بريطانيا: الناخبون يتجهون لرفض النظام الانتخابي الجديد

مشروع الليبراليين الديمقراطيين على المحك.. والصحف اليسارية حثت على تأييده والابتعاد عن الانتقام في استفتاء اليوم

TT

يستعد زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين ونائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ، لمواجهة هزيمة كبيرة اليوم؛ إذ من المتوقع أن يصوت البريطانيون بـ«لا» في الاستفتاء الشعبي الأول على تغيير النظام الانتخابي في البلاد، وهو ما وعد كليغ مناصريه بتحقيقه في حال شارك في الحكم.

وأشارت الاستطلاعات التي أجريت عشية التصويت، وكان آخرها استطلاع أجرته صحيفة الـ«غارديان» بالتعاون مع شركة «آي سي إم»، إلى أن 68 في المائة من الناخبين سيرفضون تغيير القانون الانتخابي، مما سيتسبب في حرج كبير لكليغ الذي كان يعول على تمرير قانون يسمح بتمثيل أكبر لحزبه في البرلمان، لامتصاص الغضب الشعبي ضد «الليبراليين الديمقراطيين» الذي طالما نظر إليه على أنه حزب يميل إلى اليسار أكثر من اليمين.

وقاد حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، طوال الأشهر الماضية، حملة لحث الناخبين على رفض القانون الجديد، مدعين بأنه سيسمح بولادة برلمانات معلقة ويحرم حزبهم من الفوز بأغلبية واضحة في المستقبل، وهو ما يقول خبراء إنه تحليل خاطئ وتضليل.

وقبل كاميرون إجراء الاستفتاء كشرط من الشروط التي وضعها الليبراليون الديمقراطيون لدعم المحافظين لدخول الحكم، علما بأن كليغ كان يسعى لتغيير النظام ليصبح تمثيلا نسبيا، ولكنه قبل في النهاية باستفتاء على تغييره إلى قانون يعتمد «الصوت البديل». ويسمح النظام الحالي بانتخاب النواب الذين يحصلون على أغلبية الأصوات في الدائرة الانتخابية، بينما القانون الجديد يسمح بانتخابات المرشح الذي يحصل على أكثر من 50 في المائة من أصوات الدائرة الانتخابية.

وفي ظل انقسام حزب العمال اليساري حول تأييد النظام الجديد الذي يعتمد على «الصوت البديل»، يبدو أن مؤيدي الحزب وجدوا في الاستفتاء فرصة للانتقام من كليغ بسبب اختياره التحالف مع المحافظين وترك العمال خارج الحكم. وحاول زعيم حزب العمال إد ميليباند، الشاب المنتخب قبل أشهر قليلة، أن يحث مؤيدي حزبه على «عدم الانتقام» من كليغ عبر التصويت سلبا، وإقناعهم بأن القانون سيسمح بتمثيل أكثر عدالة للأحزاب، خصوصا أن المتضرر الأكبر من النظام الجديد سيكون حزب المحافظين، إلا أنه من غير المتوقع أن تلاقي نداءاته الكثير من الأذن الصاغية.

وفي مؤشر واضح على مدى انقسام حزب العمال حول الاستفتاء، كتبت مارغريت بيكيت، وزيرة الخارجية السابقة في حكومة حزب العمال، مقالا مشتركا مع وزير الخارجية الحالي في حزب المحافظين ويليام هيغ، نشراه في صحيفة الـ«تليغراف» اليمينية، يحثان فيه القراء على رفض القانون. ومما كتباه: «القانون ليس فقط مربكا، وليس عدالة.. وإنما سيقضي على 200 عام من التقدم السياسي في بريطانيا».

إلا أن الصحف اليسارية ألقت ثقلها أمس لتأييد التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء، وكتبت صحيفتا الـ«غارديان» والـ«إندبندنت» مقالتي افتتاح تحثان فيهما الناخبين على قبول النظام الجديد على اعتبار أنه أكثر عدالة وتمثيلا.

وقد تؤدي خسارة كليغ الاستفتاء إلى زيادة النقمة والانقسام داخل حزبه حول صواب قرار التحالف مع المحافظين عوضا عن حزب العمال الذي كان تعهد بطرح القانون للتصويت على البرلمان من دون عرضه للاستفتاء الشعبي. وقد يخسر كثير من نواب الحزب مقاعدهم في الانتخابات المقبلة في حال جرت وفقا للنظام الحالي، بسبب توعد كثير من الناخبين، خصوصا الطلاب، بعدم التصويت لليبراليين المحافظين مرة جديدة، بعد نكثهم وعودهم الانتخابية وتأييدهم سياسات المحافظين بتقليص الإنفاق العام ورفع أقساط الجامعات، وهي خطوة أدت إلى عدد من المظاهرات في البلاد.

ولكن الأخطر، أن الفشل في ضمان تغيير القانون الانتخابي الذي كان من أولويات زعيم الليبراليين الديمقراطيين، سيضعف الحزب الصغير وقد يفرض عليه تقديم تنازلات متزايدة لحزب المحافظين في الحكومة، وهو ما عبرت عنه الـ«غارديان» في افتتاحيتها أمس عندما كتبت: «فوز المعسكر الرافض للنظام الجديد سيضعف الليبراليين الديمقراطيين، ولكنه لن يقتل الائتلاف الحاكم. على العكس، سيربط الحزبان معا أكثر، ولكن تبعا لشروط المحافظين بشكل متزايد».