الصحافي الجزائري الفرنسي خالد محند معتقل في سوريا.. ولا معلومات عنه

لم تشفع له إقامته في دمشق منذ سنتين وشغفه بأحيائها وناسها

TT

لم تنفع الاتصالات الحثيثة التي تقوم بها السفارتان الفرنسية والجزائرية في دمشق مع السلطات السورية في الإفراج عن الصحافي الجزائري الفرنسي خالد سيد مُحَنَّد، المعتقل في السجون السورية منذ 9 أبريل (نيسان) الماضي، من دون أن تتضح أسباب اعتقاله، على الرغم من إقامته في دمشق منذ أكثر من عامين.

خالد، الذي أتم عامه الأربعين في يناير (كانون الثاني) الماضي، اعتقل في منزله الدمشقي، وهو الذي اختار عاصمة الأمويين دون سواها من عواصم العالم مقرا لإقامته ونقطة ينطلق منها إلى العواصم الأحب إلى قلبه: باريس، والجزائر وبيروت. يعمل خالد كصحافي مستقل، يراسل جريدة «لوموند» الفرنسية بشكل متقطع ويتعاون مع إذاعة «فرانس كولتور» من خلال إعداد وثائقيات إذاعية على نحو منتظم. كان خالد يتردد أيضا على بيروت، حيث لديه كثير من الأصدقاء وحيث درّس أيضا مادتي «مبادئ التحقيق الاستقصائي» وكيفية إعداد «التقرير الإذاعي» لطلاب ماجستير الصحافة الفرنكوفوني في كلية الإعلام والتوثيق في «الجامعة اللبنانية» وفي «الجامعة الأنطونية». كما استمر في زيارة الجزائر وباريس بشكل دائم لإنتاج أعماله والتردد على الأصدقاء والعائلة.

تحت شعار «الحرية لخالد سيد مُحَنّد»، دعت منظمة «مراسلون بلا حدود» في 29 أبريل الماضي إلى توقيع عريضة للمطالبة بالإفراج عنه. ولا تملك المنظمة أو أصدقاؤه وعائلته أي معلومات عنه ولا عن زملاء له سوريين وأجانب معتقلين منذ بدء حركة الاحتجاجات في سوريا في منتصف شهر مارس (آذار) الماضي. وجاء في بيان المنظمة: «لا نعلم مكان اعتقال خالد ولا سبب اعتقاله، ولا ماهية وضعه الصحي الراهن».

وفي حين تتابع السفارتان الفرنسية والجزائرية مساعيهما لدى السلطات السورية وتؤكدان أنهما تبذلان ما في وسعهما كي يتم الإفراج عنه، أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» عن إيمانها بأن «خالد لا يمكن أن يستعيد حريته إلا من خلال تعبئة ضخمة تنظم على محاور ثلاثة: الناس، والوسائل الإعلامية، والقنوات الدبلوماسية».

في بيروت، كما في باريس وفي الجزائر، يعمل أصدقاء خالد وزملاؤه على «فيس بوك» بشكل منظم. ينشرون مقالات عنه ويطلون عبر وسائل الإعلام ويكتبون تعليقاتهم على حائط مجموعة خاصة أنشأوها مطالبين بالإفراج عنه. في مقال كتبته الزميلة ألين موراني التي عرفت خالد عن قرب، من خلال عملها منسقة إدارة لماجستير الصحافة الفرنكوفوني في الجامعة اللبنانية: «يتميز الزميل خالد سيد محند بخجل وبابتسامة لطيفة وحساسية عالية وحس إنساني عميق وذكاء وبساطة سهلت عملية التعارف والتواصل في ما بينه وبين الطلاب». وتنقل عنه قوله عن سبب اختياره دمشق دون سواها للإقامة فيها: «أحب دمشق كثيرا. أنا معجب بشعبها وناسها ويومياتهم ونمط حياتهم. أرتاح في أحياء دمشق وأسواقها ومقاهيها وعراقتها وأصالتها».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أكدت موراني أن «أصدقاء خالد، وهم كثر، لا يعرفون أي شيء عنه منذ اعتقاله». وقالت: «شائعات كثيرة صدرت، لكن لا صحة لأي منها، لأنه أي جهة رسمية لم تتبنها أو تؤكدها»، معربة عن اعتقادها بأن «اعتقاله مرده إلى كونه صحافيا أجنبيا موجودا على الأراضي السورية». وأوضحت موراني أنه «وفق المعلومات المتداولة، فإن خالد لم ينشر أي مقال أو رسالة إذاعية عما تشهده سوريا من أحداث واحتجاجات. لكنه، كصحافي، من البديهي أن يوجد في مكان الحدث».

وكان طلاب خالد في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية في بيروت أصدروا بيانا في 18 أبريل الماضي أشاروا فيه إلى أنه «إثر شيوع خبر اعتقال الصحافي خالد سيد مُحَنّد، ساد القلق أوساط معارفه في بيروت، لا سيما طلابه في (ماجستير الصحافة الفرنكوفوني) في (الجامعة اللبنانية)، مثنين على ما يتمتع به من (تجربة مهنية مشهود لها تستند إلى مبادئ أخلاقية صارمة لجهة مقاربة أي موضوع)». وجاء في البيان: «لقد عرفنا، نحن طلابه، الصحافي خالد سيد مُحَند كمراقب ومتابع للأحداث التي تجري في العالم الذي يحيط به، ساعيا إلى بناء رؤيته الخاصة بعيدا عن الأفكار المسبقة، لا سيما في البلد الذي استضافه. ولطالما قال إن دمشق مدينة (يحلو العيش في أرجائها) وإنه يفترض في عملية مقاربتها أخذ مسافة من الأفكار المنمطة المساقة تجاهها». وطالبوا باسم حرية التعبير وحرية الصحافة ومبادئ الحرية الشخصية، «الجهات الرسمية في الجمهورية السورية بالإفراج الفوري عن الصحافي الجزائري خالد سيد مُحَنّد».

يذكر أن هناك ارتفاعا في نسبة الاعتقالات العشوائية التي طالت عددا من المدونين والصحافيين المحليين والأجانب في الأسابيع الأخيرة في سوريا، حيث رحلت السلطات السورية مراسل وكالة «رويترز» في دمشق خالد يعقوب عويس بحجة أنه يقدم تغطية «غير مهنية وكاذبة» للأحداث في سوريا. كما سجل اختفاء صحافيين لبنانيين من تلفزيون وكالة «رويترز» هما المعدة التلفزيونية آيات بسمة والمصور عزت بلطجي، اللذان أعيد إطلاق سراحهما. واعتقل الصحافي الأردني سليمان خالدي الذي يعمل أيضا في وكالة «رويترز»، إثر تغطيته الأحداث الأخيرة في درعا، ومن ثم أطلق سراحه.