قوات القذافي تقصف الجبل الغربي ومصراتة مع انتهاء «مهلتها» للمسلحين

بلدات معزولة تواجه كارثة إنسانية.. ولندن تتحدث عن فرصة لتشديد العقوبات النفطية ضد طرابلس

صورة وزعتها وكالة الصحافة الفرنسية عن صحافيين يشتغلون في مقر صحيفة أسبوعية جديدة في بنغازي. وتشهد المناطق الخاضعة للثوار ظهور أعداد متزايدة من وسائل الإعلام ذات التوجه الجديد (أ.ف.ب)
TT

قالت المعارضة الليبية إن قوات العقيد معمر القذافي صعدت من هجماتها على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بينما قال نازحون إن البلدات في المناطق المعزولة على وشك مواجهة مجاعة. وجاء هذا فيما دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس إلى تشديد العقوبات الخاصة بالنفط والمنتجات النفطية على نظام القذافي.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم المعارضة صفي الدين قوله من مصراتة إن «قوات الحلف وجهت ضربات» أمس، مضيفا أن قتالا نشب بين المعارضين وقوات القذافي في الضواحي الجنوبية والشرقية لمصراتة. وكانت القوات الحكومية الليبية قد قصفت ميناء مصراتة الذي يسيطر عليه المعارضون بالصواريخ والقذائف أول من أمس مما عطل عمليات توصيل الإمدادات عن طريق البحر للمدينة المحاصرة. وقامت كاسحات ألغام تابعة لحلف شمال الأطلسي بتفتيش مداخل مصراتة أول من أمس بحثا عن لغم انجرف وعرقل إمدادات المساعدات للمدينة الليبية المحاصرة وأوقف إجلاء الأجانب والجرحى الليبيين. وقال بيان لحلف الأطلسي إن الحلف دمر لغمين من 3 ألغام وضعتها قوات القذافي قبالة المدينة التي يسيطر عليها المعارضون يوم الجمعة الماضي.

وناشد عبد الحفيظ غوقة المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي المعارض حلف شمال الأطلسي أن يكثف ضرباته الجوية لقوات القذافي قرب مصراتة قائلا إنها تحاول تدمير الميناء. وقال إن المجلس يود أن يرى قصفا أعنف وأشد لقوات القذافي خاصة أنها تحتشد في مناطق على بعد 50 و60 كيلومترا خارج مصراتة وأنها تستعد للهجوم.

وقال أحد المقيمين في مصراتة وهو من أنصار المعارضة ويدعى غسان إن سجلات المستشفى تظهر مقتل 110 من المدنيين ومقاتلي المعارضة في المدينة المحاصرة منذ 24 أبريل (نيسان) الماضي وإن أكثر من 350 جرحوا. وكانت طرابلس دعت يوم الجمعة الماضي «كافة المجموعات المسلحة في مصراتة إلى إلقاء السلاح مقابل العفو»، مشيرة إلى أن هذه المهلة تنتهي الثلاثاء، في إشارة إلى يوم أمس.

وفي بلدة الزنتان، قال متحدث آخر باسم المعارضة إن قوات القذافي قصفت هذه البلدة التي تسيطر عليها المعارضة في منطقة الجبل الغربي مساء أول من أمس. وذكر المتحدث عبد الرحمن أن 10 صواريخ على الأقل سقطت على البلدة، مضيفا في اتصال هاتفي «أطلقتها قوات القذافي المتمركزة إلى الشمال من الزنتان». وتعرضت بلدات الأمازيغ في الجبل الغربي القريبة من حدود تونس لقصف القوات الحكومية بعد انضمامها إلى الاضطرابات المناهضة للقذافي المندلعة قبل شهرين. وقال السكان الليلة قبل الماضية إن الناس في بلدة يفرن الليبية التي يسيطر عليها المعارضون وتحاصرها قوات موالية للقذافي بدأوا يعانون من نقص المواد الغذائية ومياه الشرب والإمدادات الطبية.

