السياحة والآثار العراقية: نخشى نقل أرشيف يهود العراق من أميركا إلى إسرائيل

أحد أبناء الطائفة لـ «الشرق الأوسط» : تراثنا كان محفوظا لدى صدام الذي اهتم به شخصيا

TT

ينتاب الحكومة العراقية القلق من أن تقوم الإدارة الأميركية بتسليم أرشيف يهود العراق، الذي تم العثور عليه في بغداد إبان الاحتلال الأميركي عام 2003 ونقل إلى أميركا لغرض صيانته، إلى إسرائيل.

ولا يخفي عبد الزهرة الطالقاني المتحدث الرسمي باسم وزارة السياحة والآثار قلقه على مصير الأرشيف اليهودي العراقي على الرغم من قوله إن «وزارتنا تتابع باهتمام مصير هذا الأرشيف؛ إذ كان وزير الدولة لشؤون السياحة السابق، قحطان الجبوري قد قام بزيارة إلى واشنطن وبحث مع المسؤولين هناك موضوع إعادة الأرشيف وكانت الإجابة أن هذا الأرشيف بحاجة إلى الصيانة كونه كان قد تعرض للتلف نتيجة تسلل المياه إليه». وأضاف الطالقاني أن «وزارتنا طالبت بإعادة الأرشيف اليهودي لكن الجهات الأميركية قالت بأنه تمت صيانة ما يقرب من 90 في المائة من الأرشيف وإنهم بحاجة إلى الأموال لاستكمال الصيانة مما حدا بوزير السياحة والآثار اللواء سميسم إلى الاقتراح على الجهات الأميركية بأن تخصص مبلغ مائة ألف دولار لإنجاز مشروع الصيانة».

وأضاف الطالقاني قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد إن «الجهود مستمرة من قبل الجانب العراقي لاستعادة هذا الأرشيف حيث كانت وزارة الثقافة هي الأخرى قد طالبت بعودة الأرشيف اليهودي إلى بلده الأصلي العراق وفي كل مرة تصلنا تطمينات من الجانب الأميركي بأن الأرشيف موجود ولم يتم تهريبه إلى جهة أخرى، في إشارة إلى إسرائيل»، مبديا مخاوفه من تكرار تأجيل إعادته، وقال: «القلق ينتابنا بسبب التأجيل المستمر حيث كان من المفترض إعادته عام 2006 ولم يتم ذلك، خاصة أن هناك تسريبات إعلامية قالت بأنه تمت سرقة هذا الأرشيف ونقل إلى مكان آخر وهذا ما يبرر شرعية مخاوفنا»، موضحا أن «هذا الأرشيف هو جزء من التراث العراقي ومن الذاكرة العراقية».

وعبر الطالقاني عن اعتقاده بعدم «تصرف الجهات الأميركية بالأرشيف وتهريبه لإسرائيل لأنها اعترفت بوجوده وبأنهم يقومون بصيانته، كما أن السفارة الأميركية في بغداد أكدت أنه لم ينقص أي شيء من موجودات الأرشيف اليهودي»، منبها إلى إن «الحكومة العراقية طلبت من سفيرنا في واشنطن متابعة مصير الأرشيف وموضوع عودته إلى بغداد».

وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة السياحة والآثار أن «هذا الأرشيف تم العثور عليه في صناديق بإحدى المخازن التابعة للمخابرات العراقية وقد تسللت إليه المياه وتعرض جزء منه للتلف وأن نقله إلى أميركا تم باستشارة الهيئة العامة للآثار والتراث باعتبارها السلطة الوحيدة آنذاك المسؤولة عن الآثار والتراث»، مشيرا إلى أن «غالبية موجودات هذا الأرشيف هي عبارة عن تفاسير وكتب دينية ومناهج دراسية باللغة العبرية ولفائف توراتية يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 400 عام وآخر إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين».

من جهته، كشف المهندس إميل كوهين، وهو عراقي يهودي مقيم في لندن منذ أكثر من خمسين عاما، عن أن «أرشيف يهود العراق تم العثور عليه في أحد قصور صدام حسين، هذا ما نعرفه نحن، وقد أثار استغرابنا أن يحتفظ الرئيس العراقي السابق بهذا الأرشيف»، مشيرا إلى أن صدام «كان قد أمر بجمع الأرشيف اليهودي من معابد ومراكز الطائفة وبيوت ومدارس اليهود في العراق واعتبره ملكا شخصيا له ووجه بترجمة بعضه ولا ندري سبب اهتمامه الشخصي بمفردات هذا الأرشيف، وعندما تم قصف قصوره من قبل القوات الأميركية تعرض الأرشيف للتلف».

وأوضح كوهين لـ«الشرق الأوسط» في لندن أن يهود العراق «كانوا يكتبون في القرن التاسع كلاما عربيا بحروف عبرية، فالعبرية لم تكن لغة تعامل يومي وإنما هي لغة دين ولغة قراءة للنصوص الدينية، وفي المائة سنة الأخيرة تحولت من لغة قراءة إلى لغة كلام وتعامل حياتي»، منوها بأن «غالبية مفردات الأرشيف اليهودي الذي تم العثور عليه في بغداد هي عبارة عن نصوص دينية يعود بعضها إلى 500 عام ونسخة من التوراة محفوظة، كأي توراة في العالم، في أسطوانة من الخشب منقوش عليها بالفضة وتسمى الـ(سيفر) وهذه تجدها في أي معبد يهودي في العالم».

وأشار كوهين إلى أن «الجهات الأميركية ستنقل هذا الأرشيف بعد صيانته إلى مواد رقمية (ديجيتال) ليتاح لأي شخص الاطلاع عليه»، متسائلا عن «سر اهتمام العراق بهذا الأرشيف بعد أن لم يهتم باليهود العراقيين أنفسهم، وفجأة صاروا مهتمين بالأرشيف وهذا أمر غريب؛ إذ ضاع كثير من الآثار العراقية ومنها الآثار اليهودية التي كانت موجودة في ضريح النبي حزقيال (ذو الكفل)».