مؤتمر «مصر الأول» يقترح دستورا جديدا ومجلسا مدنيا لإدارة شؤون البلاد

بمشاركة 4 آلاف شخص من مختلف المحافظات والتيارات السياسية

TT

بوثيقة تتضمن مقترحا لدستور جديد وإعلان يتضمن مجلسا مدنيا مقترحا لإدارة شؤون البلاد، اختتم مؤتمر «مصر الأول» الذي دعا إليه المهندس الاستشاري والناشط السياسي الدكتور ممدوح حمزة، أعماله أمس، بعد مشاركة نحو 4 آلاف شخص من مختلف التيارات والقوى السياسية من المحافظات المصرية.

وناقش المؤتمر، الذي استمر يوما واحدا، 4 محاور أساسية، الأول: المبادئ الأساسية للدستور القادم، الثاني: رؤية مستقبلية للتنمية ومتطلبات العدل الاجتماعي، الثالث: توحيد القوى السياسية والوطنية تمهيدا للانتخابات التشريعية القادمة، الرابع: التوافق على أهمية وجود مجلس وطني مدني يقف مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة في المرحلة الانتقالية، استعدادا لاستكمال هدف تغيير النظام القديم واستبداله بنظام جديد أكثر سلامة وفعالية.

وتضمنت وثيقة الدستور الجديد 20 بندا، منها وضع آليات ضمان حماية الدولة المدنية، وضمان حماية دستورية للمرافق العامة والاستراتيجية لمنعها من الخصخصة وضمانات دستورية مقترحة لحماية صياغة الدستور المقرر وضعه بعد الانتخابات التشريعية، أبرزها بناء مصر جمهورية ديمقراطية مدنية حرة، والعمل علي تحقيق العدالة والكرامة والمواطنة، وأن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، مع تحصين هذا المبدأ بالضمانات الدستورية. وكان لافتا اختيار منظمي المؤتمر قاعة «خوفو» بمجمع قاعات المؤتمرات بمدينة نصر (شرق القاهرة) لعقد المؤتمر، وهي نفس المكان الذي يستضيف مؤتمرات الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقا، الذي صدر حكم قضائي بحله، ولكن بدلا من وجود رموز النظام السابق حل محلهم عدد من الشخصيات الوطنية والمفكرين السياسيين والاقتصاديين، وغطت صور شهداء الثورة جدران القاعة بدلا من صور الرئيس السابق حسني مبارك.

ومثل حكومة تصريف الأعمال في المؤتمر كل من محسن النعماني وزير التنمية المحلية، والدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات، وألقى النعماني كلمة الحكومة إلا أن الحضور قاطعوه أكثر من مرة مطالبين بالإفراج عن المعتقلين وإلغاء قانون منع المظاهرات، مما جعل النعماني يؤكد أن الحكومة الحالية جاءت لتحقق مطالب الشعب.

وشهدت جلسات المؤتمر نقاشات ساخنة حول كافة المحاور، وشهدت مشاركات الحضور جدلا كبيرا، خاصة تلك التي طالت أداء حكومة تصريف الأعمال.

واتهم البعض وزراء في الحكومة الحالية بعدم تقديم أي جديد سواء في الخطط والسياسات، وأنهم يسيرون على نفس درب النظام السابق، وهو ما أثار جدلا واسعا.

وتحدث في المؤتمر مندوبون عن الفلاحين المصريين بالإضافة إلى ممثلين عن العمال والفلاحين وعن أبناء النوبة وأبناء سيناء. وطرح الحضور بعض الأفكار مثل تأسيس جمعية لمصابي الثورة المصرية لا تعتمد على التبرعات مع التأكيد على ضرورة السعي لتشغيل هؤلاء المصابين وإدخالهم في المجتمع مرة أخرى. كما أقيمت معارض فنية عن الثورة خارج قاعة المؤتمر.

