عبر تشجيع الفتيات للحصول على وظائف في المجالات التي يسيطر عليها الذكور وتقديم نماذج أدوار نسائية. ومضت المدارس والكليات في تقديم تعليم متصل وفعال على أساس العمل، ولكنه يعتمد على الأعمال المحلية التي توافق على استيعاب الطلاب. ولا بد أن تفعل الشركات المزيد من أجل دعم المدارس والكليات في توفير وظائف عمل عالية الجودة».

وكانت مدارس الفتيات التي تم زيارتها لديها توجهات متعددة لتحدي الخيارات النمطية، ومن بينها استخدام نماذج الأدوار النسائية الإيجابية وعودة الطالبات السابقات الناجحات إلى المدرسة من أجل اقتسام تجاربهن في العمل.

وأضافت لايتمان: «تحتاج المدارس إلى تطوير المزيد من الفرص أمام النساء الشابات لمقابلة المهنيين الذين يعملون في أدوار غير نمطية، ولكي يتعلموا المزيد عما يتتبعه العمل من خلال وظائف العمل المتنوعة».

* خدمة «الغارديان»