عدد سكان العالم سيتجاوز 10 مليارات مع نهاية القرن

تقرير: سكان اليمن قد يصلون إلى 100 مليون.. وتنظيم جيد للنسل في إيران وبنغلاديش والمكسيك

نساء ينتظرن في عيادة طبية في مالاوي، حيث أسهمت الخدمات الصحية في قرى هذا البلد في خفض نسبة وفيات الأطفال (نيويورك تايمز)
TT

توقع تقرير صادر عن الأمم المتحدة، أن يواصل عدد سكان العالم، الذي تكهنت توقعات سابقة أن يستقر فوق مستوى 9 مليارات نسمة أواسط القرن الحالي، نموه وربما يصل إلى 10.1 مليار نسمة بنهاية عام 2100. وأشار التقرير إلى أن نسبة النمو في أفريقيا لا تزال مرتفعة وأن أعداد سكان القارة قد يرتفع إلى 3 أضعاف بنهاية القرن الحالي، ليرفع عدد سكان القارة الحالي من مليار إلى 3.6 مليار نسمة، علما أن القارة السمراء تناضل لتوفير الماء والغذاء لسكانها.

ويأتي التقرير قبيل تحول ديموغرافي بارز، نتيجة التوقعات بأن يصل عدد سكان العالم إلى 7 مليارات نسمة في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) القادم بعد 12 عاما فقط من تجاوزه 6 مليارات نسمة. ووصف خبراء السكان التكهنات الجديدة بأنها تذكير بأن مشكلة الانفجار السكاني الذي حدد السياسات في القرن العشرين لا تزال عصية على الحل في القرن الحادي والعشرين.

ويقول جون بونجارتس، خبير السكان في مجلس السكان، المنظمة البحثية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها: «كل مليار نسمة إضافي يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للجميع ـ هذا هو الأمر ببساطة. لكن هل سيشكل هذا نهاية العالم؟ كلا. وهل نستطيع أن نطعم 10 مليارات إنسان؟ ربما. لكن الوضع سيكون أفضل إذا كان عدد السكان أقل».

صدرت هذه التوقعات عن قسم السكان التابع للأمم المتحدة التي تمتلك سجلا حافلا بالتوقعات الدقيقة إلى حد بعيد. وفي تقريره الجديد يرفع القسم من توقعاته بالنسبة لعام 2050، حيث يقدر أن يصل عدد سكان العالم إلى 9.3 مليار نسمة، بزيادة تقدر بـ156 مليون نسمة عن التقديرات التي نشرها عام 2008 عن ذلك العام.

ومن بين العوامل التي تقف خلف هذه المراجعات حجم تراجع معدلات الخصوبة في بعض الدول الفقيرة كما كان متوقعا وارتفاعه بصورة طفيفة في العالم الغربي ومن بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والدنمارك. وأكدت مديرة قسم السكان في الأمم المتحدة، هانيا زلوتنيك، أن الدول ذات الاقتصادات الأسرع نموا في العالم ودول العالم المتقدم التي أسهمت في تمويل تلك التنمية تواجه تحديا بشأن إعادة تأكيد التزاماتها على برامجها التي تشجع على تنظيم الأسرة من عدمه.

ورغم التركيز الكبير على سياسة التنمية في السبعينات والثمانينات، والتي توقفت في الكثير من البلدان، التي دخلت في معارك آيديولوجية حول الإجهاض والتربية الجنسية ودور المرأة في المجتمع. وقد شهدت هذه البرامج هجوما من المحافظين حيث غاصت الحكومات في قرارات خاصة وفي بعض الدول حاربت المجموعات الكاثوليكية انتشار وسائل منع الحمل. وطالب بعض المنادين بحقوق النساء بعدم التركيز على تحديد النسل والتركيز بصورة أكبر على تمكين دور المرأة.

ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن المعونة الأجنبية تحملت خلال العقد الماضي النصيب الأكبر من تكلفة عقار منع الحمل ـ 238 مليون دولا خلال عام 2009 ـ وأن الولايات المتحدة كانت على الدوام المتبرع الأكبر في هذا الخصوص، لكن اتفاق الميزانية الذي أقره الكونغرس الشهر الماضي خفض المعونة الدولية بمقدار 5%. ويقول ريتشل نوغنت، الاقتصادي في مركز التنمية العالمية في واشنطن: «تزايدت الحاجة، في الوقت الذي تراجعت فيه خدمات تنظيم الأسرة». وترى الدكتورة زلوتنيك في مقابلة معها أن الأرقام التي تم تعديلها جاءت مبنية على أحدث وسائل التنبؤ وعلوم السكان، لكنها حذرت من أن أي تنبؤ بعدد السكان للأعوام التسعين القادمة يحمل الكثير من المحاذير.

