آلاف المسيحيين يتظاهرون أمام الكاتدرائية دفاعا عن الكنيسة

سلفيون ألغوا مظاهرتهم وصلوا صلاة الغائب على بن لادن

TT

تظاهر أكثر من 5 آلاف مسيحي أمام مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، احتجاجا على مظاهرات السلفيين المتكررة أمام الكنائس وهجومهم على القيادات المسيحية. وتأتي هذه الاحتجاجات المسيحية رغم تعليق السلفيين لمظاهراتهم أمام الكاتدرائية التي أعلنوا عن تنظيمها أول من أمس للإفراج عن مسلمات محتجزات داخل الكنسية، ونظموا بدلا منها مسيرة حاشدة لمقر السفارة الأميركية للتنديد بمقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.

واحتشد آلاف المسيحيين في مصر أمس أمام مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية شرق القاهرة فيما أطلقوا عليه «المليونية المسيحية» احتجاجا على ما قام به السلفيون الجمعة الماضية بالتظاهر أمام مبنى الكاتدرائية بدعوى احتجاز مسلمات بالكنيسة على رأسهم كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين. وانضم إلى مظاهرة المسيحيين عدد من المسلمين أعربوا عن انتقادهم لموقف السلفيين معتبرين إياه يهدد نسيج الوحدة الوطنية، وهتفوا هتافات تعبر عن الوحدة الوطنية، منها: «مسلم ومسيحي إيد واحدة»، و«مصر لكل المصريين»، و«لا تمييز بسبب الدين»، و«قوم يا مينا قول لبلال.. أصل الثورة صليب وهلال».

وأكد المتظاهرون المسيحيون، الذين وجدوا في ظل تكثيف أمني كبير للجيش والشرطة، أن تحركهم يوم أمس يأتي احتجاجا على ما يقوم به السلفيون من تهديدات للكنائس وللمسيحيين وهجومهم على شخص البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريك الكرازة المرقسية.

وأكدت مريم طلعت عضو اتحاد شباب ماسبيرو على أن المسيحيين توافدوا إلى الكاتدرائية للتعبير عن غضبهم وتأكيد دفاعهم عن الكاتدرائية ضد أي هجوم عليها أو اعتداء. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: إن «الدعوة التي وجهها اتحاد شباب ماسبيرو لاقت استجابة فورية نتيجة للهجوم الذي تعرض له قداسة البابا شنودة الثالث»، لافتة إلى أن المظاهرة جمعت بعض المسلمين للتأكيد على أن المسلمين والمسيحيين شيء واحد، مؤكدة على أن إلغاء مظاهرة التيار السلفي لم تقصهم عن الاستمرار في المظاهرة.

في غضون ذلك، علق سلفيون مظاهراتهم أمام الكاتدرائية أمس الجمعة التي أعلنوا عنها أول من أمس للمطالبة بالإفراج عن كاميليا ووفاء، ونظموا مسيرة حاشدة إلى السفارة الأميركية للتنديد بمقتل بن لادن عقب صلاتهم صلاة الغائب عليه في مسجد النور بالعباسية والذي استعادته وزارة الأوقاف المصرية من قبضة السلفيين لأول مرة منذ شهر.

وانتشرت قوات الشرطة العسكرية والقوات المسلحة أمس في محيط مسجد النور خوفا من وقوع اشتباكات بين أنصار الشيخ حافظ سلامة أحد رموز التيار السلفي رئيس جمعية الهداية الخيرية التي تدعي ملكيتها لمسجد النور وأنصار الشيخ أحمد ترك إمام المسجد المعين من وزارة الأوقاف. خاصة بعد إعلان الشيخ سلامة أنه سيؤدي صلاة الغائب عقب صلاة الجمعة على روح أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي لقي مصرعه في باكستان.

ومكنت القوات المسلحة وزارة الأوقاف من مسجد النور وصعد الشيخ محمد زكي الدين أحد دعاة الوزارة إلى المنبر لإلقاء خطبة الجمعة في حضور الدكتور عبد الله الحسيني وزير الأوقاف المصري. وعقب انتهاء الصلاة صلى السلفيون صلاة الغائب على بن لادن وخرجوا في مسيرة حاشدة إلى السفارة الأميركية للتنديد بمقتله. وردد السلفيون خلال مسيرتهم الهتافات المناهضة للولايات المتحدة الأميركية ولإسرائيل وتعهدوا بالزحف إلى فلسطين وتحرير المسجد الأقصى ورفع المتظاهرون السلفيون لافتات منها: «صبرا يا أوباما.. سيأتيك جند أسامة»، و«لا إله إلا الله.. أوباما عدو الله»، و«بن لادن لك الشهادة.. أما أوباما فلا سعادة»، و«كلنا أسامة».

ووزع السلفيون منشورات خلال المسيرة تؤكد أن بن لادن شهيد ولقبوه بشيخ المجاهدين وأمير الجهاد وأسد الإسلام، كما وزعوا بيانا منسوبا للشيخ حافظ سلامة يصف بن لادن بخير المجاهدين وبطل الأبطال.

ومن جانبه، أكد محمد إبراهيم أحد مشايخ التيار السلفي على أن السلفيين لم ينظموا أية مظاهرات يوم أمس بشأن اختفاء كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، نافيا وجود علاقة بين إلغاء المظاهرة ومظاهرة المسيحيين أمام الكاتدرائية، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: إن «سبب إلغاء مظاهرة كاميليا هو وجود حدث أهم وهو مقتل أسامة بن لادن»، مؤكدا على أن التيار السلفي اتفق على إقامة صلاة الغائب على بن لادن في عدد من مساجد مصر، وتنظيم مسيرات عقب الصلاة للتنديد بممارسات أميركا وإسرائيل مع المسلمين.

وأشار إبراهيم إلى أن مظاهرة المسيحيين أمام الكاتدرائية الهدف منها تخويف السلفيين من أجل التراجع عن مطالبهم بعودة كاميليا، بالإضافة إلى إثارة الرأي العام ضد التيار السلفي، وتوجيه اتهامات ظالمة له بإثارته قضايا لا تتفق موعدها مع أهداف ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبار ك.

وأكد إبراهيم على أن «السلفيين لن يتراجعوا عن مظاهراتهم أمام مساجد مصر خلال الفترة المقبلة حتى تظهر كاميليا».

وكان عدد من المنتمين للتيار السلفي قد حصلوا على وعد من أحد قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل قضية كاميليا ووفاء قبل يوم 15 مايو (أيار) الحالي. وكادت قضية كاميليا شحاتة أن تتسبب في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي في أزمة طائفية بين المسلمين والمسيحيين؛ حيث يعتقد كثير من المسلمين أنها أشهرت إسلامها ثم أجبرت على العودة للمسيحية وتم احتجازها من قبل الكنيسة.

وفي السياق، شهدت الإسكندرية مسيرة حاشدة من أمام مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل وسط مدينة الإسكندرية عقب صلاة الجمعة إلى مقر القنصلية الإسرائيلية في منطقة كفر عبده شرق الإسكندرية للتنديد بمقتل بن لادن والمطالبة بطرد السفير والقنصل الإسرائيلي. وخصص الشيخ أحمد المحلاوي خطيب مسجد القائد إبراهيم خطبة الجمعة للدفاع عن بن لادن، موجها تحذيرا لمن يقول إنه إرهابي قائلا: «أيها الإخوة لا تخوضوا في رجل آثر الآخرة على الدنيا».