صور تظهر 3 رجال قتلى في الهجوم على منزل بن لادن

استمرار الجدل بأميركا حول بث صور اغتيال زعيم «القاعدة»

هليكوبتر اميركية عقب سقوطها فوق المجمع السكني في مدينة ابوت آباد الباكستانية (رويترز)
TT

أظهرت صور حصلت عليها «رويترز» والتقطت بعد نحو ساعة من الهجوم الأميركي على المجمع الذي كان يقيم فيه أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» في أبوت آباد بباكستان ثلاثة قتلى راقدين في بركة من الدماء دون وجود أسلحة.

التقط الصور مسؤول أمن باكستاني دخل المجمع بعد الهجوم بقليل حيث ظهر فيها رجلان يرتديان الزي الباكستاني التقليدي وثالث يرتدي قميصا والدم يسيل من آذانهم وأنوفهم وأفواههم. وباع المسؤول الأمني الذي لم يرغب في الكشف عن شخصيته الصور لـ«رويترز».

ولم يشبه أي من الرجال الثلاثة بن لادن. وقال البيت الأبيض أمس إن الرئيس الأميركي باراك أوباما قرر عدم نشر صور جثة بن لادن لأنها قد تثير أعمال عنف وقد تستخدم كوسيلة دعائية من جانب تنظيم القاعدة. واستنادا إلى الوقت المسجل على الصور التقطت الصورة الأولى في الثاني من مايو (أيار) الساعة 2.30 صباحا بعد ساعة تقريبا من إتمام الهجوم الذي قتل فيه بن لادن والتقطت الصور الأخرى بعد ذلك بساعات بين الساعة 5.21 و6.43 صباحا ويظهر فيها المجمع من الخارج وحطام طائرة هليكوبتر تركتها الولايات المتحدة. ولم يكن شكل الذيل تقليديا وقد يشير إلى نوع غير معروف من القدرة على التخفي من شاشات الرادار. وتثق «رويترز» في صحة الصور التي اشترتها لأن التفاصيل في الصور تظهر على ما يبدو طائرة هليكوبتر تحطمت في الهجوم تتطابق مع تفاصيل صور تم الحصول عليها من مصادر مستقلة يوم الاثنين الماضي وخسرت القوات الأميركية طائرة هليكوبتر في الهجوم بسبب مشكلة فنية ودمرتها في وقت لاحق. وتم التقاط الصور جميعها في تتابع ومساحتها واحدة مما يشير إلى أنها لم تتعرض للعبث. كما يتطابق وقت وتاريخ الصور المسجل في بيانات ملف الكاميرا الرقمية مع ظروف الضوء في المنطقة وكذلك مع الوقت والتاريخ المطبوعين على الصور نفسها. ولا تظهر الصور المقربة أسلحة مع القتلى ولكن الصور ركزت غالبا على أيدي الرجال وأذرعهم. ويظهر في إحدى الصور كابل كومبيوتر ولعبة مسدس مياه بلاستيكي باللونين الأخضر والبرتقالي ملقاة تحت الكتف الأيمن لأحد الرجال القتلى. وتكونت تحت رأسه بركة دماء كبيرة. ويظهر في صورة ثانية رجل آخر يسيل الدم من أنفه على وجنته اليمنى وبقعة كبيرة من الدم على صدره. وفي الصورة الثالثة يظهر رجل يرتدي قميصا يرقد على ظهره وسط بركة من الدماء التي سالت من جرح في رأسه على ما يبدو. وأثار اعتراف الولايات المتحدة أول من أمس بأن بن لادن لم يكن مسلحا عندما قتل بالرصاص اتهامات بأن واشنطن انتهكت القانون الدولي. ولكن الملابسات الدقيقة لوفاته تظل غير واضحة وقد تثير المزيد من الجدل لا سيما في العالم الإسلامي. وقالت صحيفة بارزة في إسلام آباد إن باكستان واجهت حرجا في الداخل في محاولتها تفسير كيف استطاع أكثر الرجال المطلوبين في العالم الإقامة لسنوات في بلدة ابوت آباد التي توجد فيها حامية عسكرية وتقع شمالي العاصمة مباشرة. وأنحت باكستان باللائمة على إخفاقات في أجهزة مخابرات بأنحاء العالم في الفشل في العثور على بن لادن بينما تعمل واشنطن على التحقق مما إذا كانت حليفتها وفرت ملاذا لزعيم «القاعدة» وهو ما تنفيه إسلام آباد بشدة.

