في عيد الصحافة العالمي.. المسؤولون العراقيون يهنئون الصحافيين وحماياتهم تعتدي عليهم

المالكي يدعو إلى إقرار قانون لحمايتهم.. وكردستان ترصد 200 حالة انتهاك خلال شهرين

TT

عشية اليوم الذي يحتفل فيه الصحافيون في العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة كان أحد مراسلي القنوات الفضائية العاملة في العراق قد نجا من الموت بأعجوبة في أحد أحياء بغداد عندما فتح عليه مسلحون النار من أسلحة كاتمة للصوت. وفي الوقت نفسه فإن البرلمان العراقي، على مدى دورتين تشريعيتين، لم يقر، حتى الآن، قانون حماية الصحافيين.

الوعود التي تكيلها الجهات الرسمية للصحافيين كثيرة جدا، وفي الوقت الذي تم الإعلان فيه عن تقديم بعض المكاسب المادية مثل التعهد بتوزيع أراضٍ سكنية أو الاتفاق مع وزارة الثقافة على تأمين مبالغ مالية للصحافيين العراقيين إلا أنه كثيرا ما يُنظر إلى مثل هذه الأمور على أنها وعود أكثر منها حقائق، بينما ترى بعض الجهات أن من بين الأهداف التي ترمي إليها الحكومة من وراء ذلك: الحصول على تأييد الوسط الصحافي كجزء من عملية التناحر السياسي بين الكتل، لا سيما بعد أن تمكنت معظم الكتل والقوى السياسية من تكوين أجهزة إعلامها الخاصة بها من صحافة وقنوات فضائية ووكالات أنباء ومواقع إلكترونية.

نقابة الصحافيين العراقيين، التي تضم أكثر من 12 ألف صحافي مسجلين لديها، اتهمت جهات سياسية بمحاولة عرقلة تمرير قانون حماية الصحافيين في البرلمان. غازي شايع، النائب الأول لنقيب الصحافيين العراقيين، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يمثل، بالنسبة للصحافيين العراقيين، حالة خاصة؛ نظرا للحيف الذي وقع على الصحافيين العراقيين طوال السنوات الماضية». وأشار إلى أن «عدد الصحافيين العراقيين الذين قُتلوا منذ عام 2003 وحتى اليوم بلغ أكثر من 350 صحافيا، سواء على يد القوات الأميركية أو الجماعات المسلحة أو نتيجة التناحر السياسي»، معتبرا أن ما تحقق «للصحافيين العراقيين لا يزال دون مستوى ما قدموه من تضحيات على طريق الكلمة الحرة التي عمدوها بدمائهم ولا يزالون يتعرضون لشتى الضغوط».

واتهم شايع جهات لم يسمها بأنها «هي من تقف ضد إقرار قانون حماية الصحافيين العراقيين الذي لا يزال يراوح مكانه، على الرغم من الوعود السياسية بإقراره، وهو ما يعني أن هناك أطرافا لا تريد لهذا القانون أن يرى النور، على الرغم من أنه أقل بكثير مما يتوجب تحقيقه للصحافيين العراقيين». إلا أنه توقع إقراره «على الرغم من العثرات والعوائق التي تضعها بعض الجهات أمامه وتحاول عدم تمريره في البرلمان».

من جهته، أكد الدكتور أحمد عبد المجيد، رئيس تحرير جريدة «الزمان» طبعة بغداد، والأستاذ في كلية الإعلام بجامعة بغداد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «صحيفة الزمان هي أول من بادرت بتنظيم احتفال خاص بهذا اليوم العالمي، وذلك عام 2005؛ حيث تم خلاله تكريم نحو 15 صحافيا من رواد الصحافة العراقية، ومن ثم أصبح تقليدا سنويا في العراق». وبشأن الجدل الدائر حول قانون حماية الصحافيين قال عبد المجيد: إن من «الضروري تشريع هذا القانون حتى إن انطوى على نواقص؛ لأن المهم بالنسبة لنا هو إقرار هذا القانون».

في السياق نفسه، طالب عبد الستار البيضاني، رئيس تحرير صحيفة «الصباح»، وهي صحيفة الدولة الرسمية، بأن «يتم الاتفاق على تعريف من هو الصحافي أولا قبل أن يتحدث الكثيرون عن إقرار قانون حماية الصحافيين»، مشيرا إلى أن «التعريف الوارد في مشروع القانون غير واضح؛ حيث إنه يعرف الصحافي بأنه كل من انتمى إلى نقابة الصحافيين، وهو أمر غير سليم تماما».

من جانبه، هنَّأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الصحافيين بالمناسبة، وادان في بيان «بشدة جرائم استهداف الصحافيين والإعلاميين، كما نؤكد إصرارنا على بذل أقصى الجهود لتمكين الصحافيين من أداء واجبهم المهني بأمان وحرية، ووقوفنا إلى جانبهم لتحقيق تطلعاتهم المشروعة، والعمل على توفير الظروف الملائمة للعمل الصحافي، بما فيها إقرار قانون حماية الصحافيين، إلى جانب سعينا للارتقاء النوعي بالصحافة العراقية وتعزيز سلطتها في المجتمع».

وبيَّن كم الوعود التي يتلقاها الصحافيون يوميا من قبل كبار المسؤولين، بما في ذلك برقيات التهاني التي تسابقوا على إرسالها لهم بهذا اليوم وبين ما يتعرض له الصحافيون من إهانات تكاد تكون شبه يومية على أيدي حمايات المسؤولين أنفسهم تظل عملية البحث عن المتاعب قائمة، لكن بحثا عن الحقيقة الضائعة.

وقد لا يبدو الأمر مختلفا في إقليم كردستان؛ حيث دعا مركز مترو للدفاع عن الصحافيين في كردستان السلطات المحلية إلى وقف انتهاكاتها المستمرة لحقوق الصحافيين، مشيرا، في بيان أصدره بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى «أن المركز رصد أكثر من 200 حالة من الانتهاكات للحريات والحقوق الصحافية منذ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية في بعض مناطق كردستان».