هيغ يقرر طرد السفير الليبي لدى بريطانيا قبل التوجه إلى مصر اليوم

تصاعد أعمدة الدخان من السفارة الإيطالية بطرابلس والأمم المتحدة تسحب موظفيها

مقاتل من الثوار يتخذ موقعه في المدخل الغربي من مدينة اجدابيا امس (رويترز)
TT

زادت حدة التوتر الذي تشهده العاصمة الليبية طرابلس، حيث قررت هيئة الأمم المتحدة سحب جميع موظفيها من العاصمة الليبية عقب تعرض مكاتبها هناك للنهب، كما أكد شهود عيان تصاعد أعمدة من الدخان ظهر أمس من داخل مقر للسفارة الإيطالية لدى ليبيا.. في الوقت الذي قامت فيه الحكومة البريطانية بطرد السفير الليبي لديها، وأمهلته لمدة 24 ساعة لمغادرة أراضيها.

ودانت الخارجية الإيطالية، في بيان أصدرته أمس، الهجوم الذي تعرضت له سفارتها بطرابلس، ووصفته بأنه عمل «خطير ودنيء».. قائلة إن حكومة معمر القذافي فشلت في تنفيذ التزاماتها الدولية الأساسية. بينما قال المتحدث الرسمي باسمها إنه لا توجد مزيد من التفاصيل حول الهجوم، أكثر مما رواه شهود العيان.

بينما قال وزير الداخلية الإيطالي روبرتو ماروني إن التهديدات التي أطلقها القذافي بالانتقام من إيطاليا ينبغي «أخذها على محمل الجد»، مشيرا أيضا إلى الخشية من حصول تدفق ضخم من النازحين الأفريقيين الوافدين من ليبيا. وقال ماروني إن «كلمات القذافي تؤكد ضرورة مراقبة الوضع، هذا ما نفعله وكثفنا المراقبة على أراضينا كافة».

وردا على سؤال حول تهديدات القذافي السبت «بنقل المعركة إلى إيطاليا»، اعتبر ماروني أنه «من الضروري عدم التقليل من أهميتها»، معتبرا أنها ليست فقط «دعاية».

ورأى ماروني أن إعلان النظام الليبي منذ ليلتين عن مقتل نجل القذافي قد «يضاعف غضب القذافي». غير أن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني قلل من المخاطر على إيطاليا معتبرا أن تهديدات القذافي «غير ذات مصداقية».

ورأى ماروني أن الاحتمال كبير بتسارع مغادرة اللاجئين الأفارقة من السواحل الليبية، حيث وصل ليلة السبت مركب جديد من ليبيا إلى لامبيدوزا (جنوب إيطاليا) وعلى متنه 461 لاجئا، يضافون إلى 2500 وصلوا منذ الجمعة.

وقال ماروني: «في يوم واحد وصلنا ثلاثة آلاف لاجئ من ليبيا.. إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فقد يتحقق للأسف توقعي بوصول 50 ألف شخص»، مذكرا «بعدم إمكانية إعادتهم بسبب النزاع في ليبيا والقانون الأوروبي، الذي ينص على ضرورة بقائهم في بلد الوصول». وستعتمد إيطاليا لاستقبالهم خطة وضعتها بمشاركة المناطق المختلفة لتوزيعهم في كافة أرجاء البلاد.

وبينما امتنع عبد العاطي العبيدي، وزير الخارجية الليبي، عن التعليق على ما حدث بمقار البعثات والسفارات الأجنبية لكل من قطر والإمارات وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس من سلب وتخريب، قال مسؤول ليبي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن «تعليمات قد صدرت لأجهزة الأمن، التي تتولى حراسة هذه البعثات، بالتخلي عن مهامها بعد وقت قصير من إعلان وفاة نجل القذافي».

