موسى: نفكر في تأجيل القمة العربية «لأجل غير مسمى»

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن النزاع في ليبيا قد يطول ويؤدي إلى تقسيم البلاد

TT

قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي يسعى للترشح للرئاسة المصرية، إن المصالحة الفلسطينية المزمع توقيع اتفاق بشأنها اليوم بالقاهرة، استعادت ورقة مهمة في العلاقة إزاء إسرائيل، مما يبطل حجج تل أبيب بشأن مفاوضات السلام، مشيرا، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في القاهرة، إلى أن الجامعة العربية سوف تدعم تنفيذ الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية على الأرض. وأضاف أن وصف حركة حماس بأنها «منظمة إرهابية» انتهى عمليا.

وعن الاجتماع الطارئ المزمع عقده لوزراء الخارجية العرب، قال موسى إنه سوف يطالب في الاجتماع بعدم استخدام العنف وتفهم رغبات الشعوب المشروعة في التطوير لمجتمعاتهم، لافتا إلى أن الاجتماع سوف يركز على مناقشة الحركة الثورية العربية ورغبة الشباب والشعوب العربية في التعبير عن رغبتها في التغيير. وتحدث موسى عن تطورات الأزمة الليبية، معربا عن أمله في ألا يؤدي النزاع بين المعارضة والحكومة هناك إلى إطالة أمد الصراع بما قد يؤدي إلى تقسيم ليبيا، وتابع موضحا أن الشروط التي يضعها كل طرف للحل، تقف عائقا باستمرار، مشددا في الوقت نفسه على أن الحرب لن تحسم قضية. وأمضى موسى، الذي عمل كوزير للخارجية المصرية في تسعينات القرن الماضي، عدة أيام في جولات للدعاية الانتخابية في جنوب البلاد للترشح للرئاسة المصرية، وقال إن ما ينشره الإعلام عن الفتنة الطائفية بالصعيد ليس له وجود إلا في مخيلة المغرضين، باستثناء بعض المشاكل. وإلى نص الحوار..

* أعلنت كل من فتح وحماس أن الجامعة العربية ستكون الضامن لتنفيذ الاتفاق الذي سيوقع في القاهرة اليوم. ما الآلية التي تضمن التنفيذ الأمين للاتفاق؟

- سوف ألتقي ممثلي الأطراف وسأشارك في حفل التوقيع، كما سيتم إيداع وثيقة التوقيع في الجامعة، وأن تدعم التنفيذ من خلال المتابعة حتى يتحقق (الاتفاق) على الأرض. كما أنني أعتبر أن المصالحة الفلسطينية استعادة كارتا (ورقة) مهما في العملية التفاوضية والتوازن في علاقاتهم إزاء إسرائيل في (أن) يكون لهم صوت واحد وإبطال الحجة الإسرائيلية بأنها (لا تعرف) مع من ستتفاوض.

* لكن إسرائيل طرحت حجة ثانية بأنها لن تتفاوض مع حماس ووصفتها بالمنظمة الإرهابية، خاصة بعد انضمامها إلى الحكومة الوطنية الفلسطينية. كيف ترون ذلك؟

- أولا وصف حركة حماس بالمنظمة الإرهابية انتهى (عمليا). وكان هذا الأمر في مرحلة الضعف العربي، وأنهم (بعض الأطراف العربية) سكتوا عن هذا.. وإنما المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية تعلو فوق أي كلام أو حجج.

* بماذا تفسر اعتراض إسرائيل على المصالحة الفلسطينية؟

- ضياع كارت كبير جدا من يد إسرائيل هو تقسيم فلسطين إلى غزة ورام الله، والادعاء بأنه لا يوجد من يمثل كل الفلسطينيين في المفاوضات ومن ثم يسهل تدمير المجتمع الفلسطيني، ولذلك أرجو أن تكون المصالحة مخلصة باعتبارها أقصر الطرق لتحقيق الحلم (للشعب) الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة.

