سوريا: اعتقالات واسعة.. وانتشار أمني في بانياس وتقارير عن تسليح قرى علوية

الشبان بين 18 و40 عاما يقتادون إلى ملعب درعا.. ومظاهرات مسائية في دمشق والزبداني وحمص

جندي سوري يمشي وسط مدنيين ملقين على وجوههم وأيديهم خلف ظهورهم في درعا أمس (رويترز)
TT

استمرت حملة الاعتقالات والملاحقات التي تقوم بها السلطات السورية للناشطين ومؤيدي المظاهرات المطالبة بالحرية شملت المئات من السوريين في مدن مختلفة، وفق قوائم بالأسماء. وأوسع الاعتقالات كانت في محافظة درعا التي تقول السلطات إن الهدوء بدأ يعود إليها، وهناك حديث عن مئات الشباب سيقوا من درعا إلى سجون العاصمة.

وبحسب ناشطين أن الاعتقالات شملت من تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما وخضعوا للاستجواب في ملعب مدينة درعا. كما تم اعتقال ناشطين في حقوق الإنسان في القامشلي والرقة وضواحي دمشق، فضلا عن عشرات المواطنين خلال مظاهرات الاحتجاج. على صعيد الرواية الرسمية قال مصدر عسكري مسؤول مساء أول من أمس إن «وحدات الجيش والقوى الأمنية في مدينة درعا تواصل مهمتها بتعقب المجموعات الإرهابية المسلحة».

وأثناء ذلك خرجت مظاهرة في منطقة الميدان بقلب دمشق مساء الاثنين هتف المشاركون فيها للحرية، وأخرى نسوية في ساحة عرنوس وسط دمشق التجاري بعد العصر نادت بفك الحصار عن مدينة درعا. ورفعت المتظاهرات لافتات تندد بأعمال القتل التي ارتكبتها السلطات الأمنية ضد المتظاهرين في المدن السورية كافة إلا أن المظاهرة لم تستمر لأكثر من 20 دقيقة تم تفريقها فورا، وهي المظاهرة الثانية على التوالي لنساء سوريات يخرجن في وسط المدينة ويتم تفريقها على الفور.

وفي منطقة الزبداني القريبة من دمشق، ورغم التشديد الأمني المكثف خرجت مظاهرة كبيرة طالب فيها المتظاهرون بإطلاق سراح السجناء الذين اعتقلتهم القوات الأمنية خلال فترة المظاهرات الماضية. كما سارت مظاهرات في مدينة حمص طالبت بفك الحصار عن درعا وهتف المشاركون فيها للحرية. ونزل المتظاهرون في حي باب سباع إلى الشوارع، كما سارت مظاهرة أخرى في حي باب دريب. وذلك كان يوم الاثنين فيما بدت الأمور أكثر هدوءا يوم الثلاثاء رغم تصاعد الدعوات الداعية لفك الحصار عن درعا، بعد توارد أنباء عن تردي وضع السكان تحت الحصار نتيجة شح المياه وانقطاع الكهرباء والاتصالات وكل الوسائل المعيشية. وقالت مصادر محلية إن الجيش السوري دفع بتعزيزات إلى منطقة الزبداني قرب الحدود مع لبنان وإلى الرقة وإدلب.

من جانب آخر قال أحد قادة المحتجين إن القوات السورية انتشرت أمس في مناطق بوسط مدينة بانياس الساحلية وانتزعت السيطرة على مركز حضري آخر من متظاهرين مطالبين بالديمقراطية مناهضين لحكم الرئيس السوري بشار الأسد. وقال أنس الشغري لـ«رويترز»: «تحركوا صوب منطقة السوق الرئيسية. أغلق الجيش المدخل الشمالي وقام بتأمين الجنوب. قاموا بتسليح القرى التي يقطنها علويون في التلال المطلة على بانياس ونواجه الآن ميليشيات من الشرق». وأضاف الشغري أن قوات أمن ترتدي ملابس مدنية انتشرت في شارع السوق وبدأت تعتقل الناس استنادا إلى أسماء عائلاتهم المدونة على بطاقات هوياتهم.

