بريطانيا: استفتاء شعبي غدا على تغيير النظام الانتخابي

الليبراليون الديمقراطيون يدفعون بقوة لاعتماد «التصويت البديل» بدلا من «الفائز الأول»

وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ خلال إلقائه محاضرة دعا فيها إلى رفض نظام «التصويت البديل» في استفتاء الخميس في لندن أمس (رويترز)
TT

على مدى عقود، بدا أن النظام الانتخابي القائم على قاعدة أن الفائز بأكبر عدد من الأصوات، ينال المنصب، يشتغل بشكل جيد في بريطانيا، وهو يتميز ببساطته التي لا حد لها، مثلما يعني ضمنا قياس التمثيل الذي يشبهه بسباق الخيل. غير أن البريطانيين سيصوتون غدا حول استبدال هذا النظام بنظام «التصويت البديل»، وهو شكل معتدل لنظام التمثيل النسبي المطبق في أنحاء القارة الأوروبية.

وسيطلب من البريطانيين غدا التصويت في استفتاء، وهو أمر في حد ذاته نادر الحدوث في بريطانيا، بشأن إسدال الستار على الطرق التقليدية واختيار نظام جديد لانتخاب نواب البرلمان. وتحتوي بطاقة الاقتراع على سؤال بسيط مطلوب الإجابة عنه بـ«نعم» أو «لا». والسؤال هو: «في الوقت الحالي تستخدم بريطانيا نظام: الفائز الأول يؤول إليه المنصب لانتخاب أعضاء مجلس العموم. هل يجب استخدام نظام التصويت البديل بدلا منه؟».

لكن هذه الرغبة في التغيير التي بادر بها الحزب الليبرالي الديمقراطي بزعامة نيك كليغ، ووضعها شرطا أساسيا لانضمامه إلى حكومة ائتلافية تاريخية مع المحافظين قبل عام، باتت تهدد الآن بانفراط عقد التحالف وتجاوز قواعد العمل الحزبي. فالمحافظون، بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وشركاؤهم في الائتلاف الليبراليون الديمقراطيون، يتبنون مواقف متعارضة إزاء النظام الانتخابي الجديد، حيث يدافع كل منهما عن رأيه عن طريق خوض معارك علنية ضارية.

استخدم كاميرون قياسا رياضيا آخر للتمثيل، حيث وصف نظام التصويت البديل الذي يصنف فيه المرشحون طبقا لترتيب الأفضلية بأنه نظام «لا نبتغيه في المسابقات الأولمبية، ولذا فإننا لا نريده بالتأكيد في المنافسات السياسية». واعتبر أن النظام المطروح «في غاية الغموض».

غير أن كليغ الذي يتزعم الحزب الديمقراطي الليبرالي ويشغل منصب نائب رئيس الوزراء، رد على ذلك معتبرا أن معارضة نظام التصويت البديل تمثل «حشرجة الموت لصفوة جناح اليمين»، الذي يريد إبقاء الأمور على ما هي عليه. وقال كليغ من ناحية أخرى في حديث نشرته صحيفة «الإندبندنت» أمس: إن الحكومة الائتلافية في بريطانيا ستشهد نهاية «مرحلتها الأولى» بعد استفتاء يوم غد. وأوضح أن المرحلة الأولى التي تتطلب «انضباطا جماعيا حقيقيا» انتهت، وستكون لدى الأحزاب الحرية في التعبير عن خلافاتها بشكل أكثر صراحة.

ولكن حتى كليغ سلم بأن نظام التصويت البديل لا يعدو سوى أن يكون «حلا توافقيا هزيلا وبائسا» لا يرقى لتطلعاته في إطار سعيه إلى تطبيق نظام حقيقي للتمثيل النسبي مثلما هو مطبق في دول أوروبية أخرى.

وطبقا لنظام التصويت البديل، يتعين على المرشح أن يحصل على أكثر من 50 في المائة ليجرى انتخابه تلقائيا، وفي حال عدم حدوث ذلك، يتم إعادة توزيع الأصوات حسب ترتيب الأفضلية إلى أن يبلغ أحد المرشحين ذلك الهدف.

ويقول مؤيدو نظام «الفائز الأول»، أي فوز المرشح الذي يحوز أعلى الأصوات: إنه نظام بسيط وسهل الفهم ويتيح الوصول إلى حكومة قوية. لكن المعارضين يصفونه بأنه شكل من «الديكتاتورية الانتخابية»، حيث إنه يمكن تحقيق هدف الحكومة القوية بأقلية من الناخبين ممن يؤيدونها.

ويقول الخبير الدستوري فيرنون بوجانور: «قاعدة الفائز الأول تنجح على أفضل وجه في ظل وجود حزبين رئيسيين فقط. كانت هذه هي الحال في بريطانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية وفي العقود التي تلتها». غير أنه بحلول ثمانينات القرن العشرين، حصل الليبراليون، كثالث أكبر حزب في المشهد السياسي في بريطانيا، على نحو 20 في المائة من إجمالي الأصوات، إلا أنهم فازوا بـ14 مقعدا فقط.

أما حزب العمال الذي يقبع في معسكر المعارضة منذ مايو (أيار) من العام الماضي فيسوده الانقسام حول نظام التصويت البديل. وقد أظهرت مقابلات عشوائية مع بريطانيين من فئات عمرية متنوعة أن معظمهم يعتقدون أن نظام التصويت البديل، على الرغم من أنه ليس مثاليا، فإنه يستحق التجربة من أجل وضع النظام الانتخابي البريطاني على مسار الإصلاح.

وفي ضوء عدم مبالاة عموم الشعب بالاستفتاء والتغطية الإعلامية للزواج الملكي بين الأمير ويليام وكيت ميدلتون، فإن نسبة الإقبال على المشاركة في الاستفتاء التي يتوقع أن تكون منخفضة، قد تكون مؤشرا مهما على النتيجة.