* ألا تخشى أن تقوم إسرائيل بإجراءات تنال من وحدة الصف الفلسطيني أو تعصف باتفاق المصالحة؟

- هذا يتوقف على المواقف الفلسطينية الحاسمة وقوة إرادتهم وعدم الخضوع لأي ابتزاز إسرائيلي.

* يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا طارئا لمناقشة مصير قمة بغداد ومنصب الأمين العام والوضع العربي خاصة في سورية واليمن وليبيا، (ما الشيء الذي سيتم التركيز عليه)؟

- سوف نركز على مناقشة الحركة الثورية في العام العربي ورغبة الشباب والشعوب في التعبير عن رغبتها في التغيير. وسوف أطالب بعدم استخدام العنف وتفهم رغبات الشعوب المشروعة في التطوير لمجتمعاتهم.

* من الواضح أن هناك تفهما حول تأجيل القمة العربية للعام المقبل.. ألا ترى أن هذا سوف يؤثر على مؤسسة القمة ومستقبل العمل العربي؟

- أرجو ألا تؤثر.. لأن المسألة فيها ظروف بسبب الثورات العربية، التي تنعكس على مستوى المشاركة ومن ثم على قوة القرار العربي. ولهذا نفكر في تأجيل القمة إلى حين، وليس لأجل غير مسمى.

* تردد أن تأجيلها سيكون إلى شهر مارس (آذار) عام 2012؟

- التأجيل إلى حين وحتى تتحسن الظروف.. والحقيقة أن انعقاد القمة مسألة (ذات) عملة لها وجهان، هما التأجيل لحين توفير المناخ الأفضل.. والمناخ الراهن هو الذي يتطلب عقد القمة للمساهمة في حل الأزمات والمشاكل الراهنة.. إنما الفرق بين الوجهين أن عقد القمة يتطلب انعقاد قمة تحظى بمشاركة واسعة وعلى مستوى عال أي يحضرها الرؤساء.

* لكن كلمة تأجيل القمة إلى حين، هل تعنى أن فترة رئاسة القمة ستكون قصيرة بالنسبة للعراق وبالتالي من الأفضل التأجيل إلى مارس المقبل حتى تكون فترة الرئاسة عاما كاملا؟

- فترة الرئاسة يمكن حلها.

* أقصد أن رئاسة القمة لن تتمكن من إنجاز ملفات في فترة قصيرة؟

- على كل حال إن الشعوب هي التي تعمل الآن..

* الأزمة الليبية إلى أين.. وهل من حل سياسي بعدما (ظهر حديث عن) تعثر الحل العسكري؟

- قد يطول الوضع، ولكن أرجو ألا يؤدي إلى تقسيم ليبيا والاعتداء على سيادتها خاصة في ظل تمسك كل طرف بمطالبه.. أي إصرار المجلس الانتقالي على تنحي القذافي ومطالبة طرابلس بوقف القتال ثم التفاوض. ومع ذلك لا بد من الأخذ في الاعتبار رغبة المواطنين في التغيير و(في) مستقبل وحاضر آمن.

* هل يمكن للجامعة العربية لعب دور من خلال موقف توافقي لوقف القتال حقنا للدماء واستنزاف الموارد العربية؟

- نحن نعمل مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي والاتحاد الأوروبي.. إنما يبدو أن الشروط التي يضعها كل طرف للحل صعبة وتقف عائقا باستمرار، ولكن سوف نحاول، لأن الحرب لن تحسم قضية وكل الأطراف خاسرة.

* بالنسبة لجولتك التي تعتزم من خلالها الترشح للرئاسة المصرية.. ما نتائج زيارتك إلى محافظات الصعيد (جنوبا) وماذا تحتاج مصر في المرحلة القادمة، وكيف رأيت مصر بعد الثورة؟