ويثير موضوع نشر صور جثة بن لادن خلافا وجدلا بين المشرعين الأميركيين الذين اطلع بعضهم على صورة الجثة، وقالت السيناتورة الأميركية كيلي أيوت إنها رأت صورة لأسامة بن لادن بعد مقتله ولكنها تراجعت في وقت متأخر يوم أمس قائلة إنها لا يمكنها تأكيد صحة الصورة. وأوضحت أيوت: «لقد أطلعني سيناتور آخر على صورة لما بدا أنه أسامة بن لادن بعد موته لكني لا أدري إن كانت صحيحة. وعلى أي حال فإني أعتقد أنه يجب نشر صورة زعيم القاعدة القتيل». وأضافت: «مع أن البعض قد يستاء من صورة شخص مصاب في الرأس فإن نشر الصورة أمر مهم لإخماد أي نظريات للمؤامرة قد تتردد في أنحاء العالم». إلى ذلك يسعى المسؤولون الأميركيون إلى إنهاء الجدل والتشكك الذي أحاط برواية واشنطن لملابسات مقتل أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» وأكدوا أنه قتل في معركة وقعت في المجمع الذي كان يختبئ به في باكستان.

ورغم ضغوط من جانب بعض مساعديه رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما نشر صور بن لادن وهو قتيل لأنها يمكن أن تثير أعمال عنف وتستخدم كوسيلة دعائية من جانب تنظيم القاعدة. وقال أوباما أول من أمس لبرنامج «60 دقيقة» بقناة تلفزيون «سي بي إس» أعتقد أنه نظرا لما تحتويه تلك الصور من مشاهد صعبة فإنها سوف تسبب بعض المخاطر على الأمن القومي.

وأضاف: «من المهم بالنسبة لنا ضمان ألا يجري تناقل صور لشخص مشوه أطلق عليه الرصاص في الرأس كوسيلة للتحريض على مزيد من العنف أو كوسيلة دعائية. لسنا من يفعل ذلك». وعندما سئل بشأن ما يقوله البعض في باكستان من أن الولايات المتحدة تكذب بشأن قتل بن لادن رد أوباما بالقول: «نراقب رد الفعل في أنحاء العالم. لا شك في أن بن لادن مات».

وكانت إدارة أوباما تدرس ما إذا كانت ستنشر صور بن لادن بعد مقتله في غارة أميركية على مجمعه في باكستان هذا الأسبوع وقال الرئيس إنه ومستشاريه اتفقوا على أنه ينبغي عدم نشر الصور. وقالت شبكة تلفزيون «إن بي سي» نقلا عن مسؤولين أميركيين أن أربعة من الأشخاص الخمسة الذين قتلوا بالرصاص في العملية التي أدت إلى مقتل بن لادن ومنهم زعيم «القاعدة» كانوا غير مسلحين ولم يطلقوا طلقة واحدة وهي رواية تختلف عن التصريحات الأولى لمسؤولي حكومة أوباما بأن الفريق التابع للبحرية خاض اشتباكا طويلا. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون إني أعلم يقينا أنه جرى تراشق بالنيران خلال هذه العملية. وفي رده على أن قتل زعيم «القاعدة» وهو أعزل يعد غير قانوني قال إريك هولدر وزير العدل الأميركي إن رجال الكوماندوز الذين داهموا مخبأ بن لادن تصرفوا دفاعا عن النفس. وبعد أن قدم مسؤولون كبار في الاستخبارات والدفاع تقرير إحاطة عن العملية للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب رفض أعضاء اللجنة الحديث عن تفاصيل ما تم إبلاغهم به.