متظاهرون يتحدون السلطات ويخرجون بالآلاف بعد صلاة الجمعة.. وسقوط 26 قتيلا

مصادر تؤكد رفض الجيش إطلاق النار على المتظاهرين وتبادله إطلاق النار مع القوات الأمنية

صورة أخذت بالجوال لمحتجين سوريين يطلقون هتافات ضد النظام في مدينة بانياس الساحلية أمس (أ.ب)
TT

تحدى المتظاهرون السوريون الآلة العسكرية للنظام السوري أمس، وخرجوا في مظاهرات في مدن ومناطق عديدة في البلاد، في يوم دموي جديد حصيلته 26 قتيلا على الأقل، بحسب نشطاء حقوقيين. وفي مؤشر إلى تزايد الانقسام داخل النظام حول التعاطي مع المتظاهرين، أكدت مصادر محلية في حمص أن الجيش رفض إطلاق النار على الأهالي في باب دريب، وقام عناصر في الجيش السوري بحماية الأهالي، وصل إلى حد تبادل إطلاق النار مع الأمن العسكري. إلا أن القصة الرسمية صدرت تتهم «جماعات إرهابية» بقتل «ضابط في الجيش السوري وأربعة من رجال الشرطة في حمص». وقال البيان الرسمية إنهم قتلوا «برصاص مجموعة إرهابية وإجرامية غادرة»، مضيفا أن «يد الإجرام تمثل بأجسادهم».

كما وردت أنباء عن انقسام آخر بين الجيش والقوات الأمنية في مدينة الرستن الواقعة بين حمص وحماه، حيث قالت مصادر محلية إن مظاهرة خرجت هناك على الرغم من التعزيزات الأمنية والعسكرية. وأكدت المصادر أن انشقاقا حصل بين قوات الأمن والجيش، الجمعة الماضية التي سبقت «جمعة التحدي»، حيث رفض الجيش إطلاق النار على الأهالي. وأضاف المصادر أن الخلاف وصل إلى قيام عناصر بالجيش بضرب مفرزة للأمن التابع لجهاز الأمن العسكري، وهو ما دفع السلطات إلى إرسال المزيد من التعزيزات إلى الرستن وإحكام الحصار عليها. وقال عمار القربي، الناشط في مجال حقوق الإنسان، إن 21 محتجا سوريا على الأقل قتلوا أمس، وأغلبهم في مدينة حمص بوسط البلاد. وأضاف القربي الذي يرأس المنظمة السورية لحقوق الإنسان متحدثا لـ«رويترز» عبر الهاتف من مصر: «تأكد مقتل 6 في حماه و15 في حمص حتى الآن». وقال أيضا إن سكانا في مدينة بانياس الساحلية يخشون احتمال تعرض المدينة لاقتحام من جانب الجيش الذي نشر على مسافة 4 كيلومترات.

الهدوء الحذر الذي ساد في الساعات الأولى من يوم أمس الجمعة، عزز التوقعات بأن يمضي يوم الجمعة بهدوء، خاصة أن الجيش بدأ منذ مساء الأربعاء بإحكام الحصار حول المناطق الساخنة بدءا من درعا التي قالت السلطة إن الجيش بدأ ينسحب منها تدريجيا، بينما نفت مصادر محلية في درعا ذلك وأكدوا أن الجيش أعاد الانتشار ولم ينسحب والدبابات لا تزال في المدينة. كما تم إرسال تعزيزات إلى محيط مدينة الرستن وبلدة تلبيسة، ويوم أمس الجمعة دخلت الدبابات إلى وسط مدينة حمص، فضلا عن التعزيزات والمدرعات التي أرسلت إلى بانياس، وأيضا في دوما وفي بلدة طل شمال العاصمة، حيث انتشرت الدبابات في محيطهما.

إلا أن عدة مظاهرات خرجت في حمص ومن عدة أحياء، باب عمر - البياضة - الخالدية - باب سباع - وغيرها. وبحسب مصادر محلية، فإن السلطات قامت بمحاصرة كل مظاهرة في منطقتها، والأعنف كانت في باب سباع حيث خرج نحو 10 آلاف متظاهر وتم إطلاق النار عليهم، مما أدى إلى سقوط نحو 5 قتلى في الساعة الأولى. كما تم إطلاق النار على المتظاهرين في باب عمر. وكانت عشرات الدبابات قد انتشرت منذ مساء الخميس في الأحياء التي تقع على أطراف المدينة مثل بابا عمرو (غرب)، ودير بعلبة (شمال شرق)، والستين في حي عشيرة شرق. كما قامت قوات الأمن باعتقال العشرات في عدة أحياء في حمص مساء الخميس.

وفي حماه وبعد صلاة الجمعة، انطلق الآلاف من أحياء متعددة في مظاهرة حاشدة. وقال شهود عيان إن مظاهرة توجهت من منطقة الجراجمة نحو القلعة، فلاقتهم أعداد كثيفة من قوات الأمن تم نقلهم في سيارتين شاحنتين كبيرتين، وباصين من باصات النقل الداخلي، وكانوا بملابس مدنية ومعهم هراوات، بالإضافة إلى ميكروباص أقل عناصر أمن مسلحين. وفور نزولهم هجموا على كل الموجودين في الشارع ممن لم يكن ضمن المشاركين في المظاهرة وراحوا يضربونهم، مما دفع بالمتظاهرين إلى التوجه نحو حارات حي المدينة وتابعوا الهتاف، بينما أحجم الأمن عن ملاحقتهم إلى داخل الحارات ومكث يحاصر الحي من عدة جهات. وهتفوا «لا إخوان ولا سلفية.. إسلام ومسيحية .. ثورتنا ثورة شباب» و«الشعب يريد إسقاط النظام».

