ساركوزي يبلغ نتنياهو استعداده للاعتراف بدولة فلسطين

نتنياهو: خامنئي يشكل مصدر الخوف الأكبر لإسرائيل بعد بن لادن

ساركوزي يستقبل نتنياهو في قصر الاليزيه بباريس أمس (أ.ب)
TT

يشكل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي أكبر تهديد الآن للسلام في العالم بعد مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن. هذا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشبكة «سي إن إن» الإخبارية على موقعها الإلكتروني خلال زيارته للندن أول من أمس. وأضاف أن «خامنئي يحكم البلاد وهو مفعم بالتعصب». وتابع نتنياهو القول إنه يعتبر خامنئي أكثر خطورة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

وحذر نتنياهو من أن «حصول النظام الإيراني على قنابل نووية، سيغير التاريخ. وأن من المؤكد أن مستقبل العالم ومستقبل الشرق الأوسط سيكون عرضة للخطر».

وشدد على ضرورة دعم العقوبات الأميركية والدولية الأكثر صرامة ضد إيران بالتهديد باستخدام القوة، ونقلت «سي إن إن» عن نتنياهو قوله «هذه العقوبات ربما تنجح إذا أوضح المجتمع الدولي أن هناك خيارا عسكريا موثوقا فيه في حالة فشل العقوبات». واستطرد أن مقتل بن لادن يضعف المتطرفين في العالم، وأنه «عندما يقدم الإرهابي رقم واحد في العالم للعدالة وتتم تصفيته، فإن ذلك يرسل رسالة إلى الإرهابيين في كل مكان أن هناك ثمنا وأنكم سوف تدفعونه».

من جهة أخرى استقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عصر أمس بنيامين نتنياهو، في محطته الثانية والأخيرة بعد لندن، الرامية لثني الدول الأوروبية عن الإقدام على خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الاجتماعات القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وترتدي المحطة الباريسية أهمية خاصة، بالنظر لمسعى فرنسا الدعوة لمؤتمر باريس - 2 للدول المانحة في يونيو (حزيران) المقبل الذي تريد تحويله، كما قال وزير الخارجية ألان جوبيه أمام الجمعية الوطنية أول من أمس، إلى «مؤتمر سياسي حقيقي لإعادة إطلاق المفاوضات».

وينتظر أن تكون مباحثات نتنياهو في باريس صعبة، وفق مصدر سياسي فرنسي، نظرا لتباعد المواقف بين باريس وتل أبيب من موضوع السلام والدولة الفلسطينية وحماس.

ومن التلخيصات الأولية للجولة في لندن وباريس، يتضح أن نتنياهو لم ينجح في إقناع مستقبليه بضرورة الامتناع عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأنه سيكرس جهوده الآن في إقناع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بأن يتولى هذه المهمة، عندما يلتقيه في 20 مايو (أيار) الحالي في البيت الأبيض.

وحسب مصادر سياسية مقربة من نتنياهو ولقاءاته في العاصمتين الأوروبيتين، فإن الفرنسيين كانوا جادين وواضحين في رفض جهوده. لكن في بريطانيا كان هناك ثمة إمكانية لتغيير الموقف لكن بشرط أن يعمل نتنياهو على استئناف المفاوضات. وقال مراسل صحيفة «معاريف» السياسي، أمس، إن البريطانيين تركوا باب الأمل مفتوحا أمام نتنياهو قائلين إنهم سينتظرون لمراقبة تصرفات حماس. فإذا ظلت على مواقفها العدائية، فإن بريطانيا قد تعيد النظر في موقفها وتتراجع عن الاعتراف بالدولة.

وفي باريس، شرح الرئيس ساركوزي ووزير خارجيته الموقف الفرنسي الذي كان أبلغ للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) خلال زيارته الأخيرة لباريس وقوامه استعداد فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية والعمل من داخل الاتحاد الأوروبي لتوفير موقف موحد داعم لقيامها.

وفي حديثه إلى مجلة «إكسبريس» الصادرة أول من أمس، أعلن الرئيس ساركوزي أن بلاده «ستتحمل مسؤولياتها إزاء الموضوع المركزي الذي هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية» إذا ما تبين في سبتمبر المقبل أن مسار السلام ما زال «ميتا». أما إذا استؤنفت مفاوضات السلام خلال الصيف القادم، في إشارة ضمنية إلى ما يمكن أن يصدر عن مؤتمر باريس، فإن فرنسا «ستترك الأطراف تتناقش في ما بينها من غير بلبلة الأجندة» السياسية، ما يعني عمليا أن مؤتمر باريس، كما وصفه الوزير جوبيه، «سيكون الفرصة الأخيرة» لرؤية مفاوضات السلام تتحرك من جديد.

