قتل بن لادن في وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية

عناوين الصحف الكبرى: «العدالة تحققت»

TT

كانت العناوين الرئيسية في الصحف الأميركية صباح اليوم التالي لقتل أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة تشبه بعضها. بل إن عناوين أهم صحيفتين إخباريتين متنافستين «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» اتفقت على «العدالة تحققت».

وكانت هناك عناوين منها: «أنيستون ستار»: «هذه هي العدالة». و«ديكاتور ديلي»: «قواتنا قتلت بن لادن». و«أنكريدج نيوز»: «قتلنا بن لادن». و«بريسكوت كاريار»: «ميت». و«بيكرسفيلد كاليفورنيان»: «خدمنا العدالة». و«سان فرانسيسكو أكيزامينار»: «جزار 11 سبتمبر ميت».

أكثر العناوين كانت: «بن لادن ميت» و«موت بن لادن». ولخص العناوين هذا العنوان: «حقا؟ ميت؟ بن لادن؟ بعد كل هذه السنوات؟».

وانفردت صحيفة «نيويورك نيوز» بعنوان يقول: «للتعفن في جهنم».

لكن، سبقت عناوين الصحف نشرات الأخبار في التلفزيونات، وسبقت هذه مواقع وصفحات في الإنترنت، مثل «تويتر» و«فيس بوك». بل إن الباكستاني صهيب آثار نال قصب السبق لأنه كتب في «تويتر» عن إطلاق نار بالقرب من منزله في آبوت آباد، وذلك عندما نزلت القوات الأميركية لتقتل بن لادن.

بالنسبة لكثير من شبكات التلفزيون الأميركية الرئيسية، تحولت «نشرة أخبار منتصف الليل» إلى «نشرة أخبار الصباح»، وذلك لأن كثيرا من هذه الشبكات لم تتوقف عن تغطية الخبر.

وعلى الرغم من أن شبكات سبقت شبكات بدقائق قليلة في نقل الخبر، أو أحيانا بثوان قليلة، فقد استمرت كلها تغطي الخبر خطوة بخطوة. واتفقت كلها على تعليقات سريعة من المذيعين والمذيعات، مثل: «أنا لا أكاد أصدق» و«أحتاج إلى فترة لأستوعب الخبر» و«تسع سنوات وتسعة أشهر» (في إشارة إلى المدة منذ هجوم 11 سبتمبر/ أيلول).

وفي الرابعة صباح أمس، بعد خمس ساعات من خطاب الرئيس أوباما، قال جون سكوت، مذيع تلفزيون «فوكس»: «الذين كانوا نائمين واستيقظوا الآن، أقول لهم إن العالم تغير عندما كانوا نياما».

وكان سكوت واحدا من مذيعين كبار تم استدعاؤهم لدخول الاستوديو ليقدم «نشرة أخبار الصباح» من قبل أربع ساعات من مواعيد تقديمها كل صباح.

بالنسبة لموقع «تويتر» في الإنترنت، فقد تكررت جملة «بن لادن ميت» (مع علامة تعجب، أو علامات تعجب) ملايين المرات بالمقارنة مع أن الذين يكتبون في «تويتر» يزيد عددهم على خمسمائة مليون شخص.

وخلال خطاب أوباما الذي استغرق خمس دقائق، أعلن موقع «تويتر» أن الرسائل كانت تتبادل بمعدل أربعة آلاف رسالة في الثانية الواحدة.

وكتب تيم نيكلسون، طالب في الجامعة الأميركية في واشنطن، أنه سمع بوفاة بن لادن عندما كان يتابع صفحات في موقع «فيس بوك». وكتب آلان فيشر، مراسل لقناة «الجزيرة» الإنجليزية وهو يتابع الخبر في موقع «تويتر»: «بالنسبة لجيلي، سوف نتذكر هجمات سبتمبر, ووفاة ديانا. بالنسبة للجيل الأصغر منا، سيتذكرون موت أسامة بن لادن».

عن طريق «تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما من مواقع الإنترنت، انتشر الخبر قبل إعلان الرئيس أوباما بساعات. أوباما أعلن الخبر في الحادية عشرة والنصف ليلا، لكنه، قبل ذلك بخمس ساعات، كان قد استدعي من ميدان لكرة الغولف، حيث كان يلعب كعادته عصر يوم الأحد. ويعتقد أن ذلك كان وقت انطلاق طائرات الهليكوبتر نحو المنزل الذي كان فيه بن لادن مختفيا. ثم أعلن المكتب الصحافي للبيت الأبيض أن أوباما سيلقي خطابا مهما للشعب الأميركي. ونقلت وكالات أخبار ومحطات تلفزيونية أن أوباما ربما سيعلن قتل الرئيس الليبي معمر القذافي.

