سوريا حملة اعتقالات ومداهمات واسعة.. وإطلاق نار في دوما.. وتحذيرات للمتظاهرين

وزير التجارة السوري: قرارات اقتصادية مهمة ستصدر خلال أيام.. توقعات بمناقشة مادة في الدستور تتعلق بحزب البعث

TT

شنت قوات الأمن السورية أمس حملة اعتقالات ومداهمات واسعة النطاق شملت عددا من المدن والبلدات، فيما تواصلت التظاهرات في دوما التي شهدت إطلاق نار، كما تواصل حصار درعا، التي تشير مخاوف من احتمال تعرضها لفجوة غذائية خطيرة من جراء الحصار الذي تشهده منذ أكثر من أسبوع، في وقت استمرت فيه الدعوات إلى القيام بتظاهرات «للتضامن» مع سكانها. وتأتي هذه الأنباء وسط تحذيرات جديدة للمتظاهرين، صادرة من وزارة الداخلية السورية، من مغبة القيام بتحركات جديدة، وأمهلت الأشخاص الذين قاموا بـ«أفعال مخالفة للقانون» مدة 15 يوما من أجل تسليم أنفسهم وإلا واجهوا عقوبات.

وأعلنت منظمات حقوقية أمس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن قوات الأمن اعتقلت محاميين اثنين في حمص (وسط) والرقة (شمال) بالإضافة إلى العديد من الأشخاص في ريف ادلب (شمال غرب). وأعلنت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في بيان أن «المخابرات العسكرية بحمص اعتقلت المحامي نادر الحسامي واقتادته إلى فرع الأمن العسكري بحمص» مشيرة إلى أن «التحقيق معه لا يزال جاريا» حسبما نقلت عن مصدر موثوق اتصل باللجنة أمس.

كما أعلنت اللجنة اعتقال «الناشط الحقوقي المعروف والمحامي عبد الله الخليل (الرقة) عضو جمعية حقوق الإنسان في سوريا ظهر أول من أمس (الأحد) بعد مداخلة له مع قناة (الجزيرة)». كما أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن في بيان اعتقال الخليل، مشيرا إلى أن ذلك تم «إثر ظهوره على قناة (الجزيرة) مساء السبت وتحدثه عن القمع في سوريا وعن حصار درعا». واستنكرت اللجنة في بيانها «ارتفاع وتيرة الاعتقال التعسفي لتشمل شريحة واسعة من الحقوقيين والسياسيين والناشطين المدنيين والمواطنين المسالمين بعد رفع حالة الطوارئ». وطالبت «بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين نتيجة الحراك الشعبي الأخير ووقف كل أشكال الاعتقال التعسفي والعشوائي». كما أعلن المرصد أن «الأجهزة الأمنية في سراقب (ريف ادلب) اعتقلت 28 مواطنا جلهم من الناشطين» وتضمن البيان أسماء المعتقلين. وأشار إلى أن من بين المعتقلين نجلي المعارض البارز والمعتقل محمود باريش، أيهم وشادي. وأفاد المرصد أن قوات الأمن السورية هاجمت فجر أمس مدينة كفرنبل (ريف ادلب) التي شهدت تظاهرات مطالبة بالحرية خلال الأسابيع الماضية «ونفذت حملة اعتقالات» وأورد المرصد أسماء 25 شخصا. وأعلن وسام طريف مدير منظمة «إنسان» الحقوقية أن «قوات الأمن اعتقلت 64 شخصا في مدينة الزبداني ونحو 73 شخصا في مضايا». وأشار طريف إلى «وجود كثيف لقوات الأمن وإلى وجود نقاط تفتيش في هاتين المدينتين» الواقعتين في ريف دمشق.

