وثائق بن لادن تكشف خططا ضد قطارات ومدن أميركية

دفتر مكتوب بخط اليد يورد مناقشات لإخراج قطار على كوبري عن مساره في ذكرى هجمات سبتمبر

TT

بعد مراجعة ملفات الكومبيوتر والوثائق التي وجدت في المجمع السكني الذي قتل فيه بن لادن، خلص محللون في الاستخبارات الأميركية إلى أن زعيم تنظيم القاعدة اضطلع بدور مباشر لسنوات في التخطيط لشن هجمات إرهابية من مخبئه في أبوت آباد في باكستان، على حد قول مسؤولين أميركيين يوم أول من أمس، الخميس.

ووضعت وكالة الاستخبارات المركزية مجمع بن لادن تحت المراقبة على مدى أشهر قبل قتله على أيدي القوات الخاصة الأميركية يوم الأحد الماضي، وأخذت تلتقط صورا لسكان وزوار للمكان من خلال منزل قريب مستأجر، طبقا لقول كثير من المسؤولين مطلعين على العملية. وبحسب مسؤولين أميركيين، توضح الوثائق التي صودرت من المجمع السكني اتصال بن لادن بشبكة إرهابية أنشأها. ونظرا لغموض مكانه والأنشطة التي كان يقوم بها خلال السنوات الماضية، توصل الكثير من محللي الاستخبارات وخبراء في شؤون الإرهاب إلى أنه أضحى ملهما، ولا يقوم بدور كبير في عمليات تنظيم القاعدة الحالية والمستقبلية.

حث الفحص المتعجل للمواد التي وجدت في المجمع السكني في باكستان مسؤولي إدارة أوباما يوم أول من أمس، الخميس، على إصدار تحذير من أن تنظيم القاعدة كان يفكر العام الماضي في شن هجمات على خطوط سكك حديدية أميركية. من بين هذه الوثائق دفتر مكتوب بخط اليد منذ فبراير (شباط) 2010 يورد مناقشات خاصة بتدمير خطوط سكك حديدية لإخراج قطار على كوبري عن مساره. ربما كان من المقرر أن تنفذ هذه العملية في أعياد الميلاد، أو رأس السنة، أو يوم خطاب حالة الاتحاد، أو الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، على حد قول مسؤولين، لكنهم لم يذكروا أي دليل يشير إلى مخطط محدد.

وقال أحد مسؤولي إدارة أوباما إن الوثائق الخاصة بمهاجمة خطوط سكك حديدية كانت من أول الوثائق التي ترجمت من العربية وتم تحليلها. وزودت تلك المواد، فضلا عن مواد أخرى في جعبة الاستخبارات، مسؤولي الاستخبارات بصورة أكثر تفصيلا عن قيادة مؤسس تنظيم القاعدة للشبكة، وهو يحاول أن يضلل شبكة عالمية.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين، رافضا الإفصاح عن هويته، وهو من الذين اطلعوا على الوثائق: «إنه لم يكن مجرد زعيم صوري. لقد استمر في التخطيط وتقديم أفكار عن الأهداف، وإطلاع كبار قادة تنظيم القاعدة على هذه الأفكار». تكبد فريق المراقبة التابع لوكالة الاستخبارات المركزية في المنزل المستأجر القريب من مخبأ بن لادن عناء كبيرا حتى لا يكشفه أفراد تنظيم القاعدة المشتبه فيهم الذين كانوا يراقبونهم، وأيضا الاستخبارات والشرطة الباكستانية. وكان أفراد الاستخبارات المركزية الأميركية يستخدمون كاميرات بعدسات ذات بعد بؤري طويل ومعدات تصوير بالأشعة تحت الحمراء لفحص المجمع جيدا.. وكانوا كذلك يستخدمون معدات تنصت لمحاولة التقاط أصوات من داخل المنزل، والتشويش على مكالمات الهواتف الجوالة وجهاز رادار متصل بالقمر الصناعي للبحث عن أي أنفاق يمكن الهرب من خلالها، لكن عملية التجسس لها حدودها، حيث كان فريق المراقبة الأميركي يرى رجلا طويلا يتمشى بشكل منتظم في فناء المجمع السكني، وكانوا ينادونه باسم «السائر»، لكن لم يكن بمقدورهم تأكيد أنه بن لادن.

كانت الأولوية في محاولات الاستخبارات ترجمة وتحليل الوثائق التي عُثر عليها في المخبأ لاكتشاف أي إشارات تدل على هجمات إرهابية من المقرر تنفيذها. وكان محللو الاستخبارات يفحصون الملفات بحثا عن معلومات قد تقودهم إلى تحديد مكان قادة تنظيم القاعدة الذين ما زالوا على قيد الحياة. ومنذ ليلة الأحد ومسؤولو مكافحة الإرهاب في حالة تأهب تحسبا لحدوث هجمات إرهابية أخرى من تنظيم القاعدة انتقاما لمقتل بن لادن. وراجع مسؤولو وزارة الأمن الداخلي الأهداف المحتملة لتلك الهجمات، ونشروا قوات أمن إضافية في المطارات. واستجابة للدليل الجديد الذي عثر عليه في المجمع السكني الذي كان به بن لادن، أصدرت إدارة تأمين النقل نشرة ووزعتها على شركات السكك الحديدية. لكن أكد مسؤولون أن المعلومات كانت قديمة وغامضة ووصفوها بـ«الطموحة»، مشيرين إلى عدم وجود أي دليل على أن الهجوم على خطوط سكك حديدية تجاوز مرحلة التفكير. وبدا أن حجم بن لادن كأكثر الإرهابيين نفوذا في العالم تضاءل مع تراجع حدة مطاردة بن لادن وتوقفه عن بث مقاطع مصورة للعالم خلال السنوات الماضية. لكن على مدى عقد من الزمان منذ هروبه من أفغانستان نهاية عام 2001، تمكن من إرسال من 4 إلى 6 مقاطع صوتية سنويا تدل على مواكبته للأحداث الجارية، مما يوضح أنه غير منعزل تماما في مخبئه عن العالم الخارجي. يقول بين فينزكي، مدير شركة «إنتلسنتر» في ولاية فيرجينيا التي تتعقب اتصالات المنظمات الإرهابية على شبكة الإنترنت: «إذا كان يستطيع أن يرسل 6 مقاطع صوتية سنويا، فيمكنه إبلاغ أتباعه بتعليماته».

لكن العثور على بن لادن في بلدة لا تبعد أكثر من ساعة عن العاصمة الباكستانية، إسلام آباد، لا في منطقة القبائل دفع إلى إعادة التفكير في احتمال عدم سيطرته كثيرا على تنظيم القاعدة. ويقول بروس هوفمان، الخبير في تنظيم القاعدة بجامعة جورج تاون: «الرأي السائد حتى هذه اللحظة هو أنه كان يختبئ في جبال نائية منعزلة، وكان منقطعا عن أتباعه. الآن نعرف أن هذا غير صحيح ونعيد التفكير في الدور الحقيقي الذي كان يلعبه حقا». وحذر مسؤولون أميركيون وخبراء في شؤون الإرهاب من النظر إلى مقتل بن لادن على أنه نهاية تنظيم القاعدة. وصرحت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، يوم الخميس الماضي، بأن الولايات المتحدة سوف تستمر في القيام بعمليات ضد المسلحين.

* شارك كل من: توم شانكر، وهيلين كوبر، وإريك شميت، وديفيد رود، في إعداد هذا التقرير.

* خدمة «نيويورك تايمز»