من جانبه، قال محمد فائق، وزير الإعلام في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في كلمته أمام المؤتمر «إذا كان ميدان التحرير أسقط النظام السابق فإن هذا المؤتمر يحمل على كاهله عبء بداية عملية البناء، وهي أصعب عمليات مرحلة التحول في أي دولة»، بينما أوضح الدكتور عبد الحليم قنديل، المنسق العام السابق للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) أن «المؤتمر يضم أكثر من 70 جمعية ومنظمة وحزبا، مشيرا إلى أن الهدف من المؤتمر هو تشكيل مجلس رئاسي مدني يكون مسؤولا عن الحوار مع المجلس العسكري وممثلا للثوار حول سيناريو المرحلة المقبلة».

من جهته، قال عبد الحكيم جمال عبد الناصر نجل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر «إن المؤتمر جاء للتأكيد على أهداف الثورة والتأكيد على العدالة الاجتماعية التي حرمنا منها لسنوات طويلة».

وطالب نجل عبد الناصر الحكومة المصرية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة شؤون البلاد، برفض المعونة الأميركية المشروطة التي تخصصها الولايات المتحدة لمصر والتي تعد أحد أبرز الأوجه الرئيسية لمحاولات إهانة الشعب المصري وإخضاعه للسيطرة الأميركية، على حد قوله.

واعتبر علاء الأسواني، الروائي المصري، أن المجلس العسكري سيرحب بعقد هذا المؤتمر، لأنه لا يوجد حتى الآن هيئة تمثل الثورة أو تتحدث باسمها، مؤكدا أن وجود مثل هذه الهيئة سيسهل عمل المجلس العسكري.

من جانبه، قال الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي البارز بالجماعة الإسلامية، في كلمته التي أعقبت نقاشا حادا بين اثنين من الحضور حول الدولة المدنية والدولة الدينية، «إن الإسلام يعني دولة.. الإسلام ينادي بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. انظروا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، كيف طبق مفهوم الدولة المدنية وكيف استعان بخبرات وتجارب الغرب في بناء دولة إسلامية ذات مؤسسات».

وطالب إبراهيم بعدم تخصيص معونة للبطالة، معتبرا أن هذه المعونة من شأنها أن تشجع الشباب على البطالة.

واقترح القيادي البارز بالجماعة الإسلامية حلا لمشكلة البطالة يتمثل في تمليك كل شاب حديث التخرج 5 أفدنة صالحة للزراعة ليكتسب منها رزقه، وفي نفس الوقت نوفر مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية تساهم في تحقيق اكتفاء ذاتي لمصر في المرحلة المقبلة.

وطالب حسن مصطفى، ممثل ائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية في كلمته، بضرورة عدم الالتفاف على أهداف الثورة والانشغال بأية أمور فرعية، وقال «إن الثورة تعني ميلاد واقع جديد منقطع الصلة تماما بالواقع الذي كان قبل قيامها، وإلا تحولت الثورة إلى مجرد مظاهرات تمكنت من تغيير أشخاص دون تغيير سياسات الدولة».

أما عادل عبد الله، أحد مصابي الثورة الذي فقد إحدى عينيه بسبب إطلاق الرصاص عليه يوم 28 يناير (كانون الثاني) الماضي الذي عرف باسم «جمعة الغضب»، فانتقد الإهمال في علاج مصابي الثورة في المستشفيات الحكومية، بالإضافة إلى التجاهل الإعلامي لمشكلاتهم. وأكد أحقية مصابي الثورة في الحصول على وظائف تلائم حالتهم الصحية، مع صرف معاشات شهرية من الدولة لمن لا يقدر على العمل منهم بسبب إصابته. وقال «نطالب الحكومة التي تستمد شرعيتها من ميدان التحرير بأن تقرر إعفاء أبناء المصابين من مصروفات المدارس.. نريد ألا ينسى شعب مصر المصابين الذين ضحوا بأرواحهم ومستقبلهم من أجل الحرية والكرامة لكل مواطن مصري».

يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين أبرز القوى السياسية في البلاد كانت قد اعتذرت عن المشاركة في المؤتمر، معللة موقفها بتزامنه مع مؤتمر دعت إليه حكومة الدكتور عصام شرف، وتولى الإشراف عليه رئيس الوزراء الأسبق عبد العزيز حجازي، خلافا لنائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل.