نصائح من تونسيين ومصريين للمتظاهرين السوريين.. عبر صفحات «فيس بوك»

الشباب العربي يعمم إرشادات للحد من تأثيرات الغاز المسيل للدموع وصاعقة الكهرباء.. والمواقع الاجتماعية عبر الإنترنت تخرق «القمع» السوري

TT

لا تقف مساندة المعارضين لأنظمتهم في العالم العربي، والذين نجحوا في إحداث التغيير، وبالتحديد في مصر وتونس، للمعارضين في سوريا، عند حدود إبداء الدعم المعنوي عبر صفحات «فيس بوك» وحثهم على المواجهة، بل عمد هؤلاء إلى تعميم إرشادات للحد من تأثيرات الغاز المسيل للدموع وصاعقة الكهرباء، وهي أدوات استخدمت في ثورتي مصر وتونس لقمع المتظاهرين.

وعلى صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011»، وهي الصفحة الأوسع انتشارا للمعارضين في سوريا من خلال «فيس بوك»، ينكب أكثر من 166 ألف منتسب من مختلف أنحاء العالم العربي على إسداء النصائح وتعميم الإرشادات في محاولة لمواجهة وسائل القمع التي يستخدمها رجال الأمن. ويعمد القيمون على هذه الصفحة على التذكير مرارا وتكرارا بالإرشادات وبوتيرة يومية. وعلى الرغم من أن الغاز المسيل للدموع هو الوسيلة الأكثر استخداما عالميا للحد من تحركات المتظاهرين أينما وجدوا، وأن تأثيره فوري ومباشر، فإن الطرق لمواجهة تأثيراته طبيعية وكثيرة ويتبادلها المعارضون عبر صفحات «فيس بوك»، إذ يدعو معظمهم إلى استخدام قطعة من القماش أو منديل مبلل بالخل الذي يحتوي على حمض «الخليك» القادر على أن يبطل مفعول الغازات، وذلك بوضعها على الفم والأنف.

وتشارك نسرين عطية من القاهرة خبرتها الشخصية مع المنتسبين للصفحة، داعية أهل سوريا إلى استخدام المياه الغازية كـ«الكولا» و«البيبسي» وغسل الوجوه بها للحد من تأثير الغاز على العيون، بينما تنصح زينة الشير المصرية باستخدام نظارات البحر، مؤكدة أنها فعالة جدا وغير مربكة بعكس الطرق الأخرى المعتمدة.

ويدعو أحد التونسيين الذي اختار لنفسه اسما مستعارا إلى استخدام فوط مبللة تحتوي على الفحم لأنه معروف عن الفحم أنه يمتص الغازات الكيميائية. أما الحيلة التي ينصح بها هاني من دمشق فهي وضع القنابل المسيلة للدموع في أكياس بلاستيك ليتم بعدها رميها بعيدا.

ولتفادي لسعات العصا الكهربائية أو الصاعقة، يدعو القيمون على أحد المواقع المؤيدة للثورة إلى ارتداء أكياس بالأقدام لعزل الجسم عن الأرض، فتكون بمثابة عازل واق من اكتمال الدائرة الكهربائية.

وهنا يدعو أحد المواطنين السوريين الذي فضل تسمية «الثائر السوري» إلى ارتداء اللباس القطني لأن القطن لا ينقل التيار الكهرباء، فحتى لو لامستك العصا فلن تصعق ولن تشعر بحرارتها، محذرا من ارتداء اللباس الذي يحتوي على نايلون لأنه ينقل التيار بسرعة قصوى.

وتدعو نور من تونس المتظاهرين السوريين إلى تفصيل لباس خاص يقيهم اللسعات الكهربائية، وتشرح قائلة: «ممكن أن يفصل لباس مبطن بورق الألمنيوم يكون على قطعتين جاكيت وبنطلون، ويوصل الألمنيوم الموجود في الجاكيت بالبنطلون ومن البنطلون يتم وصله بمسمار بأسفل نعل الحذاء، وهكذا يسري التيار من الألمنيوم إلى الأرض دون أن يتأثر الشخص بأي صعقة، إلا في حال أصيب في الوجه».

وتتصدر قائمة الإرشادات الدعوة إلى الانتباه لأسطح المباني قبل الخروج للمظاهرات والسعي لمسحها بالعين المجردة كل خمس دقائق خوفا من عمليات القنص التي تعتبر الأشد خطورة والأكثر فعالية في إسقاط الضحايا.

ورغم الإجراءات المشددة التي تعتمدها السلطات السورية للحد من فعالية التواصل عبر الإنترنت داخل البلاد، يلعب موقع «فيس بوك» دورا مهما في فضح القمع الذي يتعرض له السوريون على أيدي السلطات، خصوصا أن الصحافيين الأجانب ممنوعون من دخول البلاد.

ويعتبر السوريون المقيمون في الخارج أكثر حضورا على شبكات التواصل الاجتماعي، لكن معظم السوريين اختاروا أسماء مستعارة للتعبير عن رأيهم، بينما لم يتوان عدد من المواطنين العرب وبأسمائهم وصورهم الحقيقية عن إعلان موقفهم الواضح والصريح مما يحصل هناك.