وقال الشغري «إنهم يستهدفون السنة. يؤسفني أن أقول إن الدعاية التي يروجها الأسد بأن العلويين لن يتمكنوا من البقاء إذا أطيح به تجد استجابة بين جيراننا العلويين رغم أن المظاهرات كانت تطالب بالحرية والوحدة بغض النظر عن الطائفة».

وتشن الحكومة حملة تتسم بالعنف لقمع 6 أسابيع من الاحتجاجات التي بدأت بالمطالبة بمزيد من الحريات وتطالب الآن بالإطاحة بالأسد. وقال عمار القربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا في تصريحات أدلى بها في مصر إن حملة الاعتقالات الأخيرة شملت أكثر من ألف شخص.

وتشهد مدينة بانياس الساحلية بعضا من أشد الاحتجاجات التي تتحدى حكم الأسد. وغالبا ما تصف السلطات بانياس التي تقطنها أغلبية من السنة بأنها مركز الإرهاب السلفي. ونفى الشغري أن يكون المواطنون بالمدينة مسلحين، وقال إن الشبان الذين يحملون الهراوات كانوا يحرسون حواجز الطرق التي أقيمت في وجه القوات المسلحة التي تنتشر في المنطقة. وكان وسط مدينة بانياس يخضع لسيطرة المتظاهرين منذ أن أطلق مسلحون موالون للأسد يعرفون باسم الشبيحة النار على السكان باستخدام بنادق كلاشنيكوف من فوق عربات مسرعة في العاشر من أبريل (نيسان) بعد مظاهرة ضخمة مؤيدة للديمقراطية طالبت بإسقاط النظام. وقال سكان ونشطاء حقوقيون إن 6 من المدنيين قتلوا في الحادث. وأغلقت قوات الأمن السورية المدينة بعد الحادث. وقالت السلطات آنذاك إن مجموعة مسلحة نصبت كمينا لدورية قرب بانياس وقتلت 9 جنود.

وتمنع وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الأحداث في سوريا لكن سكانا في مدينة درعا الجنوبية قالوا لـ«رويترز» في اتصال هاتفي إن قوات الأمن ما زالت تقوم باعتقالات. وقال أحد السكان ويدعى أبو محمد ما زالوا يسحبون كل من هو دون الأربعين إلى استاد درعا حيث احتجزوا المئات ومن بينهم نساء الأسبوع الماضي دون مأوى. وذكر سكان أن الظروف تسوء في المدينة خاصة في حي البلد.

ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر سوريا يوم الثلاثاء إلى السماح للعاملين في مجال الصحة بالوصول بشكل آمن وفوري لجرحى أصيبوا في احتجاجات دموية في مدينة درعا الجنوبية والسماح لهم بزيارة المعتقلين. وقالت ماريان جاسر رئيسة بعثة الصليب الأحمر في دمشق من الملح أن تصل الخدمات الطبية ومسعفون يقومون بإسعافات أولية وغيرهم يضطلعون بمهام تنقذ أرواحا لمن يحتاجونهم سريعا.

وقال مصدر سوري عسكري مسؤول مساء أول من أمس إن «وحدات الجيش والقوى الأمنية في مدينة درعا تواصل مهمتها بتعقب المجموعات الإرهابية المسلحة» وإنه تم إلقاء «القبض على عدد من عناصر تلك المجموعات» وأضاف المصدر أن وحدات الجيش والقوى الأمنية تمكنت من «العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وجدت مطمورة في أماكن متعددة من المدينة». وأشار المصدر إلى أن ذلك «لاقى ارتياحا بين المواطنين الذين أخذوا يشعرون باستعادة الأمن والطمأنينة إلى المدينة».

