نص كلمة الرئيس الأميركي أوباما التي أعلن فيها مقتل بن لادن

TT

طاب مساؤكم.. يمكنني الليلة أن أعلن للشعب الأميركي وللعالم أن الولايات المتحدة قامت بعملية عسكرية أسفرت عن مقتل بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، والإرهابي المسؤول عن مقتل آلاف الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال.

قبل نحو عشر سنوات، وفي الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، شهدت الولايات المتحدة أسوأ هجوم على الشعب الأميركي، وصور ذلك الهجوم ما زالت محفورة في ذاكرة الأميركيين.. صور الطائرات المختطفة وهي ترتطم بناطحات السحاب، وانهيار برجي مركز التجارة العالمي وتصاعد الدخان الأسود، وحطام طائرة الركاب في ولاية بنسلفانيا، التي قام أناس شجعان بمنع الخاطفين من استخدام الطائرة في هجوم آخر لقتل مزيد من الأميركيين.

لكن أكثر الصور حزنا هي تلك التي لم يشاهدها العالم لأن العديد من الأسر الأميركية فقدت أفرادا منها في الهجوم، ونما العديد من الأطفال دون أب أو أم.. وفقد آباء إلى الأبد عناق الأبناء الذين قتلوا في الهجوم. فقد قتل ما يفوق 3 آلاف أميركي في الهجوم، وهذا ترك أثرا عميقا في قلوب الأميركيين.

ورغم الألم الذي ألم بالولايات المتحدة في أعقاب الهجوم، فإن الشعب الأميركي أظهر التعاضد بين أفراده، والذين لم يترددوا في مد يد العون لبعضهم البعض والتبرع بالدم للمصابين في الهجوم.. ومثبتين مرة أخرى قوة الروابط والحب الذي يجمعهم.

في ذلك اليوم، أثبتنا أننا أسرة واحدة بغض النظر عن الدين والعرق والجماعة. وأثبتنا وحدتنا وتصميمنا على الدفاع عن شعبنا وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة للعدالة. وأدركنا بسرعة أن المسؤول عن هذا الهجوم هو تنظيم القاعدة، بزعامة أسامة بن لادن، وهو التنظيم الذي أعلن صراحة الحرب على الولايات المتحدة وعزمه على قتل الأبرياء في بلادنا وحول العالم، مما أجبرنا على خوض حرب ضد هذا التنظيم لحماية الشعب الأميركي وأصدقائنا وحلفائنا.

خلال السنوات العشر الماضية، وبفضل الجهود الجبارة والمتواصلة لجنودنا وعناصر مكافحة الإرهاب، حققنا نجاحات كبيرة في الحرب على الإرهاب وأوقفنا العديد من الهجمات الإرهابية وعززنا دفاعنا عن بلادنا.

وفي أفغانستان قضينا على حكم طالبان، والذي وفر المأوى والدعم لتنظيم القاعدة. وقتلنا العديد من أفراد التنظيم، كما ألقينا القبض على العديد من أفراده الذين شاركوا في هجمات سبتمبر بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة. وتمكن بن لادن من الهرب من أفغانستان إلى الأراضي الباكستانية، بينما استمر نشاط «القاعدة» عبر الحدود الأفغانية - الباكستانية وحول العالم عبر التنظيمات الإرهابية الأخرى المرتبطة به.

وفي نهاية المطاف، قمت الأسبوع الماضي - وبعد التأكد من توفر معلومات كافية تتيح لنا القيام بعملية - قمت بإعطاء الأوامر للقيام بذلك، بهدف اعتقال بن لادن لتقديمه إلى العدالة.

ونفذت الولايات المتحدة، وبناء على أوامري، عملية في منطقة أبت آباد في باكستان، قام بها فريق صغير بمنتهى الشجاعة والقدرة.. ولم يصب خلالها أي من أعضاء الفريق. كما تفادوا سقوط الأبرياء خلالها وتمكنوا من قتل بن لادن والحصول على جثته بعد تبادل لإطلاق النار.

وعلى مدى أكثر من عشرين سنة، ظل بن لادن قائد تنظيم القاعدة ورمز وجوده.. وعكف على تدبير هجمات ضد بلادنا والبلاد الصديقة لنا وحلفائنا.

إن قتل بن لادن يمثل أعظم إنجاز حققته أمتنا حتى الآن في جهودها للقضاء على تنظيم القاعدة. ولكن موته لا يعني توقف جهودنا، ذلك أنه مما لا شك فيه أن «القاعدة» ستواصل هجماتها ضدنا. ولذا فإنه من الضروري أن نكون، وسنكون، في غاية الحذر داخل بلادنا وخارجها.

وفي إطار ذلك التصميم، علينا أن نؤكد أيضا أن الولايات المتحدة لم تكن، ولن تكون أبدا، في حرب مع الإسلام.

