أعلن العراق رسميا احتجاجه على القرار الذي اتخذته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر عقده اليوم في القاهرة والخاص بمناقشة عقد قمة بغداد، وذلك للمرة الثالثة على التوالي. وطبقا لمصدر مطلع فإن الاجتماع المذكور تقرر تأجيله لتزامنه مع اجتماع روما الخاص بمجموعة الاتصال المعنية بالملف الليبي وذلك بناء على طلب تقدم به وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد، رئيس الدورة الحالية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى الأمانة العامة للجامعة العربية للموافقة على قرار وزراء الخارجية العرب.
ومن جهته، وجه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بعثة العراق في الجامعة العربية لتقديم احتجاج رسمي بهذا الشأن. وفي الوقت الذي سبق فيه للعراق أن أعلن تمسكه بعقد القمة العربية، إلا أنه ترك أمر تحديد عقدها لاجتماع وزراء الخارجية العرب الذي كان مقررا عقده في القاهرة اليوم.
وفي بغداد أعلن القيادي بدولة القانون عدنان السراج المقرب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن «تأجيل موعد القمة العربية الذي كان مقررا في الثامن والعشرين من مارس (آذار) الماضي قد يكون أمرا مقبولا نظرا للظروف التي تمر بها المنطقة على الرغم من أهمية دورية انعقاد القمة مهما كانت الظروف إذا كان أريد منها أن تناقش الملفات المهمة والصعبة». وأضاف «لكن أن يتم رهن عقد القمة بما يقرره وزراء الخارجية العرب فهو الآخر مقبول شريطة أن يتم الالتزام بموعد نهائي وليس عبر عمليات التسويف والمماطلة مثلما نلاحظه الآن».
وأشار السراج إلى أن «القمة العربية ليس هدفها حل مشاكل العراق وإنما حل مشاكل الأمة العربية وهو ما يحرص العراق على تحقيقه بوصفه جزءا من المنظومة العربية». واعتبر أن «هناك دوافع سياسية بحتة خلف التأجيل المستمر لهذا الاجتماع وأنه لن يلبي مطالب العراقيين الذين يتباكون على عزلة العراق أو انعزاله فالعراق اليوم ومن خلال تمسكه بعقد القمة يقدم أكثر من رسالة إيجابية بهذا الخصوص ينبغي على الدول العربية جميعها التفاعل معها بإيجابية كذلك».
وأوضح السراج أن «العراق محاط بدول مهمة وقوية وله علاقات معها وهي إيران وتركيا وبالتالي فإن من مصلحة العرب أخذ هذا الأمر بنظر الاعتبار، خصوصا أنه ليس من مصلحة العراق أو العرب التقاطع لا مع إيران ولا مع تركيا»، معتبرا أن «من مصلحة الأمة العربية أن يكون العراق عنصر توازن في المنطقة بين هذين الجارين والدول العربية».
وفي الوقت الذي يعتقد فيه أن تصريحات مسؤولين عراقيين بخصوص أزمة البحرين ربما قد أدت إلى اتخاذ مواقف حادة من قبل دول الخليج العربية وهو ما أدى إلى طلب تأجيل القمة، فإنه بالتزامن مع قرار وزراء الخارجية العرب بتأجيل الاجتماع الخاص بالقمة والاحتجاج الرسمي العراقي حوله، دعت القائمة العراقية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي دولة الكويت إلى وقف ما سمته «التطاول على العراق شعبا وتاريخا وجغرافيا». وقال بيان رسمي عن المتحدث الرسمي باسم القائمة حيدر الملا، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «النظام الكويتي ما زال حتى يومنا هذا يغلق الأبواب أمام أي تفاهمات لإخراج العراق من طائلة البند السابع والعقوبات الدولية دون مبرر سوى الأنانية الضيقة».
وأشار البيان إلى أن «روح الانتقام بلغت حد العمل على منع العراق من استخدام طائرات الخطوط الجوية العراقية خوفا من القرصنة الكويتية عليها». وأضاف الملا أن «جميع هذه المظاهر دليل على مدى عدائية النظام الكويتي للشعب العراقي دون تمييز، داعيا إلى وقوف العراقيين وقفة موحدة لإيقاف التمادي والتطاول على العراق شعبا وتاريخا وجغرافيا» داعيا «العقلاء والحكماء في مجلس الأمة الكويتي بأن يأخذوا بنظر الاعتبار هذا الموضوع وأن يعملوا جادين على تطويقه قبل أن يتحول إلى قضية شعبية ضاغطة تصعب السيطرة عليها».
وفي تطور لاحق أمس، صرح وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أن العراق يبدو آمنا بما يكفي لكي يزورها مستثمرون محتملون، وذلك بعد اجتماع مع نظيره العراقي زيباري في برلين.
وبينما لم تشجع وزارة الخارجية الألمانية سياحة الألمان في العراق، عدلت الوزارة تحذيرها من السفر إلى هناك، قائلة إنه «يمكن النظر» في الزيارات غير السياحية في حال جرى اتخاذ تدابير احترازية كافية.
وقال زيباري إن ذلك يزيل عائقا أمام الكثير من كبار رجال الأعمال الألمان، ممن لديهم اهتمام كبير في الاستثمار والعمل في العراق.
كما أشار زيباري إلى أن الحكومة العراقية تشعر أنها بمأمن من الانتفاضات التي اجتاحت، ولا تزال تجتاح، العالم العربي. وأعرب عن ارتياح بلاده لأن شعب العراق وحكومته شكلا حكومة ديمقراطية، لافتا إلى أن العراق، في ضوء ذلك، لديه فرصة أفضل للعمل والعيش ومواجهة هذه التحديات.
وسلم فسترفيلي نظيره العراقي ثلاث لوحات طينية مكتوبة باللغة المسمارية، صنعت في بابل قبل 4 آلاف عام، كانت قد صودرت في ألمانيا عام 2005 بعد تهريبها بصورة غير قانونية إلى خارج العراق.