23 طفلا و9 نساء من مجمع بن لادن في قبضة القوات الباكستانية

جيران بن لادن اعتقدوا أن الحراس إما مهربون أو تجار مخدرات

TT

وصلت امرأة تابعة لحملة لقاح شلل الأطفال إلى مخبأ أسامة بن لادن بصورة مفاجئة وتحدثت مع الرجال الموجودين وراء الجدران العالية عن السيارات رباعية الدفع باهظة الثمن التي كانت بالداخل. أخذ الرجال اللقاح الذي كان على ما يبدو للـ23 طفلا الموجودين بالمجمع السكني، وأمروها أن تذهب بعيدا.

تخفى زعيم الإرهابيين وعائلته وراء جدران سميكة في هذه المدينة الممتلئة بالهضاب في شمال غربي البلاد التي يوجد بها الآلاف من الجنود الباكستانيين، وقد بدأت حاليا لمحات من حياتهم تظهر في الصورة - مع شكوك كبيرة في معرفة السلطات بمكان وجودهم هناك.

ولا يزال السبب وراء اختيار بن لادن لمدينة أبوت آباد تحديدا كمكان لإقامته غير واضح، ولكن قام اثنان آخران على الأقل من كبار قادة تنظيم القاعدة بالتخفي هنا في شوارعها الصاخبة التي توجد بها مبان من أيام الاستعمار البريطاني والتي تجذب إليها السياح، على الرغم من وصفها بأنها مدينة عسكرية.

لقد وجد بن لادن في هذه المدينة ملاذا آمنا للبقاء فيها لمدة تصل إلى ست سنوات بحسب وكالة «أسوشييتد برس»، حسب تصريحات مسؤولين أميركيين، وهي فترة طويلة بقي خلالها في مكان واحد قريبا من جيش تموله الولايات المتحدة وكان ظاهريا يحاول إلقاء القبض عليه.

وكانت معظم التقييمات الاستخبارية تعتقد أنه موجود على الحدود الأفغانية - الباكستانية، وعلى الأرجح في كهف.

بدأ تشييد المنزل المكون من ثلاثة طوابق قبل نحو سبع سنوات وبصرف النظر عن حجمه، فهو غير مميز عن بقية المباني الموجودة في المنطقة، حيث يحافظ السكان والحرس على خصوصياتهم بشراسة. تم طلاء الجدران بلون يشبه لون التراب، وتوجد أشجار في الحديقة ولا تستطيع رؤية النوافذ.

ويقول أولئك الذين عاشوا بالقرب من هذا المكان إن السكان نادرا ما يخطئون في الوصول إلى المنزل، وكان معظم الجيران لا يعلمون شيئا عن الأجانب الذين يعيشون هناك. تقول خورشيد بيبي (في السبعينات من عمرها) إن أحد الرجال الذين يعيشون في المجمع نقلها بسيارته إلى السوق بينما كانت السماء تمطر، وإن أحفادها لعبوا مع الأطفال الموجودين في المنزل وأعطاهم الناس الموجودون في المجمع أرانب كهدية. ولكن وجهت انتقادات أيضا لسكان هذا المكان. ويقول مسعود خان الذي يبلغ من العمر 45 عاما ويعمل كمزارع: «الناس الموجودون بالمنطقة كانوا يشكون في هذا المكان وهؤلاء الرجال، فكانوا يقولون إنهم مهربون أو تجار مخدرات. وكان الناس يشكون من أنهم لم يقوموا بدعوة الفقراء أو توزيع الصدقة على الرغم من أنهم يعيشون في هذا البيت الكبير».

وأشار بعض السكان إلى رؤيتهم لرجلين كانا يحضران التجمعات في معظم الأحيان، مثل الجنازات. كان الرجلان طوال القامة وبشرتهما بيضاء وملتحين وقالا إنهما أبناء عمومة من مكان آخر في شمال غربي باكستان.

وقال أحمد نذير، ضابط شرطة، إن الضباط كانوا يزورون الفنادق بشكل يومي وحصلوا على جوازات سفر الأجانب المقيمين هناك. وأضاف أنه كان يتعين على وكلاء العقارات إبلاغ الشرطة في حالة استئجار أي أجنبي لأي عقار.

في حين أكد محمد نعيم، قائد الشرطة بمدينة أبوت آباد، أن الشرطة كانت تتبع إجراءات صارمة جدا، ولكن «لا يمكن تجنب الأخطاء البشرية».

وقالت الحكومة في بيان لها إن الأطفال الـ23 والـ9 نساء الذين كانوا موجودين بالمنزل «في أيد أمينة ويتم الاعتناء بهم وفقا للقانون، وسيتم تسليمهم إلى بلدانهم الأصلية».

وتم السماح للصحافيين بالوصول إلى جدران المجمع للمرة الأولى، ولكن تم إغلاق الأبواب ولم تسمح الشرطة بفتحها. وأظهر سكان محليون أجزاء صغيرة مما بدا أنه حطام طائرة «هليكوبتر» أميركية تقول واشنطن إنها تعطلت وقام الفريق الأميركي الذي قام بالعملية بإيقافها عن العمل قبل عودته.

وأظهرت غرفة صغيرة خارج محيط المكان علامات تدل على الدخول العنيف للقوات وكان قد تم تفتيشها وإلقاء الملابس والفراش على الأرض، وكانت ساعة الحائط ملقاة على الأرض وتوقف الوقت بها عند الساعة الـ2:20 عندما كان الفريق الأميركي في المكان في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين.

ومثلها مثل الكثير من المدن الباكستانية التي يوجد بها الجيش بقوة، تحظى مدينة أبوت آباد بعناية كبيرة وتوجد بها بنية تحتية ممتازة. وهناك إشارات في الشوارع تحث السكان على «حب باكستان». ومن المعروف أن المدينة يوجد بها عدد من المدارس الجيدة التي تم إنشاء الكثير منها من قبل المبشرين المسيحيين.

وعلى الرغم من أن الفتيات الصغيرات يرتدين النقاب، فإنهن يحملن حقائب عليها صور هانا مونتانا وهن ذاهبات إلى المدرسة. وتحتوي الكثير من المنازل في المناطق النائية على وسائل الراحة الحديثة، ولكنها تقع في شوارع مغطاة بالقمامة.

ويمكنك أن ترى بعض الناس يرعون قطعان الأغنام على الطرق الترابية التي تبعد بضع مئات من الأمتار فقط عن المصارف الحديثة.

وتظل المدينة حتى الآن بمنأى عن التفجيرات الإرهابية التي روعت الكثير من المدن الباكستانية على مدى السنوات الأربع الماضية.

ويقول عاتق الرحمن، وهو عامل بالصحة يبلغ من العمر 36 عاما: «يشعر الكثير من الناس بالاكتئاب في الوقت الراهن. إننا نعيش مع الجيش وكنا نضع في أذهاننا أننا في مأمن لأن الجيش يقوم بحمايتنا».