تنظيم القاعدة.. عمليات متوالية تحت غطاء الجهاد ضد «الحكومات الكافرة»

من تفجير فندق في عدن عام 1992.. حتى تفجيرات كنيسة الإسكندرية في 2011

هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 على أميركا ما زالت تعد أبرز عمليات تنظيم القاعدة على الإطلاق (رويترز)
TT

تسبب تنظيم القاعدة، الذي تزعمه أسامة بن لادن، والمتمثل في فكرة الجهاد ضد «الحكومات الكافرة» وتحرير بلاد المسلمين من الوجود الأجنبي أيا كان، في الكثير من العمليات التي راح ضحيتها آلاف الأرواح ما بين مسلمين وغيرهم، مما دفع بأميركا وأغلب الدول الغربية إلى وصفه بأنه «تنظيم إرهابي عالمي».

تنظيم القاعدة نشأ على يد عبد الله عزام عام 1987 الذي استفاد من المجاهدين الذين حاربوا الوجود السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي بأفغانستان، حيث تدرب آلاف من الجهاديين في معسكرات التدريب التابعة للتنظيم، وذلك بهدف القيام بعمليات في عدة مناطق تشهد صراعات إقليمية أو حروبا أهلية على غرار الجزائر ومصر والعراق واليمن والصومال والشيشان والفلبين وإندونيسيا والبلقان.

هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 على أميركا ما زالت تعد أبرز عمليات تنظيم القاعدة على الإطلاق، والتي استخدمت فيها طائرات مخطوفة للهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، الأمر الذي أدى إلى مقتل نحو 3 آلاف شخص، غير أن عام 1996 شهد هجوما بشاحنة مفخخة على قاعدة الخبر في السعودية أسفر عنه مصرع 19 شخصا و400 جريح.

وفي أغسطس (آب) من عام 1998 سجل تنظيم القاعدة هجوما على سفارتي أميركا في كل من كينيا وتنزانيا ليسقط عنه 224 قتيلا، عدا عن 17 آخرين و38 جريحا وقعوا في هجوم بزورق على المدمرة الأميركية «uss cole» بعدن في اليمن عام 2000.

شهر أبريل (نيسان) من عام 2002 كان تاريخا لهجوم تنظيم القاعدة على كنيس يهودي بجزيرة جربة التونسية، والذي أوقع 21 قتيلا معظمهم من الألمانيين، بينما شهدت إندونيسيا خلال أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه هجوما على ملهى ليلي ببالي، لقي على إثره 202 شخص حتفهم، إلى جانب 300 جريح.

كما أعلن تنظيم القاعدة في مايو (أيار) لعام 2003 مسؤوليته عن سلسلة من الهجمات الانتحارية بالمتفجرات استهدفت مصالح غربية بمدينة الدار البيضاء المغربية، إذ خلّفت أكثر من 30 قتيلا، إضافة إلى 27 قتيلا و300 جريح وقعوا نتيجة هجوم على كنيسين يهوديين في إسطنبول التركية. وفي مارس (آذار) من عام 2004 وقع نحو 191 قتيلا و1500 جريح في العاصمة الإسبانية مدريد على خلفية هجمات شنّها تنظيم القاعدة على قطارات الضواحي بإسبانيا. السابع من شهر يوليو (تموز) عام 2005 هزت شوارع لندن سلسلة من العمليات الانتحارية المتزامنة، أسفرت عن مصرع 50 شخصا وإصابة ما يقرب من 700 آخرين، والتي تبناها تنظيم القاعدة أيضا. القنابل التي استهدفت ثلاثة من قطارات مترو الأنفاق آنذاك، انفجرت في نفس الوقت تقريبا، حيث لم تفصلها عن بعض سوى 50 ثانية فقط، وهو ما دفع بالشرطة البريطانية إلى ترجيح أن تكون عمليات التفجير قد نفذت باستخدام أجهزة توقيت ولم تكن من تنفيذ انتحاريين. وفي حال مشابهة، شهدت شرم الشيخ في مصر هجمات أخرى استهدفت أحد منتجعاتها في شهر يوليو (تموز) من عام 2006، والتي راح ضحيتها نحو 88 قتيلا في ذلك الوقت، بينما شهد عام 2009 محاولة اغتيال فاشلة للأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودية، حيث نفذها عبد الله طالع العسيري الذي كان يشكّل الرقم 85 على قائمة المطلوبين أمنيا، واستخدم فيها تقنية الجوال في محاولة الاغتيال الفاشلة قبل أن يقتل.

عام 2010 لم يكن هادئا بالنسبة لعمليات تنظيم القاعدة في العراق، إلا أن الإحصائيات تقول إن العام الماضي رغم الأزمة السياسية الطويلة يعد أقل عنفا من السنوات الثلاث الماضية.

شهر مارس (آذار) من العام الماضي، شهد العراق فيه اندلاع أعمال عنف رافق عملية الانتخابات وما سبقها من حملات انتخابية، إذ تعرض مرشحون للانتخابات للاغتيال وآخرون لمحاولة اغتيال، فيما جرى يوم الانتخابات تفجيرات هدفت إلى تعطيلها، كما سجلت الإحصائيات ارتفاعا في تلك الأعمال وعدد الضحايا الذي وصل إلى 1487 قتيلا.

