واشنطن تؤكد «تبادل إطلاق النار» خلال عملية مقتل بن لادن

تضارب الروايات يدفع البيت الأبيض للامتناع عن التعليق

باكستانيون خلف أسوار المنزل الذي قتل فيه أسامة بن لادن في غارة كومندوس أميركي في أبوت أباد أمس (أ.ب)
TT

بعد أن قدم البيت الأبيض ليل الأحد الماضي رواية متكاملة حول طريقة مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في عملية عسكرية سرية في مجمع سكني في باكستان، تزداد الشكوك حول تلك الرواية. وظهرت ثغرات عدة على رأسها التساؤلات حول حمل بن لادن للسلاح وإذا كان قد قاوم أي محاولة لاعتقاله، بالإضافة إلى التساؤلات حول هوية المرأة التي تم قتلها في العملية.

وأكد مسؤولون أميركيون أن معركة وقعت فعلا في المجمع الذي قتل فيه أسامة بن لادن في باكستان على الرغم من الشكوك المتزايدة بشأن رواية إدارة أوباما للأحداث والمعلومات التي كشفت أن زعيم «القاعدة» كان أعزل. وقال مسؤول في البنتاغون لوكالة «رويترز»: «أعلم يقينا أنه جرى تراشق بالنيران خلال هذه العملية».

وامتنع الناطق باسم البيت الأبيض، جي كارني، يومي أمس وأول من أمس، عن الإجابة عن استفسارات الصحافيين حول تفاصيل إضافية حول عملية قتل بن لادن. وقال كارني: «لقد أعطينا معلومات بما فيه الكفاية.. لا نريد أن نؤثر على عمليات مماثلة في المستقبل» من خلال التفاصيل الإضافية. وكان مستشار الرئيس الأميركي جون برينان قد أدلى بتصريحات بداية الأسبوع الحالي حول العملية العسكرية، قائلا إن بن لادن حمل السلاح وأطلق النار على القوات الأميركية مما أدى إلى مقتله، إلا أنه خلال اليومين الماضيين تبلورت تفاصيل أخرى أكدت أن بن لادن لم يحمل السلاح. وبعد أن قال برينان إن بن لادن «استخدم امرأة كدرع بشري» وتوقع أنها زوجته، تراجع عن هذا التصريح لاحقا. وتفيد المعلومات الجديدة التي وردت خلال اليومين الماضيين بأن اقتحام المجمع السكني الذي كان يقيم فيه بن لادن كان دمويا بسبب إطلاق النار المكثف من الجانب الأميركي، وأن مراسل بن لادن، أبو أحمد الكويتي، هو الذي هاجم الفرقة الأميركية عندما اقتحموا منزله في المجمع. وبعد مقتله وامرأة كانت معه، لم يتعرض الجنود الأميركيون إلى إطلاق نار إضافي. إلا أن مسؤولا أميركيا رفيع المستوى دافع عن القوات الأميركية واستمرارهم في إطلاق النار عند اقتحام المنزل الرئيسي الذي كان فيه بن لادن، قائلا: «كانوا في بيئة عدوانية خلال الفترة كلها». وعند دخولهم إلى المنزل الرئيسي، كان شقيق الكويتي أول من التقوه وقتلوه على الفور مشككين بنيته إطلاق النار عليهم. وبينما توجهوا إلى الطابق الأعلى، هاجمهم خالد، نجل بن لادن، فقتلوه مباشرة.

وتفيد الروايات الرسمية من مسؤولين أميركيين بالإضافة إلى تقارير صحافية بأنه عند دخول القوات المسلحة الأميركية إلى غرفة بن لادن وامرأة، لم يحدد بعد ما إذا كانت زوجته أم ابنته، رأى الجنود رشاشا ومسدسا بجوار بن لادن لكنه لم يكن يحمل السلاح.

وبعد أن قدم مسؤولون كبار في الاستخبارات والدفاع تقرير إحاطة عن العملية للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب رفض أعضاء اللجنة الحديث عن تفاصيل ما تم إبلاغهم به. غير أن النائب آدم سميث العضو الديمقراطي في اللجنة قال للصحافيين حينما سئل عن إطلاق النار على بن لادن وهو أعزل، إن فريق الهجوم الأميركي تعرض لإطلاق النيران. وقال سميث: «لقد دخلوا ليلا. وكان هناك ظلام. وكان هناك أناس يتحركون هنا وهناك. وتعرضوا لإطلاق النار فيما أعتقد من جانب أكثر من شخص».

وأضاف سميث: «كانت هناك أسلحة في المكان وكان الوضع سريع التحرك أحسوا فيه بأنهم معرضون للخطر وكانت استجابتهم على هذا الأساس».

ومن جهة أخرى، ازداد الاهتمام الأميركي بهوية القوات الأميركية الخاصة التي قامت بعملية قتل بن لادن. وبينما أكد البيت الأبيض أن الجنود قد عادوا إلى الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية، فقد امتنع عن كشف هويتهم لأسباب أمنية. وتنتمي فرقة القوات الخاصة إلى مجموعة «الفقمة» وهي تسمية أشبه بالضفادع البشرية لقدرتها على القيام بالعمليات الخاصة في المياه والبر مثل الحيوان بالاسم نفسه. وكان هناك نحو 20 جنديا من القوات الخاصة في العملية التي استمرت ما يقارب 40 دقيقة ولن تكشف هوياتهم في الفترة الراهنة. وقد تم استجواب المشاركين في العملية لمعرفة تفاصيلها الدقيقة، الأمر الذي قال كارني إنه أدى إلى ظهور تفاصيل جديدة حول مجريات الأحداث. وتعمل دوائر الاستخبارات الأميركية الآن على فحص المئات من الوثائق التي احتجزت من منزل بن لادن في باكستان والعشرات من الأقراص الإلكترونية، التي يأمل الأميركيون أن تساعدهم على تحديد مواقع خلايا أخرى لتنظيم القاعدة. وحتى الآن، تتكتم الإدارة الأميركية على مضمون تلك الوثائق وأجهزة الكمبيوتر التي نقلت من المنزل إلى الولايات المتحدة للدراسة. وبينما تحاول الإدارة الأميركية سد الثغرات في التصريحات حول عملية تصفية بن لادن، قرر البيت الأبيض الحد من التصريحات حولها ونقل استفسارات الصحافيين إلى وزارة الدفاع. وقال كارني أمس إنه يجب الإقرار بأن الإدارة الأميركية «عملت على إعطاء المعلومات حول التوضيحات المطلوبة» في التفاصيل المحددة التي تم اللبس فيها.

ويتوجه الرئيس الأميركي إلى ولاية كنتاكي اليوم للقاء عدد من القوات الأميركية العائدة من أفغانستان للحديث عن التحديات المتبقية للولايات المتحدة في مواجهة التطرف العنيف والحرب في أفغانستان. وقال كارني: «المهمة الناجحة ضد أسامة بن لادن تعد إنجازا تاريخيا ولكن الواقع ما زال أننا في الحرب وأن لدينا 100 ألف جندي مقاتل في أفغانستان ولدينا قوات في العراق ولدينا رجال ونساء الجيش الأميركي في أماكن أخرى حول العالم وفي أوضاع صعبة أحيانا». وأضاف أن زيارة أوباما اليوم «مهمة للاعتراف والتذكير بأنه على الرغم من التخلص من بن لادن، ما زلنا ممتنين جدا لقواتنا المسلحة وبحاجة ماسة لهم».