المعارضة تتهم الرئيس بإفشال المبادرة.. وتهدد بالتصعيد

الناطق باسم «المؤتمر» الحاكم لـ «الشرق الأوسط»: الخلاف بروتوكولي وليس على بنود المبادرة

TT

تعثر اتفاق توسطت فيه دول مجلس التعاون الخليجي لتسهيل خروج الرئيس علي عبد الله صالح من السلطة وأصبح على وشك الانهيار الأحد بعدما رفض صالح التوقيع بصفته رئيسا للجمهورية عليه مما فاقم من خطر عدم الاستقرار في اليمن. وقالت المعارضة اليمنية الغاضبة من تغيير صالح موقفه في اللحظة الأخيرة إنها تدرس تصعيد الضغط على الرئيس كي يتنحى بعد ثلاثة أشهر من احتجاجات الشوارع التي تطالب برحيله. وقال مسؤول معارض بارز لـ«رويترز»، طلب عدم نشر اسمه نظرا لعدم اتخاذ قرار رسمي، إن المعارضة تدرس خيارات التصعيد وتنتظر معرفة موقف الولايات المتحدة وأوروبا من رفض صالح التوقيع. في غضون ذلك ذكر مصدر خليجي أمس أن مراسم التوقيع على الاتفاق تأجلت. ولم يذكر تفاصيل بشأن ما إذا كان سيجري تغيير موعد التوقيع أو متى سيتم ذلك. وأبلغ وسطاء مجلس التعاون الخليجي المعارضة اليمنية السبت أن صالح سيوقع الاتفاق بصفته زعيما لحزبه وأنه رفض التوقيع بصفته رئيسا مثلما ينص الاتفاق. وغادر الأمين العام للمجلس العاصمة اليمنية صنعاء السبت دون الحصول على توقيع صالح. لكن المعارضة اليمنية قالت إنها لا تزال تأمل بأن تنجح دول الخليج في الحصول على توقيع صالح. وكان كل من صالح والمعارضة التي تضم الإسلاميين واليساريين قد وافقا على الاتفاق من حيث المبدأ. وقال محمد باسندوة، وهو شخصية معارضة يوصف بأنه رئيس وزراء مؤقت محتمل، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، إن الأمر بات الآن في أيدي الدول الخليجية وإذا تمكنت من إقناع صالح فإن الأمور ستكون جيدة. وإذا ما أبرم الاتفاق فسيعين صالح رئيسا للوزراء من المعارضة يرأس حكومة انتقالية تحدد موعدا لإجراء انتخابات الرئاسة بعد ستين يوما من استقالة صالح. كما سيمنح الاتفاق صالح وحاشيته ومن بينهم أقارب يديرون أجهزة أمنية حصانة من المحاكمة.

وقد اتهمت المعارضة اليمنية الرئيس علي عبد الله صالح بإفشال مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي كان متوقعا توقيعها أمس (الأحد) في الرياض للخروج من الأزمة عبر انتقال سلمي للسلطة. وقال محمد الصبري أحد مسؤولي «اللقاء المشترك» المعارض لوكالة الصحافة الفرنسية: «غادر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني مساء السبت دون توقيع» المبادرة.

وأضاف «ليس هناك دعوة» إلى الرياض «عقدت أربع جلسات من أجل إقناعه (صالح) وكان يطرح شروطا جديدة في كل مرة». وأكد الصبري أن «اللقاء المشترك» سيصدر اليوم (أمس) بيانا يعبر فيه عن «تقديره لجهود الإخوة في مجلس التعاون ويحمل السلطة وأركانها وفي مقدمتهم الرئيس مسؤولية ما سيترتب على إفشال هذه الجهود». وتابع «سنطالب الأشقاء برفع الغطاء عن هذا النظام والتصرف بما يحترم الشعب اليمني ويعيد الأمر كله إليه لاتخاذ قراره». وفي وقت لاحق قال سلطان العتواني أحد قادة المعارضة لوكالة الصحافة الفرنسية إن «اللقاء المشترك» يتوقع أن يمارس مجلس التعاون الخليجي ضغوطا على الرئيس اليمني. وقال إن «الإخوة في مجلس التعاون لديهم خياران: إما الضغط على الطرف المتعنت للتوقيع على الخطة وإما اتخاذ موقف سياسي ومالي من هذا الطرف». وأضاف أن «دول مجلس التعاون تأتي في مقدمة الداعمين للرئيس صالح على الصعيدين السياسي والمالي ويجب أن ترفع عنه الغطاء آخذة في الاعتبار مصالح الشعب اليمني».