شهر أبريل (نيسان) لعام 2010 سجل انتصارات للقوات الأمنية العراقية، إذ تمكنت قوات تابعة للجيش والشرطة من تنفيذ ضربة عسكرية كبيرة بمنطقة الثرثار في محافظة صلاح الدين أدت إلى مقتل أبو أيوب المصري زعيم تنظيم «القاعدة» في العراق وأبو عمر البغدادي زعيم دولة العراق الإسلامية.

وفي الإحصاءات أن أبريل سجل وقوع 2048 ضحية غلبت عليها عمليات الاغتيال بالمسدسات الكاتمة والعبوات اللاصقة التي استهدفت مختلف الفئات الاجتماعية والأماكن العامة والمؤسسات الحكومية.

ومع تصاعد الجدل حول نتائج الانتخابات والمطالبة بإعادة فرز أصوات المقترعين سجل مايو تصاعد أعمال العنف من تفجيرات وعمليات الاغتيال واستمرار العمليات المسلحة ضد المدنيين بشكل أعاد إلى الذاكرة الحقبة التي عانى فيها العراق من الانفلات الأمني، حيث وصل عدد ضحايا هذه الانتهاكات إلى 2198 بين قتيل وجريح.

كما شهد يونيو (حزيران) حدثين أمنيين كبيرين، أحدهما قيام مسلحين باقتحام مبنى البنك المركزي شديد التحصين وسط العاصمة في عملية انتحارية نفذها تنظيم «القاعدة» أدت إلى مقتل 16 شخصا وسقوط 40 جريحا، فيما نجحت القوات الأمنية في إحباط الهجوم المسلح الذي أدى إلى أضرار في بعض المكاتب.

‎وفي يوم 17 من الشهر ذاته حدث انفجار كبير في سيارة ملغومة استهدف مركزا للتطوع في الجيش أدى إلى مقتل ما يقرب من 40 متطوعا وجرح المئات، في عملية نوعية، وقام المسلحون بعد الانفجار بإطلاق النار بشكل عشوائي مستغلين فوضى الانفجار. ‎ وفي شهر يوليو (تموز)، بلغ عدد ضحايا أعمال العنف ما يقارب 2097 بين قتيل ومصاب، في حين سجّل شهر أغسطس (آب) على مستوى التفجيرات والإصابات والضحايا نحو 1886 وقعوا ضحية العمليات الإرهابية.

سبتمبر (أيلول) كان حاضرا بقوة في سجل الأحداث الأمنية، ولا سيما أنه شهد تعرض مبنى وزارة الدفاع وسط العاصمة بغداد لهجوم انتحاري واختراق الحراسات الأمنية للوزارة، والذي أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 25 آخرين بجروح.

الحدث الأمني الآخر الذي شهده العراق في سبتمبر كان مقتل صحافيين اثنين؛ الأول هو رياض السراي مقدم البرامج الدينية في قناة «العراقية» بنيران مجهولين في منطقة الحارثية غرب بغداد، والثاني مراسل قناة «الفضائية» الموصلية صفاء الدين عبد الحميد أثناء توجهه إلى مقر عمله قرب منزله شرق الموصل مما أسفر عن مقتله في الحال.

أكتوبر (تشرين الأول) سجل انخفاضا في أعمال العنف، في ظل بلوغ الحصيلة نحو 279 قتيلا و601 مصاب، إلا أن نوفمبر (تشرين الثاني) كان قاسيا على بغداد، إذ شهدت حدثا أمنيا بارزا في بداياته تمثل في قيام مسلحين باقتحام كنيسة سيدة النجاة وسط العاصمة واحتجاز من كان فيها، مما اضطر الأجهزة الأمنية إلى تنفيذ اقتحام مضاد راح ضحيته نحو 50 مصليا، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة قضية استهداف المسيحيين، والتي على إثرها بدأت موجات هجرة جديدة لهم.

وقد شهد نوفمبر (تشرين الثاني) ارتفاع أعمال العنف وتسجيل 298 قتيلا و959 جريحا و1245 اعتقالا. غير أن الحكومة العراقية أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) عن اعتقال شبكة مسلحة كبيرة مسؤولة عن استقدام انتحاريين، إضافة إلى إلقاء القبض على عناصر من تنظيم القاعدة خططوا لاستهداف مواكب حسينية في المناسبات الدينية.

عمليات تنظيم القاعدة في العراق استهدفت بالاغتيال ضباطا كبارا في الأجهزة الأمنية، بينما استخدمت الأسلحة الكاتمة في استهداف المحامين، والمهجرين العائدين، والموظفين في منظمات إنسانية، وأئمة الجوامع، وذوي النواب في البرلمان، وعناصر من الصحوة، ومسؤولين في الأحزاب السياسية، ونساء ورجالا مدنيين.