ورفض مسؤولون بالحكومة الليبية تأكيد أو نفي هذه المعلومات، فيما قالت مصادر في طرابلس إن الاعتداء على هذه البعثات الدبلوماسية تم خلال ما وصفته بالزحف الذي قام به شباب من مختلف مناطق العاصمة طرابلس، في طريقهم إلى مقر إقامة القذافي في باب العزيزية للتعبير عن تضامنهم معه بعد الإعلان عن مصرع ابنه سيف العرب.

وكانت معظم الحكومات الغربية أجلت العاملين في سفاراتها من طرابلس مع بدء حلف شمال الأطلسي تقريبا هجماته الجوية على ليبيا قبل أسابيع، فيما قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية أمس إن حكومتها تتحقق من تقارير تفيد بأن «غوغاء هاجموا مقرا دبلوماسيا بريطانيا في العاصمة الليبية طرابلس».

وقالت المتحدثة: «نحن على علم بالتقارير التي تفيد بأن مقر الإقامة البريطاني في طرابلس قد تعرض للتدمير، ونحن نتحقق من التقارير.. نعتقد أن مقار إقامة أجنبية أخرى هوجمت أيضا».

ولم يتمكن المراسلون الأجانب في طرابلس، الذين تفرض حكومة معمر القذافي قيودا على تحركاتهم، من زيارة المواقع التي قالت التقارير إنها هوجمت الليلة قبل الماضية للتأكد من صحة تلك الأخبار.

وبدوره، قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أمس إن بريطانيا قررت طرد السفير الليبي لديها بعد هجوم على سفارتها في طرابلس.. مدينا ما وصفه بالانتهاكات للاتفاقيات الدولية، قائلا: «اتفاقية فيينا تلزم نظام القذافي بحماية البعثات الدبلوماسية في طرابلس.. وبخرق ذلك، ينتهك هذا النظام مجددا مسؤولياته والتزاماته الدولية»، وإنه نتيجة لما سبق «اتخذت قرار طرد السفير الليبي».. مضيفا أن السفير منح مدة 24 ساعة على سبيل المهلة لمغادرة الأراضي البريطانية.

وقال هيغ: «أدين الهجمات على منشآت السفارة البريطانية في طرابلس، وأيضا على البعثات الدبلوماسية للدول الأخرى».

يأتي ذلك قبل يوم من وصول هيغ إلى مصر لإجراء مباحثات مع كل من المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، ونبيل العربي وزير الخارجية، وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى (اليوم الاثنين) حول تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وفي مصر وليبيا وسوريا واليمن على وجه الخصوص.

من جهته، دافع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس عن الغارات الجوية التي تشنها طائرات حلف شمال الأطلسي على ليبيا، مؤكدا بأنها «تتوافق مع قرارات الأمم المتحدة».. فيما رفض تأكيد ما قال إنها «معلومات غير مؤكدة» عن مقتل أصغر أبناء القذافي.

ودافع كاميرون الذي كان يتحدث في برنامج سياسي لمحطة «بي بي سي» البريطانية في الوقت ذاته عن الغارات التي تشنها طائرات التحالف في ليبيا، مؤكدا أن «الأمر يتعلق بمراكز قيادة وتحكم أكثر مما هي موجهة ضد أشخاص محددين». وأوضح كاميرون أن «سياسة الضربات المحددة للأطلسي وحلفائه واضحة تماما»، وهي «تتوافق مع قرارات مجلس الأمن رقم 1973، وتتجنب إيقاع خسائر في أرواح المدنيين، وتستهدف آلة القذافي الحربية».

وحذر كاميرون قائلا: «لنتذكر أنه بينما قال القذافي إنه يريد وقفا لإطلاق النار، كان يزرع ألغاما في ميناء مصراتة لتفجير السفن التي تحمل مساعدات إنسانية لمساعدة الأشخاص الذين يقتلهم ويقضي عليهم بقناصته وصواريخه ومدفعيته.. علينا أن نتذكر ذلك».