وبالتزامن مع ذلك التصريح بث التلفزيون السوري مساء الاثنين اعترافات لمن وصفه بـ«أحد أعضاء مجموعة إرهابية متطرفة في مدينة درعا» ويدعى إبراهيم نايف المسالمة الذي ظهر منهكا على الشاشة وهو يقول إنه من حي المنشية بدرعا البلد ولد 1989، وإن أحد أصدقائه أخبره أن هناك مظاهرات عامة في أنحاء سوريا يوم الجمعة وسنخرج بعد الصلاة مباشرة وإن علامة الخروج هي التكبير. وأضاف مسالمة أن «الاجتماع كان في ساحة السرايا بالمحطة واتفقنا نحن جماعة درعا البلد مع جماعات القرى الأخرى عن طريق المدعو شفيق أبا زيد الذي كان يقوم بالاتصالات معهم». كان لافتا قول المسالمة أن دافعه للمشاركة هو «حبه للظهور والشهرة وأن يكون بطل الثورة»، متهما من أجج هذه التجمعات بدفعه «ليصبح المسؤول عن كل شيء وبعد ذلك انتشر الخبر بأنه قائد الثورة في درعا».

وقال المسالمة إن «التنظيم المسلح في درعا بدأ بعد أن أعلن الرئيس سحب الأمن من درعا عقب لقائه وفد وجهائها كي لا يصطدم الأمن مع المتظاهرين وهذا التنظيم بدأ بمجموعات مسلحة في الليل تقوم بالحراسة بالعصي وبعض الناس أخرجت الأسلحة من منازلها مثل بنادق البوبكشن ومسدسات وبنادق صيد وحربية نوع كلاشنيكوف وبعد ذلك تطور الأمر» لافتا إلى أن شخصا ويدعى ياسر محاميد «قام بتوزيع السلاح على الناس وأعطاني 20 بندقية قمت بتوزيعها في منطقة الكرك وأبا زيد» وقال إن ياسر محاميد كان «يأتي يزودهم بالذخيرة لتوزيعها على المجموعات في الكرك وحارة أبا زيد والمنشية ومجموعة البحار ومجموعة بحارة محاميد مستخدما سيارته الخاصة».

وقال المسالمة إن فوزي الدهون وفراس النصار كانا «مسؤولين عن المجموعة الموجودة في الكرك بينما منير عجوج وشقيقه منيب كانا مسؤولين عن مجموعة حارة أبا زيد في حين كان أنس سويدان ومحمد قطيفان وعيسى أبو زيان مسؤولين عن مجموعة البحار» مشيرا إلى أن «عدد عناصر هذه المجموعات يبلغ نحو 200 شخص». وقال إنه عند دخول الجيش إلى البلد «قاموا بإطلاق النار عليه من المنشية» لافتا إلى أنهم «أبلغوا الشيخ أحمد الصياصنة بأنهم قرروا منع الأمن والجيش من الدخول بقوة السلاح فرد عليهم قائلا إذا كان هذا ما تريدونه فاذهبوا الله يحميكم».

وقال المسالمة: «كنت أوزع الذخيرة التي أتيت بها من ياسر المحاميد للمجموعات خلال إطلاقهم النار على الجيش وأزودهم بالطعام برفقة عبد السلام الحريري (أبو محمد)» مشيرا إلى أن «بعض الناس داخل البلد أخرجت ما لديها من أسلحة وذخيرة أيضا للاعتداء على الجيش والقوى الأمنية». وأكد المسالمة أن الفتوى التي أفتى بها الشيخ رزق هي التي «دفعته لإعطاء الأوامر بإطلاق النار على الجيش والأمن وهنا بدأ القتل» مشيرا إلى «وجود أشخاص من أغنياء البلد أبدوا استعدادهم لدعم الثورة مثل أبو جاسم جرادات الذي أرسل 3.5 مليون ليرة مع المحامي محمد خير وقال هذه الأموال للجرحى وكان يرسل الطعام للمتظاهرين إضافة إلى شفيق أبا زيد الذي كان يأتي بالطعام أيضا للمتظاهرين».

وقال المسالمة إن ياسر محاميد «أعطاه 50 ألف ليرة من ابن علوان وطلب منه جلب الطعام والشراب للمتظاهرين بهذا المبلغ كي يستمروا بالثورة ولكي لا تمل الناس ويكون هناك أعباء عليها».