مجدي أحمد حسين لـ «الشرق الأوسط»: الإنترنت سلاح الفقراء وسأعتمد عليه في دعايتي الانتخابية

أمين حزب العمل المصري يعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة ويدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية وإلغاء الضرائب وفرض الزكاة

مجدي حسنين
TT

في منزله بضاحية المَنْيَل العريقة بمحافظة الجيزة، الذي يطل مباشرة على نهر النيل، وفي داخل حجرة مكتبه التي تعج بالكتب من جميع المجالات، خاصة الإسلامية والسياسية، التقت «الشرق الأوسط» مجدي أحمد حسين، الأمين العام لحزب العمل الإسلامي المصري، الذي أعلن اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة.

كان مجدي حسين يجلس واضعا خلفه صورة كبيرة للمسجد الأقصى، بجانبها علم ليبيا الذي يرفعه الثوار بألوانه الثلاثة؛ الأسود والأخضر والأحمر، بالإضافة إلى العديد من اللوحات التي تزينها الآيات القرآنية. وفي بداية اللقاء اعتذر السياسي المعروف بتوجهاته الإسلامية عن تقديم أي من المشروبات الغازية مثل الكولا أو البيبسي باعتبار أنها منتجات أميركية، قائلا إنه يطبق سياسية المقاطعة ولا يدخل مثل هذه الأشياء في منزله، وأنه يفضل المشروبات الساخنة المصنوعة في البيت.

تحدث حسين عن أسباب اعتزامه الترشح للرئاسة وبرامجه التي يعتزم تطبيقها ومستقبل مصر بعد الثورة، مؤكدا أن ترشحه للرئاسة يرجع لعدم اقتناعه بأي من المرشحين الحاليين.

وقال حسين، الذي عاد من زيارة لإيران مؤخرا، إن دعايته ستعتمد على الإنترنت الذي اعتبره «سلاح الفقراء»، وشدد على أنه سيسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية التي قال إن الدستور المصري ينص عليها وفيما يلي نص الحوار:

* من بين الأسماء المطروحة على ساحة الانتخابات الرئاسية تبدو أنت الأقل حظا، وهذا يتضح أكثر مع قلة ظهورك الإعلامي.. هل هذا صحيح؟

- الذي تسبب في هذا الاعتقاد، هو أنني آخر شخص أعلن اعتزامه الترشح للرئاسة، وأنه تتم مقارنتي بأفراد أعلنوا (عزمهم) ترشيح أنفسهم منذ عامين أو أكثر، كما أنني لم أبدأ حملتي الانتخابية المنظمة بعد. وأؤكد أنني بمجرد أن أبدأها سيختلف الأمر كثيرا. أضف إلى ذلك أن الإعلام القومي والمستقل ما زالت له خيوط مع مؤسسات الدولة السابقة والحالية، ومتحيز ضدي على طول الخط، وما زالت المساحات الأكبر تخصص لمرشحين معينين ترضى عنهم الدوائر الأميركية، فالصحف القومية متحيزة وتتعامل مع بعض المرشحين وكأنهم مرشحون رسميون للدولة. الصحف القومية تتبنى المرشح عمرو موسى وتتعامل معه على أنه مرشح الدولة، للأسف إن بقايا نظام (الرئيس المصري السابق حسني) مبارك ما زالت موجودة في الإعلام.

* وكيف ستتعامل مع ذلك؟

- ما زال أمامي قرابة 10 أشهر، ومعي الإنترنت الذي أعتبره «سلاح الفقراء»، كما أن معي قدمي سأسير بهما في مصر كلها.

* لماذا قررت الترشح لرئاسة الجمهورية؟

- أنا لم أرشح نفسي. الفكرة عُرضت علي من جانب أصدقاء الحزب وأنصاره، وقد اجتمع الحزب وقررت لجنته العليا ترشيحي. لكنني أيضا مقتنع بهذا الترشيح؛ فالحقيقة أن الأسماء المتداولة التي أعلنت نيتها الترشح، في تقديرنا، غير جديرة بهذا المنصب. وعندما بحثنا داخل الحزب عن شخص نؤيده لم نجد أحدا نؤيده، وبالتالي لم نقتنع كحزب بأي من هؤلاء المرشحين. وهذا السبب في القرار.

* هل تعد نفسك لأن تصبح مرشح التيار الإسلامي، خاصة في ظل إعلان جماعة الإخوان المسلمين عدم تقدمها بمرشح في انتخابات الرئاسة المقبلة؟

- بالفعل.. أنا إسلامي ومنطلقاتي إسلامية ولن أخفيها، ولكنني مرشح باسم تيارات الثورة والشعب المصري كله، وبرنامجي أطرحه للجميع. هناك ضمنا تأييد ومباركة لي داخل التيارات الإسلامية، لكن التنسيق معهم أو (عقد) صفقات لم يحدث، ولا يوجد حتى الآن أي مفاوضات مباشرة. توجد فقط حوارات مع التيارات الإسلامية، حيث التقيت مع قيادات في الجماعة الإسلامية والسلفيين وغيرهم وكلها كانت لقاءات تعارف.

