شاب مشتبه بتورطه في تفجير مراكش ينتحر قبيل اعتقاله

مظاهرات تندد بالاعتداء.. و«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» ينفي صلته

TT

تجمع مئات الأشخاص أمس في موقع الاعتداء الدامي الذي استهدف مقهى في مراكش ليقولوا «لا للإرهاب» بينما دعت حركة شبابية تطالب بتغييرات سياسية في المغرب إلى التظاهر اليوم الأحد. وأعلن أحد المشاركين أن مئات الأشخاص بينهم أجانب مقيمون في مراكش تجمعوا أمس «لتناول عصير البرتقال أمام مقهى أركانة» الذي استهدفه اعتداء في 28 أبريل (نيسان) الماضي أسفر عن سقوط 17 قتيلا بينهم 8 فرنسيين. ومن بين الشخصيات الرسمية التي حضرت التجمع وزير السياحة ياسر الزناكي وقنصل فرنسا في مراكش السيدة شانتال شوفان. وقالت سائحة سويسرية من زيوريخ إن «الوقوف أمام أركانة مثير للمشاعر ومحزن، أتيت لأقول لا للإرهاب». وشارك أجانب مقيمون في مراكش وخاصة فرنسيين في هذا التجمع الذي أطلق عليه منظموه اسم «عصير برتقال ضد الإرهاب». وقال أحدهم إن «مبدأ هذا التجمع هو تناول عصير البرتقال في ساحة جامع الفنا تحديا للإرهابيين». وقال فرنسي يقيم في «رياض» (منزل راق) في مراكش منذ أكثر من 5 سنوات «أتيت للتعبير عن غضبي على ما جرى، نحن نحب المغرب ونحب مراكش ونقولها بصوت عال».

ومن المرتقب تنظيم مظاهرات اليوم في مختلف المدن المغربية تنديدا باعتداء مراكش، دعت إليها حركة 20 فبراير (شباط) المطالبة بإصلاحات سياسية في المغرب، والتي كانت قد حذرت مما وصفته «التوظيف السياسي» لهذا الحدث من أجل الالتفاف على مطالبها. وقال محجوب بيسناس العضو في فرع الحركة في مراكش لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الديمقراطية والعدالة الاجتماعية هي أفضل رد على الإرهاب والعنف بكافة أشكاله». وقال إن مظاهرة الأحد «رسالة إلى السلطات المغربية تؤكد إصرارنا على الديمقراطية لأنها الوسيلة الأكثر فعالية لمكافحة الإرهاب». وأضاف أن «الديمقراطية تسمح بإقامة علاقات سياسية أكثر شفافية».

يشار إلى أن السلطات المغربية قد اعتقلت 3 أشخاص للاشتباه في تورطهم في الاعتداء أحدهم متهم بتنفيذه. لكن كان لافتا أن شخصا حامت شكوك حول علاقته بالاعتداء، أقدم على الانتحار قبيل اعتقاله. وأفاد مصدر أمني أن هذا الشخص، المشتبه في ارتكابه جريمة قتل شاب بمقهى «الحافة» بطنجة (شمال المغرب)، في 15 أبريل الماضي، ويدعى عبد اللطيف الزهراوي، وضع حدا لحياته عندما فاجأته عناصر الشرطة التي جاءت لاعتقاله ليلة الجمعة - السبت الماضيين، بعد أن كان قد تمكن من الفرار بعد ارتكابه للجريمة، وحامت شكوك حوله أيضا بأن يكون أحد المتورطين في تفجير مقهى مراكش، بالنظر إلى أنه أشهر سيفه في وجه رواد المقهى الذي كان بينهم سياح أجانب. وتمكن من قتل شاب وأصاب آخر بجروح عميقة، بينما جرح السائح بشكل خفيف.

