بريطانيا: الائتلاف الحكومي أمام أول اختبار بعد عام على توليه السلطة

توجه لرفض تعديل النظام الانتخابي

رئيس الوزراء كاميرون أثناء وصوله للإدلاء بصوته في لندن أمس (إ.ب.أ)
TT

توجه البريطانيون إلى صناديق الاقتراع، أمس، للتصويت على تعديل نوعية انتخاب النواب، في استفتاء نادر، لكنه يثير انقساما عميقا في حكومة الائتلاف الحاكمة منذ سنة. وجرى أمس أيضا انتخاب المئات من المجالس المحلية في كل أنحاء المملكة المتحدة، بينما اختار الناخبون في اسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية، أعضاء حكوماتهم الإقليمية.

وأظهرت استطلاعات الرأي مسبقا اتجاه الناخبين لرفض التعديل على النظام الانتخابي؛ فقد توقع استطلاع أجراه معهد «إي سي إم» في الثاني والثالث من الشهر الحالي، فوز معارضي تعديل القانون الانتخابي بنسبة 68 في المائة من الأصوات، بينما خلص استطلاع آخر أجراه معهد «يوغوف» في الثالث والرابع من الشهر إلى فوز معارضي التعديل بنسبة 60 في المائة.

ودُعي 46 مليون ناخب بريطاني إلى اختيار ما بين الاحتفاظ باقتراع الأغلبية عبر جولة واحدة، الذي يعزز الأحزاب الكبيرة أو اقتراع بديل يدعم الأحزاب الصغيرة. وطرح على الناخبين سؤال محدد هو: «تستعمل المملكة المتحدة حاليا اقتراع الأغلبية من جولة واحدة لانتخاب نوابها في مجلس العموم؛ هل يجب استعمال اقتراع بديل؟»، وطلب مهم الإجابة بـ«نعم» أو «لا».

ويسمح نظام الأغلبية من جولة واحدة بانتخاب المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات. أما في الاقتراع البديل، الذي يختلف عن النظام النسبي؛ فيُصنف الناخب المرشحين حسب ترتيب تفضيلي ويمنح كل منهم رقم، وإذا حصل شخص على الأغلبية المطلقة تقسم أصوات المرشح الأدنى، من حيث عدد الأصوات، على الآخرين ويستمر ذلك حتى يحصل أحدهم على الأغلبية المطلقة.

ويعد هذا أول استفتاء تنظمه بريطانيا منذ 1975 عندما دعي البريطانيون إلى البت في بقائهم أم لا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية. كما يعتبر هذا الاستفتاء شرطا تقدم به «حزب الليبراليين الديمقراطيين» بزعامة نيك كليغ، قبل مشاركتهم في الحكومة المنبثقة عن الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو (أيار) 2010، وفشل المحافظون، بزعامة ديفيد كاميرون، أثناءها في الفوز بأغلبية مطلقة.

ولم يثر الاقتراع حماس البريطانيين، لكنه فجر الخطوط السياسية حيث دعا المحافظون بقيادة كاميرون إلى رفض التعديل، بينما دعا شركاؤهم في الحكومة، الليبراليون الديمقراطيون، الذين يشكلون ثالث قوة في البلاد، إلى التصويت بـ«نعم». أما زعيم حزب العمال المعارض، إد ميليباند، فقد أيد النظام البديل، لكنه رفض أي ظهور مشترك مع كليغ. وكان قرار كليغ بالمشاركة في ائتلاف حكومي مع المحافظين قد أنهى فترة حكم قادها العمال لمدة 13 عاما.

ويقول المعارضون لنظام الصوت البديل إن النظام القديم خدم البلاد بشكل جيد، بينما يشير مؤيدو التعديل إلى أن ثلث أعضاء مجلس العموم فقط فازوا بأغلبية الأصوات في دوائرهم الانتخابية. وسيكون حزب الليبراليين الديمقراطيين أكبر مستفيد من التعديل في حال حدوثه. وقد حازوا في الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي 23 في المائة من الأصوات، لكن في المقابل لم ينالوا سوى 9 في المائة من أصل 650 مقعدا في مجلس العموم.

وعلى الرغم من الانقسام بين الشريكين الرئيسيين في الائتلاف الحكمي بشأن الاستفتاء، فإن محللين يعتقدون أن الائتلاف، وهو الأول منذ الحرب العالمية الثانية، سيحافظ على تماسكه، لأن إجراء انتخابات مبكرة سيكون انتحارا سياسيا للجانبين، في وقت يعاني فيه اقتصاد البلاد من بطء النمو. وقال تيم بيل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ساسكس بجنوب إنجلترا: «أعتقد أن كلاهما لا يزال يحتاج إلى الآخر. تغير المناخ، لكن الحسابات البرلمانية لم تتغير».

وبخصوص الانتخابات المحلية، يتوقع حزب العمال أن يكون أداؤه قويا في الانتخابات المحلية بإنجلترا، لكنه يسعى جاهدا للتغلب على الحزب الاسكوتلندي الوطني المؤيد للاستقلال في اسكوتلندا. وتظهر أغلب استطلاعات الرأي أن حزب العمال، الذي خرج من السلطة قبل عام، هو الأكثر شعبية الآن، في حين أن تأييد الليبراليين الديمقراطيين انهار منذ دخوله الائتلاف.

ويتوقع أن يفوز الحزب الوطني الاسكوتلندي بغالبية المقاعد في البرلمان الإقليمي باسكوتلندا، وبذلك سيستمر زعيم الحزب أليكس سالموند زعيما للحكومة الإقليمية هناك. ويحظى الحزب الوطني الاسكوتلندي بشعبية في الإقليم بسببه سنه قوانين تخص تقديم الرعاية المجانية للمسنين، والتعليم المجاني في الجامعات، وذلك على العكس تماما من الرسوم الجامعية المرتفعة، التي تم فرضها على الطلاب في إنجلترا. وتمثلت أكبر خطوة مثيرة للجدل أقدمت عليها الحكومة الإقليمية في اسكوتلندا قبل عامين، عندما أقدمت على إطلاق سراح المواطن الليبي المدان في تفجير لوكربي، عبد الباسط المقرحي، لأسباب إنسانية، بسبب إصابته بالسرطان. وقد عاد المقرحي إلى بلده، وحظي باستقبال الأبطال.