ولقد أوضحت بجلاء أن حربنا ليست ضد الإسلام، تماما كما فعل الرئيس السابق جورج بوش عقب وقت قليل من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. فلم يكن بن لادن زعيما إسلاميا، بل كان قاتلا للمسلمين بالجملة. والحق أن تنظيم القاعدة ذبح العشرات من المسلمين في دول عدة من بينها الولايات المتحدة.

ولذلك فإن ذلك المصير الذي لقيه بن لادن ينبغي أن يكون موضع ترحيب من كل من يؤمنون بالسلام والكرامة الإنسانية.

وعلى مدى سنوات، كنت أردد دائما أننا بصدد اتخاذ إجراءات داخل باكستان نفسها إذا نما لعلمنا أن بن لادن مختبئ فيها، وكان ذلك هو ما فعلناه.

ومن الضروري أن أشير إلى أن تعاوننا مع باكستان، في مجال مكافحة الإرهاب، قد ساعدنا في الوصول إلى بن لادن والمجمع الذي كان يختبئ فيه.

والواقع أن بن لادن كان قد أعلن الحرب على باكستان أيضا، وأمر بتنفيذ هجمات ضد الشعب الأفغاني. وقد اتصلت الليلة بالرئيس الباكستاني زرداري، كما تحدث مسؤولون من الإدارة مع نظرائهم الباكستانيين.. وهم متفقون على أن هذا يوم تاريخي ومفرح بالنسبة لكل من الشعبين. وانطلاقا من ذلك، أود أن أؤكد أن على باكستان أن تواصل التعاون معنا في الحرب على تنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة له.

إن الشعب الأميركي لم يدخل هذه الحرب مختارا، بل جاءت الحرب إلى بلادنا وبدأت بمذبحة حمقاء ضد مواطنينا. والآن، وبعد عشر سنوات من احتمال المصاعب ومن الكفاح والتضحيات، فإننا بتنا نعرف تماما الثمن الباهظ للحرب.

لقد كان هذا العبء يثقل كاهلي، باعتباري القائد الأعلى لأركان الجيش، في كل مرة أضطر فيها لكتابة خطاب تعزية لأسرة فقدت فردا منها.. أو أنظر في عيني جندي لحقته إصابة جسيمة أثناء الخدمة.

إذن يعرف الأميركيون ثمن الحرب، ولكننا كدولة لن نسمح أبدا بتهديد أمننا، ولن نقف مكتوفي الأيدي عندما يقتل أبناء شعبنا، ولن نتوانى في الدفاع عن مواطنينا وأصدقائنا وحلفائنا.. سنكون مخلصين للقيم التي صاغت هويتنا، التي نحن عليها الآن.

وفي ليلة كهذه، نستطيع أن نقول لعائلات أولئك الذين راحوا ضحية لإرهاب تنظيم القاعدة «إن العدالة قد تحققت».

والليلة أتوجه بالشكر لذلك العدد الذي لا يحصى من رجال المخابرات ومكافحة الإرهاب، الذين عملوا ليل نهار لتحقيق هذه النتيجة. إن الشعب الأميركي لا يرى هؤلاء ولا يعرف أسماءهم، ولكنهم يشعرون اليوم بالرضا من أن عملهم قد أثمر وأن العدالة قد أخذت مجراها.

كما أتوجه بالشكر للرجال الذين نفذوا العملية بأعلى قدر ممكن من الحرفية والبطولة والشجاعة منقطعة النظير.. إنهم أبناء جيل تحمل النصيب الأكبر من العبء منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

وأخيرا، دعوني أتوجه لأسر الضحايا الذين قتلوا في الحادي عشر من سبتمبر، أننا لم ننس ما قاسيتموه من ألم وخسارة ولو للحظة واحدة، ولم نتردد للحظة في التزامنا بأن نبذل كل جهدنا لمنع وقوع هجوم آخر على بلادنا.

اليوم نستعيد ذكرى ذلك الشعور بالوحدة الوطنية بعد الحادي عشر من سبتمبر. أعرف أن تلك الوحدة ربما اهتزت في بعض الأوقات، ولكن ما تحقق اليوم هو إنجاز يشهد على عظمة بلادنا، وما يتمتع به الشعب الأميركي من عزيمة قوية.

إن مهمة تأمين بلادنا لم تنته بعد، ولكننا اليوم نؤكد لأنفسنا أن بوسع الأميركيين أن يفعلوا ما يعقدون العزم عليه. تلك هي خلاصة التاريخ الأميركي، سواء كانت السعي من أجل الرخاء أو تحقيق المساواة بين كافة أبناء شعبنا، أو التزامنا بالدفاع عن قيمنا داخل بلادنا وخارجها، والتضحيات التي قدمناها كي يصبح العالم مكانا أكثر أمنا.

دعونا لا ننسى أن بوسعنا أن نحقق هذه الأمور ليس لمجرد أننا أغنياء، ولكن بسبب طبيعتنا.. وإيماننا بأننا أمة واحدة لها إله واحد ولا يمكن تقسيمها، وتسودها قيم الحرية والعدالة للجميع.

أشكركم.. وليبارككم الله.. وليبارك الله أميركا.