عشرات الدبابات تنتشر في محيط حمص ومداهمات في ريف دمشق

إمام جامع في بانياس يحث الشباب على «الثبات»

صورة مأخوذة من هاتف جوال لمظاهرات ضد النظام في مدينة بانياس (أ.ب)
TT

بينما أعلن الجيش السوري بدء الخروج التدريجي لوحداته من مدينة درعا المحاصرة منذ نحو أسبوعين، تتجه الأنظار إلى محافظة حمص وتنامي المخاوف من تكرار سيناريو درعا في مدينة الرستن (15 كم شمال حمص) حيث بدأت تعزيزات للجيش بالتوجه إلى هناك منذ مساء أول أمس، وتكثيف الوجود الأمني استعدادا لليوم (جمعة التحدي) والمتوقع أن يكون ساخنا في محافظة حمص.

ولوحظ يوم أمس أن النشطاء الذين يدعون إلى التظاهر يوم الجمعة قد اعتمدوا تسمية اليوم يوم «جمعة التحدي» بدلا من «جمعة الشهداء» كما جرى تسميتها قبل يوم واحد، وتغيير اسم اليوم جاء بعد مناقشات، إذ كانت تسمى خلال الأسبوع بجمعة الشهداء لتزامنها مع يوم 6 أيار (عيد الشهداء) الذين يحتفي السوريون بذكراهم وهم نخبة من المثقفين الذين أعدموا على يد جمال باش السفاح في نهاية الحكم العثماني. وتم اعتماد اسم جمعة عيد (الشهداء) بخط صغير جمعة (التحدي) بالعنوان العريض ليكون اسما لليوم، ومنهم من اعتمد فقط على عنوان «جمعة التحدي» المتوقع أن تخرج فيه مظاهرات في أكثر من مكان في البلاد لتحدي الحل العسكري، الذي أراد من خلاله النظام سحق المتظاهرين، وإثبات إرادة الشعب وقدرته على التحدي.

وبدا أن الأمور تتجه نحو التصعيد في مدينة الرستن وقرية تلبيسة في محافظة حمص، بعد أنباء عن نشر عشرات الدبابات حول بلدة الرستن قرب مدينة حمص، وبحسب مصادر محلية فإن نحو مائة دبابة وناقلة جند تمركزت عند المدخل الشمالي لمدينة الرستن على الطريق الدولي بين حمص وحماة. مما يعزز المخاوف من هجوم استباقي قد تبدأه السلطات مساء الخميس، بهدف إحباط المظاهرات المتوقع خروجها اليوم يوم (جمعة التحدي).

وأفاد شهود عيان في الرستن ببدء حركة نزوح لعائلات من الرستن باتجاه المدن والقرى القريبة في المحافظة، تحسبا من ليلة قد تشهد هجوما عنيفا، بعد تقدم قوات الجيش نحو المدينة.

وفي دمشق ترددت أنباء عن قيام السفارة الكويتية في دمشق تبدأ بإجلاء رعاياها الكويتيين من سوريا. وفي ريف دمشق قال أحد سكان حرستا أن الدوريات الأمنية راحت تجوب شوارع حرستا بعد ظهر يوم أمس وعددها على النحو التالي سيارة دفع رباعي سوداء وسيارة سياحية بيضاء تم إخفاء رقمها وسيارة بيك أب فيها 9 عناصر يحملون رشاشات ثقيلة، ميكروباص 24 راكبا عدد اثنان واحد للمعتقلين والثاني لصف ضباط وباص نقل داخلي أخضر عدد 3 مليئين بعناصر أمنية بلباسهم المدني وعتادهم الكامل واقية صدرية وخوذة ورشاش ومخازن إضافية، ودراجة شرطة مرور. وقالت مصادر حقوقية سوريا إن حملة مداهمات للمنازل جرت فجر يوم أمس في مدينة سقبا في ضواحي دمشق حيث تم قطع الاتصالات وجرت اعتقالات واسعة، شملت نحو 300 شخص. إلا أن ذلك لم يحد من الدعوات لجعل يوم «جمعة التحدي» يوما لتحدي النظام والعالم، والعزم على إسقاط النصب التذكاري الضخم للرئيس حافظ الأسد القائم عند مدخل مدينة حمص التي استمر فيها المظاهرون في الخروج بعد صلاة المغرب من كل يوم، في أماكن متفرقة من المدينة. ويوم أول من أمس خرج نحو 2000 متظاهر عند جامع كعب الأحبار في حي باب دريب، نادوا برفع الحصار عن درعا وطالبوا بسحب قوات الأمن والجيش من الرستن وتلبيسة وتلكلخ وإسقاط النظام.