وقال شهود آخرون إن المظاهرة التي انطلقت في شارع حلب تم إطلاق الرصاص عليها وحاول الأمن تفريقهم بقنابل مسيلة للدموع. ووردت أنباء عن سقوط قتلى وجرحى. واستمرت الملاحقات حتى وقت متأخر. وقالت مصادر محلية إن مدينة حماه ومنذ أسبوع تشهد مظاهرات ليلية.

وفي تلكلخ في محافظة حمص، تحدى المئات الحصار العسكري وخرجوا يهتفون «لسنا دعاة تخريب وانقسام نحن دعاة وحدة وسلام». كما خرجت مظاهرة حاشدة في بانياس على الرغم من تحذير السلطات للأهالي من التظاهر.

وفي تطور جديد ومهم في دلالته، خرج العشرات في مظاهرة في حي الصالحية وانطلقت المظاهرة من جامع النابلسي في حي الشيخ محيي الدين، وهتف المتظاهرون «وين رجال الصالحية ولعينك ولعينك الشعب السوري لعينيك»، كما خرج متظاهرون في حي الميدان التاريخي للأسبوع الثالث على التوالي، من جامع الحسن على الرغم من قيام السلطات بقطع الطرق المؤدية إلى الحي، وأيضا الطريق المؤدي إلى جامع الرفاعي في ساحة كفر سوسة. وفور خروج المتظاهرين إلى الشارع، تم تطويقهم وتفريقهم بالغاز المسيل للدموع، كما جرت اعتقالات، فتم اعتقال الناشط المعارض والسياسي رياض سيف الذي كان مشاركا في المظاهرة، لينضم إلى قائمة المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات الأخيرة ومنهم فايز سارة وحسن عبد العظيم وحازم نهار.

وفي مدينة التل في ريف دمشق، خرجت مظاهرة، تم على الفور محاولة تفريقها بإطلاق النار، بينما كانت ثلاث دبابات تتمركز قريبا من منطقة برزة التي خرجت فيها مظاهرة في الحارات الضيقة، بحيث لا يتمكن الأمن من الوصول إليهم ودعوا إلى «إسقاط النظام».

وفي سقبا التي شهدت حملة اعتقالات واسعة قبل يومين، خرج نحو ألفي متظاهر وطالبو بإسقاط النظام، كما خرجت مظاهرة أخرى في الزبداني على الرغم من الحصار المفروض عليها منذ عدة أسابيع. في قطنا ريف دمشق أيضا، خرجت مظاهرة، وكذلك المعضمية خرجت مظاهرات حاشدة متحدية قوات الأمن والجيش التي تحاصر المعضمية منذ أسابيع وهتفوا «لا إخوان ولا سلفية» و«ملينا كذب وتزوير». كما خرجت مظاهرة أيضا في منطقة القدم في محيط دمشق وبعض المتظاهرين خرجوا بصدر عار، وهتفوا «ما في خوف ما في خوف بعد اليوم ما في خوف»، كما لم تتخلف دوما عن التظاهر يوم الجمعة على الرغم من الوجود العسكري والأمني وموجة الاعتقالات التي جرت فيها خلال الأسبوع الماضي. كما خرجت مظاهرات في ريف أدلب في الشمال، وفي الشرق خرجت مظاهرات تحد في دير الزور والبوكمال.

وفي شمال شرقي البلاد، خرج الآلاف في القامشلي من جامع (قاسمو) بعد صلاة الجمعة واتجهوا إلى دوار الهلالية، في حين خرج المئات في مدينة الدرباسية من جامع (حاج سلطان) وتوجهوا إلى السوق الرئيسية، منادين لدرعا وللحرية، والآلاف في مدينة عامودا الكردية القريبة من القامشلي تظاهروا مطالبين بالحرية السياسية مع الحفاظ على الوحدة الوطنية، حيث هتفوا «حرية.. سلمية»، و«واحد واحد واحد الشعب السوري واحد» و«حرية حرية سلمية سلمية» و«فاشل فاشل الإعلام السوري فاشل»، وحملوا لافتات كتب عليها «إلغاء المادة الثامنة من الدستور».

وفي محافظة درعا، خرجت مظاهرات في مدينة جاسم وقرى الحارة ونمر، كما نفت مصادر في مدينة درعا ما قالته السلطات عن انسحاب الجيش من المدينة. وقالت المصادر «ما زالت الدبابات موجودة في أحياء مدينة درعا وفي درعا البلد ودرعا المحطة، وما زالت السلطة تقطع الكهرباء والماء عن الأهالي، وقوى الأمن المركزي والمخابرات العسكرية تتواجد بكثافة، ومعهم كلاب بوليسية، والقناصة على أسطح المباني الحكومية، في حين لا يتمكن الناس من مغادرة المنازل». وأكدت المصادر أن درعا «مدينة معزولة».

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتعاون مع منظمات مختلفة فريق إغاثة، قد أرسلت أول من أمس وفدا إلى مدينة درعا، للمرة الأولى. وقالت رئيسة بعثة اللجنة في سورية ماريانا جاسر، إن مدينة درعا الواقعة في جنوب سوريا هي أكثر المناطق تضررا من الاضطرابات التي تشهدها البلاد حاليا. ويتكون الفريق من 15 شخصا من بينهم أطباء وطواقم إغاثة. وتمكن الفريق أمس الخميس من إدخال أربع شاحنات محملة بمياه الشرب والمنتجات الغذائية ولبن الأطفال وبعض الأدوية إلى درعا.