البرادعي: لا أخشى من «الإخوان المسلمين» بقدر ما أخشى من السلفيين

المرشح الرئاسي الأكثر جدلا له أعداء كثر من النظام القديم والقوى الناشئة

TT

يقع نادي «سيزونز كانتري كلوب» بعيدا عن تلوث وصخب وسط القاهرة، وهو أيضا بعيد كل البعد عن حالة الاضطرابات التي حدثت قبل شهرين ماضيين حينما خرج ملايين من المتظاهرين المصريين إلى الشوارع في ثورة أطاحت بالرئيس حسني مبارك من الحكم.

وفي ظهيرة أحد أيام الأسبوع الماضي، بينما أنا جالس في النادي، الذي يفصله عن الأهرامات 10 دقائق بالسيارة، شاهدت زوجين يحتسيان مشروبات أسفل مظلة ضخمة. ومن على بعد، كان بإمكاني سماع صوت خافت قادم من مباراة تنس. إنها منطقة ريفية، غير أنها قد تبدو أيضا اختيارا منتقى بشكل خطير لمأدبة غداء لسياسي بارز. فبينما كان البرادعي يسير مسرعا متجها إلى الطاولة التي وضعت خصيصا لنا، تساءلت لم اختار هذا المكان لنتقابل فيه.

جلس المحامي والموظف الحكومي السابق الأنيق البالغ من العمر 69 عاما في مواجهة صحافي «الفايننشيال تايمز» البريطانية، وذكر أنه يعيش قريبا في مجتمع تحيطه أسوار. وحينما سألته عما إذا كان اختار العيش في هذا المكان لدواع أمنية، لم يقبل البرادعي هذا المقصد. وأجاب: «ليس ذلك صحيحا، لقد اشترينا المنزل في الأساس لننعم بالسلام والهدوء والمساحات الخضراء».

وإذا لم يكن الأمن قضية عندما اشترت أسرة البرادعي المنزل منذ بضع سنوات مضت، فإنه يشكل أهمية الآن. فبعد الاحتجاجات والمظاهرات في ميدان التحرير، التي بلغت ذروتها بالإطاحة بمبارك، ظهر البرادعي – الذي كان له حضور بارز في المظاهرات المناوئة للحكومة – كأحد القيادات السياسية البارزة في مصر في عهدها الجديد وأعلن عن نيته الترشح للرئاسة. ونتيجة لذلك، أصبح رجلا له أعداء كثر، من النظام القديم وبعض القوى السياسية الجديدة الناشئة في الدولة.

وقبل بضعة أسابيع، تعرضت سيارته لهجوم أثناء محاولته الإدلاء بصوته في الاستفتاء على التعديلات الدستورية. يقول البرادعي: «لحسن الحظ، لم أتعرض للإصابة. فقد كان من الممكن أن أقتل بالفعل. لقد رشقوني بالحجارة. وتحطم زجاج السيارة بأكمله». ومنذ ذلك الحادث العنيف، قام بزيادة التأمين الخاص به. فبعيدا عنا بطاولتين، يجلس حارس أمن قوي البنيان مشغول بإرسال رسائل نصية. وبدا الحارس، في بدلته الرمادية، يرتدي ملابس أكثر رسمية من رئيسه الذي اختار ارتداء قميص كاروهات مفتوح الرقبة وبنطلون كاكي اللون. وكانت نظارته موضوعة إلى جواره.

تساءلت عما إذا كانت الأسرة معنية بالموقف الأمني. فأجاب قائلا: «زوجتي قلقة، وكذا الأسرة كلها». يعمل ابنه بشركة «مايكروسوفت» ويعيش في القاهرة. أما ابنته، التي تعمل محامية، فمتزوجة من مصرفي بريطاني يعمل في أحد البنوك الاستثمارية وتعيش في لندن وفي انتظار طفلها الثاني. ويقول البرادعي إنه يخطط للسفر إلى لندن في موعد الولادة. ويبتسم ابتسامة عريضة قائلا: «ستقتلني ابنتي إذا لم أكن هناك».

جاء النادل ليعرض علينا قائمة الأطباق الخاصة، فاختار البرادعي معكرونة سباغيتي وكفتة. واخترت الدجاج المشوي، وشجعت ضيفي على تغيير رأيه. فيرد قائلا: «حقيقة، سأطلب أيضا هذا الطبق. فهو أخف».

ويشعر البرادعي بالقلق على الأوضاع الراهنة في مصر، التي يصفها بـ«فوضى سياسية ودستورية». لقد أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تولى الحكم مؤقتا في أعقاب سقوط مبارك، عن السعي لعقد انتخابات برلمانية وبعدها انتخابات رئاسية قبل نهاية العام. ولكن لم تحدد بعد قواعد الانتخابات ولا طبيعة سلطات الرئيس والبرلمان. وأكد البرادعي على أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية، ولكن بدت لديه مشكلة في فهم الوضع الذي يجد نفسه فيه. وتساءل قائلا: «كيف يمكن أن تخوض الانتخابات الرئاسية إذا كنت لا تعلم طبيعة المنصب؟».

وعندما سألته عن سبب استعجال الجيش، رد قائلا: «لا أعرف، أعتقد أنهم يواجهون مشكلة سياسية ويريدون فقط التخلص منها». وتعليقا على الشكوك والمخاوف وتردي الوضع الاقتصادي والإحساس بعدم الأمن، أشار إلى أن «الناس يشترون حاليا سلاحا من أجل حماية أنفسهم». ويخشى البرادعي من أن التحرك المبكر لعقد انتخابات سيكون سيئا بالنسبة للحركات الليبرالية التي مثلت عنصر دفع للثورة المصرية. وعلق قائلا: «ستعطي ميزة للمجموعات الأكثر تنظيما، وهي بالأساس جماعة الإخوان المسلمين». ولكنه أضاف: «لا أخشى من (الإخوان المسلمين) بقدر ما أخشى من السلفيين».