وفي بانياس الساحلية التي شهد محيطها تعزيزات عسكرية صباح يوم أمس وتكثيف الوجود الأمني داخلها استعداد لليوم الجمعة، بث يوم أمس على موقع «يوتيوب» مقطع فيديو جديدا لخطبة ألقاها الشيخ أنس عيروط إمام جامع أبو بكر في اعتصام بانياس قبل يومين قال فيها: «هذه الأيام كشفت الحقائق وكشفت الأوراق» داعيا الشباب إلى «الثبات على الإيمان والاستمرار وألا يتزعزعوا» وقال: «كثير من الناس بدأ التململ يدخل قلوبهم ويسألون: ماذا بعد!» لافتا إلى أن سوريا تعيش اليوم «تحولا كبيرا» وقال: «الآن لا تسأل عن الطعام ولا الشراب وإنما عن الثبات فالعبرة في الثبات». وأكد أن الاعتقالات والتهديدات التي تستخدمها السلطة وفرض الحصار للضغط بهدف وقف الاحتجاجات يجب أن تكون دافعا للمثابرة على الاحتجاجات والتظاهر. وقال: «لن نتراجع أبدا يا شباب لا تخافوا ولا تهنوا ولا تحزنوا، يقننا بالله وليس بشيء آخر لا ببلد فلاني ولا علاني نحن بدأنا مع الله وسرنا وانطلقنا بالله ولن نعتمد إلا على الله وسنسير بالاتكال على الله» ونصح كل من رأى نفسه ضعيفا بالخروج إلى الشارع والتظاهر «لأننا لم نشعر بقوتنا إلا عندما اجتمعنا وفي اجتماعنا قوة» واقسم أن السلطة لن تنال من المتظاهرين لأن معركة السلطة «ليست مع أشخاص وإنما مع الحق» وقال: «ظنوا أنهم إن قضوا على درعا سيكون درسا لكل البلاد لكن على العكس زادت المظاهرات وكثرت الأعداد وعلت الهتافات» مؤكد على أن «غدا لناظره قريب». وشهدت حلب مساء أول من أمس مظاهرة حاشدة، حيث قالت مصادر إعلامية إن حي كرم ميسر الشعبي شهد عصر أول من أمس «إطلاق نار كثيف خلال مشاجرة بسبب خلاف مروري» بين ذوي المجند أحمد رجب الحمود الذي استشهد في المعضمية بريف دمشق، وجرى تشييعه يوم الأربعاء في باب النيرب بحلب، وعدد من سكان الحي الذين كانوا غاضبين. وكان لافتا أن الشرطة لم تتدخل لتوقيف مطلقي النار وهم حسب الشهود 10 أشخاص ومعهم نحو 70 آخرين.

من جهتها، قالت وزارة الداخلية السوريةإ «عدد المواطنين الذين سلموا أنفسهم للسلطات المختصة من المتورطين بأعمال شغب بلغ حتى يوم أمس 361 شخصا في مختلف المحافظات» وذلك في بيان لها صدر يوم أمس. وأكدت «أنه تم الإفراج عنهم فورا بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطن» وذلك بعد التوضيح بأن «العديد ما زال يتوافد إلى مراكز الشرطة والأمن لهذه الغاية». وكانت وزارة الداخلية أهابت في بلاغ سابق بالسوريين ممن وصفتهم بأنهم «مغرر بهم» وشاركوا أو قاموا «بأعمال يعاقب عليها القانون من حمل للسلاح أو إخلال بالأمن أو الإدلاء ببيانات مضللة» بالمبادرة إلى «تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات المختصة والإعلام عن المخربين والإرهابيين وأماكن وجود الأسلحة» متعهدة «بإعفائهم من العقاب والتبعات القانونية وعدم ملاحقتهم وذلك اعتبارا من تاريخ 2 - 5 وحتى 15 - 5».