وعلى صعيد ميداني متصل، ذكرت قناة «العربية» الإخبارية، نقلا عن المعارضة الليبية، أن القوات الموالية للعقيد معمر القذافي قصفت منطقة الزنتان وتحاول التقدم داخل المدينة. بينما أعلنت السلطات التونسية عن سقوط قذائف أطلقتها كتائب القذافي في منطقة «الذهيبة» الحدودية مع ليبيا.

وكانت معارك شديدة قد اندلعت صباح الجمعة بين الكتائب الموالية للقذافي وبين الثوار الليبيين للسيطرة على الجانب الليبي من معبر «الذهيبة» الحدودي مع تونس، مما أدخل الذعر والفزع والفوضى في نفوس ساكني مدينة الذهيبة.

ونقلت وكالة الأنباء التونسية، عن مصادر في وزارة الدفاع، أن الجيش الوطني تدخل وأوقف تقدم بعض أفراد كتائب القذافي الذين فروا إلى تونس عقب الاشتباكات مع الثوار، وأنه تم تجميعهم ثم إرجاعهم إلى الأراضي الليبية.

ومن جانبه، دان الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، أحد أقرب حلفاء النظام الليبي الحاكم، مقتل أحد أبناء القذافي (سيف العرب) وثلاثة من أحفاده في غارة لقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ليبيا. وأبدى شافيز دهشته من كيفية استمرار القادة الأوروبيين في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا في دعم الغارات الجوية على ليبيا.

وانتقد شافيز، في خطاب نقلت شبكة «إن بي سي» الأميركية مقتطفات منه أمس، الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو، واصفا التدخل العسكري بـ«الجنون». وقال إنه يعتقد أن القرار الذي أصدروه هو قتل القذافي.

كما قال عضو في البرلمان الروسي إن ضربة جوية شنها حلف شمال الأطلسي في طرابلس يقول مسؤولون ليبيون إنها قتلت أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي وثلاثة من أحفاده دليل على أن الحلف لا يحمي المدنيين.

وتنتقد روسيا التدخل العسكري الغربي بقيادة حلف الأطلسي في ليبيا وقالت مرارا إنها تشعر بالقلق إزاء استخدام القوة بتفويض من الأمم المتحدة.

وقال قسطنطين كوساتشيف لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء أمس «هذا تأكيد واضح على الاستخدام دون تمييز للقوة من جانب الحلف». واستطرد كوساتشيف الذي يرأس لجنة الشؤون الدولية بمجلس النواب (الدوما) في البرلمان الروسي: «تشير الحقائق إلى أن الهدف من الائتلاف المناهض لليبيا هو القضاء على القذافي».

ونفى حلف الأطلسي استهداف القذافي أو عائلته في القصف الذي وقع مساء أول من أمس السبت ولكنه قال إنه وجه ضربات جوية على أهداف عسكرية. وذكر مسؤولون ليبيون أنه كانت هناك محاولة اغتيال.

وقال موسى إبراهيم، المتحدث باسم الحكومة الليبية، إن أصغر أبناء القذافي سيف العرب (29 عاما) قتل في الهجوم مع ثلاثة من أحفاد القذافي.

وكان رئيس الوزراء فلاديمير بوتين انتقد الدول الغربية التي تفرض منطقة الحظر الجوي على ليبيا، وقال إنها تجاوزت القرار الصادر عن مجلس الأمن والذي يهدف لحماية المدنيين.

وعلى غرار الموقفين الروسي والفنزويلي، حذرت الخارجية الإيرانية دول العالم من «الدوافع الخفية» وراء التدخل العسكري الغربي في ليبيا، قائلة إن الدول الغربية «لا يهمها سوى مصالحها في ليبيا، وليس مساعدة الشعب كما تدعي دائما».

ونقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية عن رامين مهمان باراست، المتحدث باسم الوزارة، أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) يريدان السيطرة على احتياطيات النفط والموارد الطبيعية الأخرى في ليبيا.