وأوضح المصدر ذاته أنه استنادا للمعلومات التي استقتها المصالح الأمنية والتي تفيد بوجوده في منزل أسرته بحي الحافة بطنجة، انتقلت عناصر الشرطة القضائية على وجه السرعة إلى مكان وجود المتهم. وأضاف المصدر ذاته أن المشتبه به، الذي فوجئ بعناصر الشرطة «أقدم على قطع شرايين معصمه الأيسر ما أدى إلى إصابته بنزيف حاد، كما وجه طعنة لبطنه تسببت في إصابته بجرح عميق، وذلك بحضور أخته وزوجته». وأشار إلى أن المشتبه به توفي عند نقله إلى مستشفى محمد الخامس بطنجة متأثرا بجروحه وأن تحقيقا قضائيا فتح في الموضوع. وأعلن سابقا أن القاتل من ذوي السوابق العدلية بعد إدانته بسنتين حبسا نافذا في قضية تتعلق بالهجرة غير الشرعية، وسبق ترحيله من إسبانيا للاشتباه في علاقاته بمجموعات إرهابية عام 2007.

بدورها، نشرت صحف مغربية تفاصيل إضافية عن الأشخاص الثلاثة الذين اعتقلوا بشبهة علاقتهم باعتداء مراكش، مرفقة بصورهم. وكشفت أن عادل العثماني، 26 عاما، بائع الأحذية المستعملة، والمشتبه الرئيسي في العملية، أوقف ليلة الأربعاء الماضي أمام منزل والدته بحي بوعودة بآسفي. وحسب المصادر ذاتها فإن العثماني استغل منزلا ثانيا يملكه والده المقيم في فرنسا، والموجود في حي بعيد وخال من السكان، في إجراء اختباراته لصنع المتفجرات. كما قام في وقت لاحق بتجربة مفعول المتفجرات التي صنعها في منطقة نائية في ضواحي المدينة. وأشارت مصادر إعلامية محلية إلى أن العثماني دخل المقهى وهو يرتدي شعرا مستعارا ويحمل قيثارة للتمويه على أنه سائح أجنبي، فطلب عصير ليمون، ثم غادر المقهى مخلفا وراءه حقيبة سفر وحقيبة أخرى محشوة بالمتفجرات. وبعد ابتعاده عن المقهى فجر الحقيبة عن طريق استعمال هاتف جوال. وبعد تنفيذ العملية استقل سيارة أجرة نحو محطة المسافرين وعاد إلى آسفي. وسبق للعثماني أن طلق زوجته الأولى وتزوج من زوجة ثانية، وهي حامل حاليا. أما الشخصان الآخران المشتبه فيهما فهما حكيم وحداني، 40 عاما، وهو أعزب، وعبد الصمد بطار، 26 عاما، وكلاهما بائع أحذية مستعملة.

إلى ذلك نفى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي صلته بتفجير مراكش، وذكر في بيان أوردته وكالة نواكشوط للأنباء الموريتانية، أنه لا علاقة له بتفجير مراكش من قريب ولا من بعيد. وأضاف البيان: «رغم أن ضرب اليهود والصليبيين واستهداف مصالحهم هو من أولوياتنا التي نحرض المسلمين عليها ونسعى لتنفيذها، فإننا نختار الزمان والمكان الذي لا يتعارض مع مصلحة الأمة في تحركها نحو التحرير المنشود». وقال التنظيم: «تابعنا حادثة تفجير (أركانة) بمراكش وما تلاها من اتهامات وجهها وزير الداخلية المغربي وغيره لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالوقوف وراء الحادث، وقطعا للشك باليقين فإننا ننفي صلتنا بالتفجير ونؤكد أن لا علاقة لنا به من قريب ولا من بعيد».

وكان وزير الداخلية المغربي، الطيب الشرقاوي، وصف المشتبه فيه الرئيسي بأنه «معجب بتنظيم القاعدة» وحاول مرارا الالتحاق بمناطق «الإرهاب الساخنة»، لكنه فشل. وأضاف أنه «بسبب فشله هذا، قرر القيام بعمل إرهابي كبير في المغرب واختار مراكش لأنها مدينة تجذب الكثير من الزائرين الأجانب»، مشيرا إلى أنه «اختار هذا المقهى لأنه لاحظ زيادة عدد الأجانب الذين يرتادونه».