ولا تبدو باريس متفائلة بما يمكن أن تسفر عنه جهودها. فواشنطن لم تعلن بعد موقفا واضحا من عزمها على تحويل مؤتمر باريس إلى منتدى سياسي كما أنه لا يتوقع أن ينجح الرئيس ساركوزي في حمل نتنياهو على تغيير رأيه لا إزاء إعطاء فرصة للحكومة الفلسطينية الجديدة المنبثقة عن اتفاق المصالحة ولا بصدد شروط معاودة المفاوضات التي يرفض الجانب الفلسطيني الانضمام إليها مع استمرار التوسع الاستيطاني. وعبر جوبيه عن هذا التشاؤم بتساؤله عما إذا كان ساركوزي الذي سيسعى إلى حمل نتنياهو على تغيير رأيه سينجح. وقال جوبيه: «ما هي قدرتنا على دفعه للتغيير؟.. أنتم تعرفون الرجل وتعرفون طبعه وحزمه». لكنه أضاف: «إذا لم تعِ الحكومة الإسرائيلية النتائج المترتبة على التحولات الجيو - استراتيجية في المنطقة، فإنها تتجه نحو صعوبات كبيرة». ودلل على ذلك بقوله إن «مصر اليوم ليست مصر مبارك»، في إشارة إلى التغيرات الملموسة في السياسة المصرية ودور القاهرة في فرض المصالحة الفلسطينية وعزمها على فتح حدودها مع غزة قريبا وتنديدها بالسياسة الإسرائيلية وانفتاحها على إيران.

وفي أي حال، يريد جوبيه سلفا تبرير الاعتراف بالدولة الفلسطينية بالقول إنها «جربت كل شيء»، وبالتالي لم يعد من طريق متوافر سوى الاعتراف. وتأخذ باريس على الجانب الأميركي أنه «نفض يده» من جهود السلام، وعاد إلى «الموقف التقليدي» الداعم لإسرائيل، الأمر الذي تجلى مؤخرا في مجلس الأمن الدولي حين أجهض مشروع قرار يندد بالاستيطان الإسرائيلي. ولن تكون مساعي ساركوزي الذي وعد أبو مازن بمساعدته لتسهيل قيام الدولة، ميسرة لإقناع الأوروبيين بموقف موحد بسبب «التباين» الألماني وتردد دول من شمال أوروبا ووسطها في السير وراء باريس. وتبين ذلك عندما استبقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وصول أبو مازن إلى برلين بالقول إنها «لن تؤيد» الاعتراف بالدولة من غير موافقة إسرائيل. ويتوقع أن تسير بلدان مثل هولندا وتشيكيا والمجر في الخط الألماني.

أما الملف الخلافي الآخر مع نتنياهو فيتمثل بالموقف من المصالحة. وحتى الآن، يبدو أن باريس لا تريد أن تغل يديها لا في هذا الاتجاه ولا في ذاك وهي تنتظر كيف سيترجم الاتفاق وشكل الحكومة والسياسة التي ستسلكها. ووصف جوبيه الاتفاق بأنه «غامض». لكن الموقف المبدئي لباريس هو أنها «لا يمكن أن تكون ضد المصالحة» التي تعتبرها «خطوة بالاتجاه الصحيح». وسارعت الخارجية الفرنسية منذ الأسبوع الماضي إلى القول إنها «مستعدة» للتعامل مع الحكومة الجديدة.

وواضح أن باريس لا تريد أن تحشر كما في 2006، في موقف يمنعها من التحرك بسبب شروط اللجنة الرباعية للتعاطي مع حكومة حماس وهي اعترافها بإسرائيل والتخلي عن العنف وقبول الاتفاقيات السابقة. ولذا، فإن فرنسا تريد «مرونة» في الموقف الذي تريد ربطه بما يصدر عن الحكومة وليس بما تقوله حماس. وفي أي حال، تدعو باريس هذه الحكومة إلى «تبني مبادئ السلام» و«الابتعاد عن العنف».