* ألا تخشى من أنه عندما تُحسب على التيار الإسلامي تقل فرص نجاحك، في ظل مخاوف البعض من وصول الإسلاميين إلى السلطة، واحتمال خسارة أصوات المسحيين؟

- بغض النظر عن مسألة الانتخابات والترشيح، فإن من واجبي كعامل في الحقل العام أن أتصل بالجميع وأن أتحاور مع الجميع سواء قوى إسلامية أو غير إسلامية، وقد تحاورت مع المسحيين وعملت لقاءات معهم أيضا. وأنا أؤمن أننا شعب واحد وأمة واحدة هي الأمة المصرية، ونحن قومية خاصة اسمها مصر. المسيحيون أعضاء في حزب العمل وننتخبهم ونرشحهم للبرلمان. ولنا موقف متميز جدا منذ البداية عن باقي التيارات الإسلامية في التعامل مع المسحيين؛ فنحن نرفع شعار: «لهم ما لنا وعليهم ما علينا». كما إن رئاسة الجمهورية في الفترة المقبلة ليست مطمعا، ومن يسعى إليها بشكل دنيوي ويتكالب عليها، يصبح «إنسانا أحمق».

* ما المواصفات المثلى لرئيس مصر المقبل من وجهة نظرك؟

- بالإضافة إلى الأزمات الداخلية، مصر مستهدفة من قوى خارجية، ولذلك يجب أن يكون الرئيس على قدر عال من الفهم السياسي وليس مجرد شخص إسلامي أو وطني، وأن يكون على قدر عال من فهم الصراعات الدولية والاقتصاد العالمي وكيف يدير (هذه الملفات). وهذا ليس مرتبطا بشخص فقط؛ إنما مرتبط بمجتمع ومؤسسات قوية تحمي المجتمع وتحصنه سواء من الأمراض الداخلية أو الاختراقات الخارجية. فالأساس هو بناء المؤسسات وليس حكمة الرئيس التي أوجعت رأسنا.

* أي شيء يمكن أن تقدمه لمصر حال توليك هذا المنصب؟ وما طموحاتك وبرامجك التي تعتزم تبنيها؟

- برنامجي يتلخص في 4 كلمات هي ذاتها أهداف الثورة، وهي: «استقلال. حرية. عدالة. تنمية». فيجب أن تبنى مصر كوحدة وطنية واحدة وأن تكون مستقلة في قراراتها، بحيث تمد جسورها مع العروبة وأن تهتم بالدائرة الإسلامية، وهذه الدوائر الثلاث متكاملة. بالإضافة إلى الدائرة الأفريقية المهمة جدا. ثم علاقات طيبة مع كل دول العالم ما عدا الدول التي تعتدي علينا وعلى الأمة العربية. وهي بالتحديد أميركا وإسرائيل. وبرأيي، فإن أميركا تضعف وتنسحب من العالم كله، ونحن يجب أن نتعامل من موقع القوة والاعتزاز بالنفس بعد الثورة العظيمة، وبندية كاملة ونرفض كل تصورات أميركا بأنها تتحكم في مجريات المنطقة كما كان يحدث في السابق. ثانيا، الحرية: وهي تعني بناء نظام ديمقراطي لا يتعارض مع الدين الإسلامي، ما عدا ثوابت الإسلام التي لا نطرحها للتصويت. ثالثا، التنمية: فمصر أصبحت في قاع العالم. وبالتالي سنعمل على القفز بمعدلات التنمية الاقتصادية التي تعتمد على القطاعات الإنتاجية خاصة في الصناعة والزراعة وعلى الصناعة فائقة التكنولوجيا حتى تنطلق مصر إلى دولة محترمة ومقدرة في العالم. أخيرا، العدالة الاجتماعية: فلا بد أن تكون هناك عدالة في توزيع الثروة من خلال ضرائب عادلة،.

* ذكرت فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية.. كيف يمكن العمل بها وهل تتعارض مع مدنية الدولة؟

- أولا لا يوجد شيء اسمه «في المستقبل». الشريعة الإسلامية موجودة في الدستور الحالي. وكل الناس والاتجاهات أعلنت موافقتها عليها. وما يقال عن أن الدستور ينص على كلمة «مبادئ الشريعة الإسلامية» وليس «الشريعة» هو تلاعب بالألفاظ. ما يحدث هو أن المادة الثانية من الدستور غير مفعلة، وأن كل القوانين يجب أن لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية. الشريعة الإسلامية لا بد أن تطبق وإلا يجب أن تحذف من الدستور، أما التدرج في التنفيذ فمسألة أخرى. الشريعة لا تفرق بين المسلم وغير المسلم، ولم يضمن حقوق العبادة للمسيحيين مثل الإسلام. أما في ما يتعلق بالدولة الدينية والمدنية، فلا يوجد في الإسلام فكر الدولة الدينية، ولا يوجد قدسية للحاكم أو أنه ظل الله في الأرض، وأن من يختلف معه يصبح كافرا. كيف لا نطبق الشريعة الإسلامية، إذا كان هذا دين أكثر من 90% من الشعب.