و«الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» هي الصفحة «المعارضة» الأوسع انتشارا من خلال «فيس بوك»، إذ ينتسب إليها ما يزيد على 165361 مواطنا عربيا معظمهم من السوريين، بينما يتبادل أكثر من 37334 منتسبا إلى صفحة «حركة 5 شباط من أجل التغيير السلمي في سوريا» وجهات النظر والمواقف التي يشترط القيمون على هذه الصفحة أن تكون بعيدة عن المذهبية والطائفية، فهم وخلال عملهم المتواصل على مدى 24 ساعة في اليوم، يراقبون ما يتم بثه فيحذفون ما يخرق شروطهم.

بدورها، تعرض صفحة «الحرية لشعب سوريا - نستحق العيش بكرامة» التي ينتسب إليها نحو 18590 فردا، صورا للثوار والقتلى، ومقاطع فيديو للمظاهرات التي تجوب الشوارع السورية، وآخر أخبار المعارضة والبيانات الصادرة عنها.

وما تبقى من صفحات إما هي فردية وإما محدودة، فعلى صفحة «حركة التغيير الشعبي في سوريا» مثلا التي تبث أغاني ثورية وتنشر رسائل مفتوحة من قبل المنتسبين للجيش السوري وللنظام، كتب أحد المواطنين السوريين وباسم وهمي (مودي ساب): «انتهى عهد الزعيم الملهم، انتهى عهد الرئيس الأوحد، انتهى عصر الحزب الأوحد، انتهى شعار أنت رئيسنا للأبد». ومن بين الشعارات التي يتم تردادها على الصفحة: «نحب سوريا، لن نيأس، لن نسكت، لن نتوقف» و«إذا لم نغضب الآن فمتى نغضب».

ويرفع القيمون على صفحة «نحو سوريا علمانية» شرطا أساسيا للمشاركة الحيادية، فالموقع وبحسب المنتسبين إليه لا يهدف لحقن النفوس أو للوقوف بجانب أحد أطراف الأزمة، إنما يدعو لحوار وطني بين السوريين على صفحاته بمحاولة للإتيان بحلول للأحداث السورية. ويقول أحد المنتسبين إليه: «برأيي أن الحل الأمثل لإنهاء الأزمة الحالية في سوريا يتمثل في تشكيل المتظاهرين للجان أهلية مستقلة في جميع المناطق بدلا من استمرار في التظاهر واستمرار المواجهة بينهم وبين الجيش ورجال الأمن. دور هذه اللجان يكون في مراقبة أداء الحكومة فيما يخص تطبيق الإصلاحات الموعودة والاحتجاج أو الاعتراض على أي تقصير أو تلكؤ أو خطأ من خلال إصدار البيانات والتواصل مع الشعب والتكلم بشكل حر». وتبث صفحة «أخبار البلد» أخبار المعارضة السورية لحظة بلحظة. ويسعى المعارضون إلى ترويج روابط إلكترونية تسمح بالتواصل في حال قرر النظام السوري وقف عمل المواقع الاجتماعية.

وبمقابل عشرات الصفحات المؤيدة للثورة ينتشر عدد كبير من الصفحات المؤيدة للنظام. فتضم صفحة «سوريا الله حاميها وبعزك يا أسد نبنيها» أكثر من 26283 منتسبا يرفعون شعار الولاء للرئيس بشار الأسد ونظامه ويتهمون أيادي خارجية بالسعي لضرب الاستقرار السوري.

وليس بعيدا من «فيس بوك» تنتشر الصفحات الخاصة على موقع «تويتر»، وبالتحديد لعدد من المعارضين السوريين الذين ينشرون مواقفهم من الأزمة الداخلية. فيرحب المعارض السوري علي الأحمد بزائري صفحته قائلا: «مرحبا بكم جميعا في موقعي الجديد والبسيط غير المعقد. حيث أتمنى أن يكون صلة وصل بين كل العاملين من أجل خير وسعادة وطننا الحبيب سوريا. وأن يكون بابا للتناصح وإبداء الرأي وتبادل المعلومات بين العاملين من أجل سوريا أفضل تتمتع بالحرية والكرامة وتحترم حقوق الإنسان كما نص عليها الإسلام، وكما أكدت عليها الشرعية الدولية المعنية. وإلى يوم قريب يعود فيه جميع المنفيين والمهجرين السوريين إلى وطنهم وينضمون إلى مسيرة إعماره وإعلائه وتقويته مكانا للخير والعدالة».

أما المواقع الإلكترونية الخاصة بالمعارضة السورية وإعلامها، فيصعب الوصول إليها من خلال محركات البحث العالمية، إذ يتم حجب قسم كبير منها من قبل السلطات السورية. وتعتبر شبكة «شام» الإخبارية إحدى الشبكات الناشطة حاليا في نقل أخبار المعارضين، إذ تضم صفحتها عبر «فيس بوك» ما يزيد على 89000 مشترك. ويسعى عدد من المواقع الإلكترونية الإخبارية اللبنانية المعروفة إلى مواكبة الحدث في سوريا بحيادية، ولكن تفتقر هذه المواقع للتغطية المباشرة وللمصادر، فتعتمد فيما تنشره على ما تنقله وكالات الأنباء العالمية.