ويتعلق ذلك على نحو خاص بالدول السريعة النمو التي يتوقع أن يزداد عدد سكانها بصورة كبيرة خلال القرن القادم. فاليمن على سبيل المثال تضاعف عدد سكانه 5 أضعاف منذ عام 1950 ليصل إلى 25 مليون نسمة، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 100 مليون نسمة بنهاية هذا القرن إذا صدقت هذه التكهنات، في الوقت الذي يعتمد فيه اليمن على الواردات الغذائية ويعاني نقصا حادا من إمدادات المياه. وفي نيجيريا أكثر دول أفريقيا تعدادا للسكان، توقع التقرير أن يرتفع عدد السكان من مستواه الحالي، 162 مليون نسمة إلى 730 مليون نسمة بحلول 2100، أما مالاوي التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة فيتوقع أن يصل عدد سكانها بنهاية القرن الحالي إلى 129 مليون نسمة، بحسب تكهنات التقرير.

وتحمل هذه الأرقام في طياتها تكهنات، مثيرة للجدل إلى حد ما، بأن الماء والغذاء ستتوافر لمليارات الأشخاص الذين لم يولدوا بعد والكوارث المتوقعة مثل التغير المناخي والحروب والأمراض الوبائية قد تعوق نمو السكان. وتقول الدكتورة زلوتنيك: «من المتوقع أن تتضاءل موارد بعض الدول، وهذه الأرقام ليست ثابتة».

ويمكن للبرامج التي صممت بشكل جيد أن تعمل على تقليل معدلات الزيادة السكانية في البلدان الفقرة للغاية. فمن خلال تقديم المعلومات بشأن تنظيم النسل، اختارت النساء عددا أقل من الأطفال في دول متنوعة مثل بنغلاديش وإيران والمكسيك وسريلانكا وتايلاند.

من بين الملاحظات الجديدة التي يبديها التقرير أيضا هي أن وباء الإيدز لا يعتبر كارثة ديموغرافية كما توقعت بعض التقارير من قبل. فالتقديرات والتكهنات بالنسبة لانتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة في أفريقيا عام 1990 كانت عالية للغاية، لكن العلاجات الجديدة خفضت من نسبة الوفيات من المرض. إلا أن بقاء الملايين من الناس الحاملين لفيروس الإيدز والذين كانوا سيموتون دون تلقي العلاج، وانخفاض عدد الأطفال حديثي الولادة، كل ذلك يعني أن معدلات الخصوبة لدى النساء بحاجة إلى الانخفاض بصورة أسرع لوقف نمو السكان، بحسب اختصاصي علم السكان.

ويرى الخبراء أن هناك عددا آخر من العوامل الأخرى التي أسهمت في حدوث هذا التغير في أفريقيا، مثل افتقار النساء إلى القوة في علاقاتهن بالرجال وتعدد الزوجات وغياب القيادة السياسية. ورغم استخدام 3 أرباع المتزوجات في الولايات المتحدة وسائل حديثة في منع الحمل، فإن النسبة عكسية في أفريقيا حيث توجد امرأة واحدة من بين كل 10 نساء في أفريقيا، ونحو 7% من وسط أفريقيا، وفق إحصاءات الأمم المتحدة. ويقول جون ماي، خبير السكان في البنك الدولي: «مناطق غرب ووسط أفريقيا تعتبران أكبر منطقتين في العالم تشهد تحولا في معدلات الخصوبة، لكنه بطيء للغاية».

وتشير بعض الدراسات إلى أن توفير الوصول السهل والرخيص إلى موانع الحمل ليست كافية. فقد وجد باحثون من جامعة هارفارد، خلال الدراسة أجروها على إحدى القبائل في لوساكا بزامبيا أن المرأة عندما تكون صاحبة قرار في استخدام وسائل منع الحمل من عدمه يكون عدد أبنائهن أقل بصورة أكثر وضوحا. فيما وجدت دراسات أخرى أن التعليم بالنسبة للفتيات يلعب دورا كبيرا في تحديد الفتيات لحجم الأسرة في المستقبل.

وينوه التقرير إلى أن الصين التي طبقت على مدى عقود سياسات سكانية مشددة، قد تدخل خلال الآونة القليلة ضمن الدول التي تعاني من تراجع عدد السكان، إذ يتوقع أن يصل إجمالي عدد سكانها إلى 1.4 مليار نسمة خلال الأعوام القليلة القادمة ثم يعود لينخفض إلى 941 مليونا بحلول 2100.

أما الولايات المتحدة فيتزايد عدد سكانها بصورة أسرع من الكثير من الدول الغنية الأخرى، نظرا لارتفاع معدلات الخصوبة بين المهاجرين ذوي الأصول اللاتينية، وتوقع التقرير أن يرتفع عدد سكان الولايات المتحدة من 311 مليونا حاليا إلى 478 مليون نسمة بنهاية 2100.

* خدمة «نيويورك تايمز»