وقال العتواني «لن نقبل توقيع الاتفاق إلا بصفته كرئيس للجمهورية وفقا للمبادرة. وبرفضه ذلك يحاول الرئيس صالح جر البلاد إلى العنف لكننا لن نمنحه فرصة تحقيق ذلك». ودعا دول مجلس التعاون الخليجي إلى «إدراك خطورة هذا الرفض لأن استقرار اليمن أساس لاستقرار بلدانهم».

وكان الزياني وصل السبت إلى صنعاء لدعوة ممثلي السلطة والمعارضة إلى توقيع الاتفاق في الرياض بحضور وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي. ووضعت دول الخليج القلقة من استمرار الأزمة في اليمن منذ يناير (كانون الثاني) خطة تتضمن مشاركة المعارضة في حكومة مصالحة وطنية مقابل استقالة صالح بعد شهر من ذلك. وأكد صالح للأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني أنه لن يوقع بنفسه الاتفاق الذي وضعته الدول الخليجية وأنه سيكلف أحد مستشاريه للقيام بذلك وفق مصدر اطلع على المشاورات.

وفي وقت لاحق أصدر «اللقاء المشترك» بيانا يعبر عن «بالغ أسفه لرفض رئيس الجمهورية التوقيع على مبادرة أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمنية الراهنة». وأضاف أن «ما قامت به السلطة ممثلة في رئيس الجمهورية من رفض للتوقيع لم يكن إلا مناورة كعادتها إزاء كل المبادرات بما في ذلك تلك التي قدمتها بنفسها! قاصدة بذلك شراء وقت كيما تدخل البلاد في أتون فتنة كبرى». وختم مطالبا الأشقاء بـ«الاستمرار في بذل جهودهم، والانحياز إلى الشعب اليمني وممارسة جميع الضغوطات لوقف ممارسة العنف والقتل بحق المعتصمين والمتظاهرين السلميين». وقبل استقباله الموفد الخليجي التقى صالح الذي يطالب الشارع اليمني بتنحيه منذ أكثر من ثلاثة أشهر، أكثر من 400 شخصية في الحكومة والبرلمان و«المؤتمر الشعبي العام» الحاكم لـ«مناقشة مبادرة مجلس التعاون الخليجي». وفي بيان صدر مساء السبت، أكد «المؤتمر الشعبي» أن الرئيس اليمني «لن يحضر توقيع الاتفاق الذي سيوقعه (المؤتمر الشعبي العام) و(اللقاء المشترك)»، وأن نائب رئيس الحزب الحاكم عبد الكريم الأرياني المستشار السياسي لصالح، سيترأس الوفد الحكومي إلى حفل التوقيع في الرياض.

وفي هذا الخصوص قال عبد الحفيظ النهاري رئيس الدائرة الإعلامية في «المؤتمر الشعبي العام» في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من لندن: «في تصوري أن الإشكال هو بروتوكولي، إذ إن المبادرة معنونة بين (المؤتمر) وحلفائه و(المشترك) وشركائه، وعليه فإنه يفترض أن يوقعها ممثلو (المؤتمر) و(المشترك) ثم يصادق عليها رئيس الجمهورية». وأضاف النهاري: «من غير المعقول أن يكون رئيس الجمهورية أول الموقعين». وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت المبادرة قد انتهت، قال النهاري: «لا، الخليجيون سوف يقررون موعد ومكان التوقيع على المبادرة بعد إنهاء الإشكال البروتوكولي حولها». ويقول المحتجون إنهم باقون في الشوارع إلى أن يتنحى صالح، كما دعوا إلى محاكمته بسبب الفساد ومقتل 144 محتجا.

وفي موضوع ذي علاقة أعلن مسؤول يمني محلي أن مسلحين من تنظيم القاعدة شنوا هجوما في زنجبار كبرى مدن محافظة أبين ظهر الأحد أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وإصابة اثنين آخرين. وقال المسؤول، طالبا عدم الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «مسلحين من (القاعدة) شنوا هجوما على مقر الإدارة المدنية في زنجبار»، مما أدى إلى مقتل الجنود الثلاثة وإصابة اثنين آخرين، مشيرا إلى أنهم من حراس المبنى. وأضاف أن المهاجمين الذين كانوا يستقلون سيارة «استخدموا قذائف (هاون) ومدافع رشاشة». وتتمتع «القاعدة» بوجود في محافظة أبين.