ومع استمرار نشرات الأخبار في التلفزيون طوال الليل بعد خطاب أوباما، ظهر المعلقون والمحللون والخبراء، وكان واضحا على وجوه كثير منهم أنهم لم ينالوا نصيبا كافيا من النوم. واستدعي أيضا صحافيون متخصصون في كتابة مرثيات المشاهير. (حسب عادة صحافية أميركية، تخزن الصحف وشبكات التلفزيون مرثيات لمشاهير كبار في السن لنشرها في ثاني يوم لوفاتهم، بدلا من مرور أيام لجمع معلومات عنهم).

من بين القنوات التلفزيونية التي استمرت تنقل الأخبار طوال الليل: «سي إن إن» و«فوكس».

تلفزيون «إن بي سي» وتلفزيون «سي بي إس» غطيا لساعات، ثم عادا إلى مسرحيات ومسلسلات وأفلام. لكن، الأول انفرد دون غيره باستدعاء كبير مذيعيه، بريان وليامز.

وعلى الرغم من تركيز الصحافيين الأميركيين على النزاهة الصحافية، وما يلحق بها من حياد وعقلانية، فقد كان واضحا أن قتل بن لادن زاد مستويات عواطفهم. وزاد أكثر عندما نقلت شبكات التلفزيون صور المتظاهرين أمام البيت الأبيض وفي «غراوند زيرو» (مكان مبنى التجارة العالمي الذي دمره هجوم 11 سبتمبر 2001).

من بين هؤلاء جيرالدو ريفيرا، مذيع شبكة «فوكس» الذي خاض وسط الشباب المحتفلين بالقرب من البيت الأبيض. وأعلن في حماس: «تحقق نصر كبير من قبل الأخيار ضد أكثر الأشرار شرا». وتندر صحافيون على بن لادن، مثل جون فايس، من تلفزيون «سي إن إن»، الذي قال إن وجود بن لادن في منزل مريح من طابقين في ضاحية من ضواحي إسلام آباد يعنى أنه لم يعد «خشنا في نضاله»، لأنه ترك الحياة في الكهوف.

بالنسبة للإعلام البريطاني، فقد انفردت «بي بي سي» بنقل الأخبار أولا بأول. ليس فقط خطاب أوباما، ولكن، أيضا، ردود فعل سريعة، وفي الحال من أفغانستان وباكستان. وحتى مع متحدث باسم «القاعدة» (قال: إنه ليس حزينا لأن بن لادن مات شهيدا). ومتحدث باسم طالبان (قال: إن «نضال» طالبان ليس له صلة ببن لادن). ومتحدث باسم حكومة أفغانستان (قال ما معناه: إن على القوات الأميركية أن تركز على باكستان أكثر من أفغانستان، لأن بن لادن كان في باكستان).

واستفادت «بي بي سي» من شبكة مراسلين عملاقة ربما في كل مدينة رئيسية في العالم، خاصة في أكثر من مدينة في باكستان وأفغانستان. وقال بيرت هوروكس، مدير التغطية العالمية: «بالطبع نقلنا أخبار المبتهجين في الولايات المتحدة. لكن، استخدمنا مراسلينا لتقديم نظرة أوسع». وأضاف: «على سبيل المثال، لاحظ مراسلونا في باكستان أن المنزل الذي كان فيه بن لادن، كان على مسافة نصف الميل من الأكاديمية العسكرية الكبرى للجيش الباكستاني. وتحدث مراسلونا في أفغانستان مع قادة الأجهزة الأمنية الأفغانية، وقال واحد منهم إن قتل بن لادن جاء متأخرا، لأن هناك بن لادن في كل شارع».

غير أن الصحف البريطانية، بسبب عامل الوقت، لم تلحق الخبر، وذلك لأن أوباما تحدث في الرابعة صباحا بتوقيت لندن. فكان عنوان «ديلي ميرور»: «دموع هاري لفرح شقيقه ويلي وعروسه كيت». وعنوان صحيفة «ديلي صن»: «كيت تنتظر بينما يسافر ويلي إلى فولكلاند».

لكن، طبعا، لحقت مواقع الإنترنت لهذه الصحف بالأخبار. وكتب موقع صحيفة «غارديان»: «هجوم أميركي في باكستان يقتل بن لادن». وكتب موقع صحيفة «الإندبندنت»: أميركا تقتل بن لادن».