* ماذا عن إمكانية تطبيق الحدود في الشريعة الإسلامية خاصة على غير المسلمين؟

- كل من يتكلم عن الشريعة الإسلامية لخصها في مسألة الحدود، وهو القانون الجنائي، وللعلم فهذا آخر شيء يؤسس في الدولة. أهم ما في الشريعة الإسلامية هو العدل والزكاة، والناس لا تفهم ماذا تعني الزكاة. فالزكاة، تحقق أمرين.. أولا فكرة تداول المال بحيث تغني الفقير، وليس أن تحافظ على فقره، فهي ستعمل انتعاش اقتصادي، وتستهدف إغناء الفقير حتى يتمكن خلال سنة أو سنتين من أن يكون دافعا للزكاة. ثانيا مساندة رجل الأعمال؛ فالغني أيضا سيستفيد منها إذا أصيب بكارثة من خلال «مصرف الغارمين». فمن يتعثر أو يقع في مديونية تتكفل مؤسسة الزكاة بتعويضه.

* هل سيدفع غير المسلمين الجزية في هذه الحالة؟

- في ما يتعلق بالمسيحيين، فإن هناك عدة طرق، وهناك عدة اقتراحات مدروسة في هذا الشأن بأن يدفعوا قدرا موازيا للزكاة يسمى ضريبة. مع العلم بأن كل الموطنين سينطبق عليهم ذلك، وستصرف لهم الزكاة؛ فالفقير المسلم مثل الفقير المسيحي له الحق وسيأخذ من بيت المال.

* من سيضمن تطبيق الشريعة الإسلامية، هل ستنشئ مجلسا خاصا للرقابة على مؤسسات الدولة؟

- لا، لن تنشأ مؤسسة خاصة لذلك، ولكن سيتم ذلك من خلال المحكمة الدستورية العليا؛ فهذا دورها، ولكن مع تدعيمها بالثقافة الإسلامية ورفعها. ويكون ذلك عن طريق تعديل نظام التعيين فيها بحيث يكون على ثلاثة أنواع (قضاة عاديين، علماء شرعيين، مفكرين إسلاميين).

* كيف ترى التعامل الأفضل مع القضية الفلسطينية؟

- أنا متفق مع التوجهات العامة للسياسة الخارجية المصرية الآن في ما يتعلق بفلسطين، التي تتعلق بضرورة الإنهاء الفوري للحصار على قطاع غزة الذي كانت تقوم به مصر نيابة عن إسرائيل والذي كان يخالف كل القوانين الدولية والأخلاق والإنسانية التي ترفض أي تجويع أو اضطهاد للمدنين. أما إسرائيل، فهي في مأزق حقيقي الآن وتعيش في أزمة بعد الثورة المصرية والثورات العربية؛ فلديها حالة من الذعر الداخلي سيؤدي إلى نزوح مزيد من اليهود إلى بلدانهم الأصلية.

* ذهبت في زيارة إلى إيران الشهر الماضي، لماذا وكيف وجهت الدعوة لك، في ظل عدم وضوح علاقتها مع مصر حتى الآن؟

- تلقيت دعوة من إيران لإجراء مباحثات حول العلاقات المصرية - الإيرانية والتطورات الثورية الجارية بالمنطقة، والتقيت بوزير خارجيتها علي أكبر صالحي، وقد أكد صالحي لي ترحيب إيران الكبير بتصريحات وزير الخارجية المصري باستعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، وقال لي: أرجو أن تبلغه أنني أرحب باستقباله في أي وقت في طهران، ومستعد أن ألتقي به في القاهرة إن شاء.

* ما تقيمك لنتائج الثورة المصرية حتى الآن؟

- الثورة قامت حتى الآن بدور أساسي في هدم النظام السابق. لكن جانب الهدم تم منه 95% وعلينا أن نلتفت للبناء، والحكم الانتقالي غير قادر على أن يقوم بعملية البناء حتى الآن اقتصاديا وسياسيا. وهذا يرجع لقلة خبرة العسكر. والحل هو انتقال السلطة للمدنيين. فالمجلس العسكري قام بدور تاريخي في تصفية النظام السابق وفتح الطريق أمام الديمقراطية ولن يستطيع عمل أكثر من ذلك.