- وجدت تأييدا كبيرا في كل المحافظات.. الأقصر وأسوان وسوهاج والمنيا وبني سويف.. وكذلك القرى والنجوع التي قمت بزيارتها لدرجة أن الجماهير قامت بالالتفاف حول الأتوبيس (الحافلة) الذي كنت استقله خلال جولتي في صعيد مصر. وتلقيت الكثير من الدعوات لزيارتهم في منازلهم. وقد تجاوبت مع بعضها نظرا لضيق الوقت. وكنت سعيدا جدا بهذا التلاحم مع الشعب. وقد استمعت إلى مطالبه العادلة والمشروعة جدا، خاصة في التنمية وإعادة البناء والبطالة والفقر والعدالة والحرية. وقد استفدت مما استمعت له في كل المؤتمرات الشعبية، وقمت بجولة كبيرة في هذه المدن سيرا على الأقدام وقمت بزيارة عدد من المساجد والكنائس. وقام بزيارتي الآلاف من الأعيان والشيوخ والقبائل ورجال الدين وأساتذة الجامعات وممثلي الشباب والمرأة ومجموعات من المهنيين والحرفيين والمزارعين والمعوقين. وقد تعرفت على أفكارهم وطموحهم وآمالهم التي تمنوها منذ عقود. وهذا ما دفعني للعودة من أسوان إلى كل المحافظات في أتوبيس كي أشاهد على الطبيعة كل صعيد مصر بتفاصيله. وتوقفت في بعض القرى والمراكز وعقدت مؤتمرات شعبية مكثفة في إطار جولة افتتاحية للحملة الانتخابية الرئاسية.

* ما حقيقة العناصر التي حاولت تخريب حملتكم في صعيد مصر؟

- كان هناك بعض المعارضين لي، ومنهم من ذهب بعيدا في عنفه، وبعضهم كان يكرر نفس الأسئلة التي تكررت في كل المحافظات، وكلها تتحدث عن الماضي، وكلها موجهة من هذه المجموعة المعترضة والتي لم تتحدث على الإطلاق عن المستقبل في طرحها.

* ألا تعتقد أن تساؤلات المعارضين كانت في إطار التأكيد على عدم اتصالك (و) ارتباطك بالحزب الوطني أو المنتمين إلى النظام السابق؟

- ربما.. وهذه التصرفات لم تضايقني، لأن المنطلق عندي أن نسبة الـ99% التي كان يحصل عليها أي رئيس في الانتخابات الرئاسية.. هذا موضوع انتهى ولا يمكن العودة إليه. ولا بد أن نؤمن بوجود أنصار لآخرين. ومن هنا أقول: لا بد أن نسلم بأن نسب التصويت ستكون للجميع، ولكن المهم من سيحصل على الأغلبية، ومن المرشح الذي سيحظى بالثقة والتأييد من الأغلبية والذي يمتلك القدرة على قيادة الأمور في مثل هذه (المرحلة) الصعبة أكثر من غيره.

* هل شعرت بأن صعيد مصر نسيج واحد وأن مسألة الفتنة الطائفية مشروع فاشل صعب المنال؟

- الجميع أكد لي أن صعيد مصر نسيج واحد، ويعيش في أمان واستقرار، وأن ما يكتب في وسائل الإعلام عن مشاريع الفتنة الطائفية ليس له وجود إلا في مخيلة المغرضين باستثناء بعض المشاكل، وهذا يحدث في (كل) مكان. وهناك قلة قليلة للغاية متطرفة، ولكن هذه القلة لا تمثل الصعيد ولا أخلاقه، وقد وجدت استياء بالغا من أهل الصعيد لنعتهم بموضوع الطائفية. ولكنني أرى أن بعض ما حدث في هذا الاتجاه هو نتيجة إدارة الأمور والاحتياج دائما إلى فرقعات، وبالتالي أنتجت حالة الاضطراب والقلق ما بين المجموعات التي يتشكل منها المجتمع.

* جولتك المقبلة إلى أين.. ومتى؟

- إلى كل باقي محافظات مصر. وستكون خلال الأسابيع المقبلة، لأنني أرى أن المسألة ليست حملة انتخابية قدر اعتبارها جولة للتعرف والاستماع.. وهذا ما بدأته وسوف أستمر فيه حتى نحدد معا ماذا تحتاج مصر في الفترة القادمة من خلال مطالب الشعب على أرض الواقع وليس من خلال تقارير ترد لي بعد الوصول إلى مقعد الرئاسة.