كما لفت إلى أن قوات الأمن «استخدمت القوة بشدة خلال قيامها بحملة الاعتقالات، حيث شتمت وضربت المعتقلين أمام عائلاتهم وحطمت ممتلكاتهم الشخصية وصادرت أجهزة الكمبيوتر وهواتفهم الجوالة». وأوضح أن «بعض الأشخاص تم اعتقالهم عوضا عن آبائهم أو إخوتهم الذين لم يتمكن الأمن من العثور عليهم والمتوارين عن الأنظار». وكان طريف أكد أمس «اعتقال 2130 شخصا منذ 15 مارس (آذار) حين انطلقت موجة الاحتجاجات غبر المسبوقة في سوريا لكن هذا العدد يمكن أن يتجاوز خمسة آلاف». وأكد ناشطون سوريون حصول إطلاق نار في دوما (قرب دمشق) يوم أمس، في ظل الانتشار الكثيف لقوى الأمن في المدينة، المحاصرة منذ أكثر من أسبوعين. وفي الزبداني ومضايا في ريف دمشق قال ناشطون إنه تم اعتقال أكثر من مائة شخص، ولا أنباء تفصيلية حول ذلك نتيجة التدقيق الأمني ومنع تسرب الأخبار. أما في حرستا فقالت مصادر محلية إن حملة اعتقالات بدأت فجر يوم أمس، وقامت عناصر الأمن بمداهمات للبيوت، بحثا عن مطلوبين وفق قائمة محددة، وتزامنت المداهمات مع قطع للاتصالات. من جانبه صرح مصدر عسكري مسؤول بأن وحدات الجيش والقوى الأمنية تابعت في درعا «تعقب المجموعات الإرهابية المسلحة»، حيث أسفرت عمليات الملاحقة عن «مقتل عشرة عناصر من تلك المجموعات الإرهابية واعتقال 499 منهم وعثر على مشفيين ميدانيين الأول في جامع عبد الله بن عباس والثاني في جامع عبد الله بن رواحة». وقال المصدر العسكري إن اشتباكا حصل مع خمسة قناصين «كانوا يقومون بقنص المارة من على مئذنة جامع الكرك وقد سقطوا جميعا وتم الاستيلاء على أسلحتهم». وأشار المصدر إلى «استشهاد اثنين وجرح ثمانية من وحدات الجيش والقوى الأمنية».

وفي ظل مخاوف من تفاقم أزمة الغذاء في درعا جراء الحصار أطلق ناشطون سوريون وعرب حملة تبرعات ودعوا العرب إلى المشاركة في فك الحصار عن درعا والاعتصام على الحدود السورية - الأردنية في منطقة (الرمثا) في وقت استمرت فيه نداءات المثقفين والناشطين في سوريا لفك الحصار. ونفى وزير الاقتصاد والتجارة السوري محمد نضال الشعار وجود مشكلة غذائية في درعا، وقال في حديث تلفزيوني مساء أول من أمس إن هناك «رقابة يومية لموضوع الخبز والخضار والفواكه واللحوم وإن هذه المواد متوفرة، كما تم إرسال 22 سيارة إلى درعا محملة بـ600 طن من مادة الطحين».

وكانت شركة العامة للمطاحن أعلنت عن تسيير نحو خمسين شاحنة محملة بنحو 600 طن من مادة الدقيق إلى درعا والمناطق التابعة لها، وقالت إن السيارات المحملة بالدقيق، قصدت بالإضافة إلى مدينة درعا البلد، العديد من المدن والبلدات التابعة لها ومنها الصنمين والحراك والشجرة وبصرى وجاسم وازرع والشيخ مسكين وخربة غزالة والمزيريب وانخل وغيرها. ولفت الوزير السوري إلى أن الأسبوع المقبل «سيشهد قرارات اقتصادية مهمة جدا تخص العملية الاقتصادية في سوريا»، مبينا أن الوزارة «بصدد إعادة هيكلة للعملية الاقتصادية في سوريا لأن اتباع حلول ترقيعية لم يعد مجديا، فنحن نريد حلولا جذرية». وقال الشعار إن «هناك توجيها من القيادة بالشفافية والتشاركية والتشاور مع المواطن ومشاركته في العملية الاقتصادية».

على صعيد آخر، استقبل الرئيس بشار الأسد أمس وفدا من شيوخ عشائر محافظة دير الزور، حيث استمع منهم إلى مطالبهم. وقالت مصادر حضرت اللقاء إن مطالب الوفد تعلق أغلبها بتحسين واقع المحافظة وتطوير المنطقة الشرقية وخاصة القطاع الزراعي، ومطالب عامة أخرى». ويأتي لقاء الرئيس بشار الأسد مع وفد من شيوخ عشائر دير الزور بعد يومين من استقباله وفدا من شيوخ عشائر الرقة واستمع خلاله لمطالبهم. وكان الرئيس الأسد قام في الأسابيع الأخيرة باستقبال وفود من معظم المحافظات السورية واستمع منهم إلى مطالبهم ووعد بتحقيقها.