وبلدة يفرن التي تبعد نحو 100 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الليبية جزء من منطقة الجبل الغربي حيث انتفض سكانها، ومعظمهم من عرقية الأمازيغ، قبل شهرين ضد حكم القذافي. ومنذ ذلك الحين تعرضت بلدات على امتداد الجبل الغربي للهجوم من جانب قوات القذافي لكن روايات السكان الفارين تشير إلى أن يفرن وهي من أكبر المراكز السكانية في المنطقة تعرضت لأسوأ المصاعب.

ووصلت فاطمة الدوري، 35 عاما، مع أسرتها منذ يومين إلى مخيم لاجئين في بلدة الذهيبة الحدودية التونسية بعد الفرار من يفرن. وقالت «لو كنت بقيت هناك لكانت ابنتاي الصغيرتان ضمن الموتى. تخيل فقط أنهما كانتا من دون حليب أو طعام منذ أسابيع». وأضافت «حصار البلدة يجب أن يرفع تماما وإلا فإن آلاف الأطفال سيكونون في عداد الأموات في الأسابيع القليلة القادمة».

ومثل باقي الجماعات المناهضة للقذافي في مناطق أخرى من ليبيا يريد المعارضون في الجبل الغربي المزيد من الغارات الجوية التي يشنها حلف شمال الأطلسي.

وسئل عبد الرحمن عن مدى فعالية الضربات الجوية التي توجهها طائرات حلف الأطلسي لقوات القذافي حول بلدة الزنتان فرد بالنفي ثم استطرد «لكنها أفضل من عدم شن ضربات على الإطلاق لكنها يمكن أن تكون أفضل. الأهداف واضحة. إذا كان مقاتلو المعارضة بوسعهم رؤيتها فمن المؤكد أن طائرات حلف الأطلسي بوسعها أن ترصدها وتدمرها».

وجاء تجدد القصف لمصراتة والجبل الغربي، في أعقاب غارة جوية لقوات الحلف على مجمع للقذافي في طرابلس ليل السبت أسفر عن مقتل ابنه سيف العرب، 29 عاما، و3 من أحفاده مما أثار هجمات من جانب حشود غاضبة على السفارتين البريطانية والفرنسية والبعثة الدبلوماسية الأميركية. وشيعت في طرابلس أول من أمس جنازات القتلى وسط هتافات مؤيدة للقذافي الذي تقول السلطات إنه كان في منزله في طرابلس عندما سقط على المنزل 3 صواريخ على الأقل.

وفجر الحادث اتهامات من جانب مسؤولين ليبيين بأن حلف الأطلسي كان يحاول اغتيال القذافي. وأي تكشف لنوايا محاولة اغتيال القذافي من المرجح أن تقود لاتهام الغارات التي تقودها بريطانيا وفرنسا بأنها تتجاوز تفويض الأمم المتحدة بحماية المدنيين. وشارك نحو 2000 شخص يحملون الإعلام وصور القذافي في الجنازة وأخذوا يلوحون بقبضاتهم في الهواء ويتوعدون بالثأر لمقتل سيف العرب. وكتب على إحدى اللافتات «كلنا مع ليبيا القذافي». ولم يظهر القذافي في الجنازة لكن سيف الإسلام أبرز أبنائه حضر الجنازة إلى جانب أخيه غير الشقيق محمد.

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس إن بلاده ترى إمكانية تشديد العقوبات الخاصة بالنفط والمنتجات النفطية على الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال كاميرون أمام البرلمان: «نعتقد فعليا أن هناك فرصا لتشديد العقوبات بشأن أمور مثل النفط والمنتجات النفطية لضمان أن يعود هذا النظام إلى صوابه ويدرك أنه لا يمكنه المضي في إرهاب شعبه». وأضاف «لذلك سنضع نصب أعيننا في الأيام القادمة تصعيد تحركنا إلى جانب تشجيع الآخرين على تنفيذ ما اتخذ بالفعل». وقال إنه من «غير المقبول» أن تساعد دول القذافي في الالتفاف على المساعدات.