كما استهدف تنظيم القاعدة باستخدام العبوات والمفخخات والأحزمة الناسفة والقنابل والألغام، منازل منتسبي الشرطة وقوة مكافحة الإرهاب، والأسواق الشعبية، والمساجد، ومنازل العائلات المهجرة، والمواطنين من الطائفة المسيحية، ومكاتب النواب، والفنادق، وعددا من مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية، ودوريات الشرطة والصحوة، فضلا عن استخدام الحيوانات النافقة وعربات الخضار المفخخة في التفجيرات.

وقد سجل العام الماضي الكثير من الأحداث المتعلقة بتنظيم القاعدة على مستوى العالم، حيث دعا مقال كتبه شخص مجهول في شهر أبريل لعام 2010 على مجلة إلكترونية يصدرها تنظيم القاعدة في المغرب إلى شن هجمات خلال مباريات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا.

وفي العام نفسه، أطلق تنظيم «القاعدة» أول مجلة إلكترونية ناطقة باللغة الإنجليزية تابعة له على شبكة الإنترنت، في خطوة قد يرى البعض أنها تهدف إلى تجنيد المزيد من «الإرهابيين» من مواليد الولايات المتحدة الأميركية. كما أعلنت السعودية في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي القبض على (هيلة القصير) «45 عاما» والتي تعد أخطر امرأة في تنظيم القاعدة في المملكة، حيث كانت تعمل على تجنيد النساء وجمع الأموال لتمويل «القاعدة».

وفي الثامن والعشرين من شهر أكتوبر لعام 2010 عثر على طردين مشتبه فيهما على طائرتي شحن كانتا متجهتين من اليمن إلى الولايات المتحدة، إذ تأكد أن هذين الطردين يحتويان على عبوات ناسفة، وهو ما أعلنه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في وقت لاحق مسؤوليته عن الطرود فيما تبين فيما بعد أنها مجرد اختبار على إمكانية إرسال مثل هذه الطرود.

وفي اليمن، اتهم ما يسمى بفرع تنظيم القاعدة اليمني بتنفيذ سلسلة من الهجمات الدامية في البلاد قبل وبعد انضمام الفرع السعودي إليه مطلع عام 2009 واعتماده تسمية «تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب».

شهر ديسمبر من عام 1992، نفذ فيه تنظيم القاعدة هجوما استهدف فندقا بعدن جنوبي اليمن، والذي يستخدمه جنود أميركيون كانوا في طريقهم إلى الصومال، الأمر الذي أسفر عن مقتل صومالي وسائح نمساوي، فضلا عن هجوم على السفارة البريطانية في صنعاء اقتصرت أضراره على الماديات فقط وذلك خلال شهر أكتوبر لعام 2000.

عام 2002 نفذت خلايا تنظيم القاعدة هجوما على ناقلة النفط الفرنسية ليبورغ أثناء استعدادها للرسو في ميناء المكلا، حيث أسفر عن مقتل بحار بلغاري، عدا عن إحداث فجوة في الناقلة التي تبلغ حمولتها نحو نصف مليون طن.

وفي يوليو من عام 2007 لقي نحو 8 سياح إسبان ويمنيان اثنان مصرعهم في انفجار سيارة مفخخة بالقرب من موقع أثري بمأرب شرق صنعاء، إلى جانب وفاة سائحتين بلجيكيتين وسائقهما ومرشدهما اليمنيين في إطلاق نار بوادي حضرموت، ومقتل جندي وطالبة في هجوم بالصواريخ استهدف السفارة الأميركية في صنعاء وإصابة مدرسة مجاورة عام 2008.

العام نفسه أيضا، شهد مقتل 16 شخصا في انفجار سيارتين مفخختين استهدفتا السفارة الأميركية بصنعاء، في حين لقي أربعة سياح كوريين جنوبيين حتفهم وأصيب أربعة آخرون بجروح في تفجير انتحاري بشبام شرق اليمن وذلك عام 2009.

كما طال شاب نيجيري في العام نفسه اتهام بمحاولة تفجير طائرة أميركية قبيل وصولها إلى ديترويت من أمستردام، حيث اعترف الشاب عمر فاروق لاحقا بأنه تلقى تدريبه في اليمن لتنفيذ العملية، إلى جانب تبني تنظيم القاعدة لمحاولة اعتداء فاشلة على الطائرة الأميركية.

وفي العام الماضي، أعلن تنظيم القاعدة تبنيه لعملية هجوم انتحاري استهدفت سفير بريطانيا في صنعاء، والذي نجا من ذلك الهجوم دون أي إصابة، في حين قتل الانتحاري منفذ هذا الهجوم.

مصادر يمنية أفادت خلال شهر يونيو 2010 بأن قبليين موالين لـ«القاعدة» قاما بتفجير أنبوب نفط في محافظة مأرب، وهو الخط الوحيد الذي ينقل النفط الخام من مأرب إلى ميناء على البحر الأحمر للتصدير، وذلك بعد مداهمة الجيش اليمني لمناطق قبلية في وادي عبيدة لتعقب بعض عناصر «القاعدة» هناك.