مشائي صهر الرئيس محور اختبار القوة بين خامنئي ونجاد

الرئيس الإيراني يمهد له الطريق للرئاسة في 2013.. ومؤسسة الدين تكرهه وتخشى أن يهمشها ويعيد العلاقات مع واشنطن

TT

يراقب الوسط السياسي الإيراني اختبار القوة الذي يجري حاليا بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي حول وزير الاستخبارات الذي فصله أحمدي نجاد وأعاده المرشد، ثم منح أخيرا مهلة إلى أحمدي نجاد لقبول عودته أو تقديم استقالته حسب ما نقلت مواقع إيرانية. وقال تقرير لوكالة الأنباء الأوروبية أمس إن هذه المعركة السياسية تترك حاليا الكثير من الغبار والضحايا.

ويقول محللون إيرانيون إنه لفهم المعركة الدائرة حاليا يجب العودة إلى عام 2009 بعد إعادة انتخاب الرئيس الإيراني في انتخابات أثارت احتجاجات واسعة ودعمه وقتها خامنئي، فقد عين أحمدي نجاد مشائي الذي تعد ابنته زوجة ابن نجاد كأبرز نواب الرئيس وهو ما أثار احتجاج المحافظين بسبب تصريحات سابقة لمشائي قال فيها إن إيران تكره إسرائيل لكنها يمكن أن تكون صديقة لشعبها، وكذلك آراؤه حول تقدير الثقافة الإيرانية قبل الإسلام، وتدخل وقتها المرشد واضطر أحمدي نجاد إلى سحبه بسرعة لكنه أعاد تعيينه كأقرب مستشاريه. ويقوم أحمدي نجاد باختبار المياه السياسية ليجعل مشائي خليفته في رئاسة إيران في عام 2013، وهو ما يحتاج منه إلى التخلص من وزير الاستخبارات الذي يمكنه أن يفشل ملف أي مرشح رئاسة. ويشن المحافظون في إيران حملة على مشائي لأنهم يخشون إذا تولى الرئاسة أن يوسع نفوذ السياسيين المنتخبين على حساب رجال الدين، وأنه قيد يقيم علاقات مع الولايات المتحدة.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن مواقع إلكترونية إيرانية اعتقال الكثير من المقربين للمستشار المقرب للرئيس محمود أحمدي نجاد خلال الأيام القليلة الماضية بينهم رجل الدين الذي أم الصلاة في المسجد الرئاسي، عباس أميريفار، إلى جانب شخص تم اتهامه بممارسة أعمال السحر والشعوذة، حسبما ذكرت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية.

وقد تلت الاعتقالات الضغط المتزايد من جانب رجال الدين والساسة والقادة العسكريين على أحمدي نجاد لقطع العلاقات مع إصفانديار رحيم مشائي، أقرب المستشارين إلى الرئيس، والرجل الذي يكرهه رجال الدين الإيرانيون لتأييده لأهمية الثقافة الإيرانية عن المعتقدات الإسلامية.

وقد ذكر أن كثيرين ممن تم اعتقالهم تربطهم علاقة بمشائي، ويأتي هذا مع ترويج فيلم على ملايين من أقراص الـ«دي في دي» يزعم أن المهدي المنتظر سيظهر في يناير (كانون الثاني).

ويعتبر التنبؤ بالتاريخ المحدد لظهور الإمام الثاني عشر خرافة في جمهورية إيران الإسلامية. وكثيرا ما يشير أحمدي نجاد إلى أن ظهور «الإمام المهدي»، كما يطلق عليه الشيعة، بات وشيكا.

وأشار كثير من آيات الله والساسة والمسؤولين المؤثرين في إيران إلى مشائي باعتباره أحد ألد أعداء إيران، واصفين إياه بأنه جاسوس أجنبي وماسوني وقائد لجهود الإطاحة بجمهورية إيران الإسلامية.

ورغم المطالبات المتكررة بإقالة مشائي من المناصب الرسمية في الدولة، فقد استمر الرئيس أحمدي نجاد في حمايته. يذكر أن ابنة مشائي متزوجة من ابن الرئيس.

بيد أن سلسلة الاعتقالات مرتبطة بالعلاقات المتوترة بين أحمدي نجادي والزعماء الدينيين في إيران. وقد حاول مؤخرا الإطاحة بوزير الاستخبارات حيدر مصلحي، إلا أنه في الشهر الماضي أعلن القائد الأعلى آية الله علي خامنئي رفضه استقالة مصلحي الإجبارية.

وبدوره، لم يذهب أحمدي نجاد لمكتبه لمدة 8 أيام. وعاد إلى العمل يوم الأحد، معلنا تأييده لخامنئي الذي يتولى السلطة النهائية في أمور الدولة في إيران.

ولكن عندما اجتمع مجلس الوزراء يوم الأربعاء، تجنب كل من الرئيس ومصلحي بشكل واضح التواجد في غرفة واحدة، حسبما أفادت المواقع الإلكترونية، متذرعين بحجة «جداول أعمالهم المزدحمة» كسبب لعدم حضورهم الاجتماع. وفي هذا المساء، لم يكن أحمدي نجاد حاضرا أثناء الاحتفال بمناسبة دينية مهمة، فيما حضر معظم ممثلي حلقة السلطة في إيران.

وانتقد متحدث دين بارز علانية أحمدي نجاد بحضور المرشد، الذي دعم الرئيس لسنوات، حسبما جاء في الموقع الإلكتروني «انتخاب»، الذي له صلات برئيس مجلس الشورى الإيراني وكبير المفوضين السابق في ملف الطاقة النووية، علي لاريجاني.

والتقطت صورة أيضا لأحد المقربين الآخرين من أحمدي نجاد، وهو مرتضى أغا طهراني، بحكومة نجاد، بكاميرا هاتف جوال يقول فيها إن القائد الأعلى الإيراني قد أعطى الرئيس مهلة نهائية للإعلان عن قبوله إعادة وزير الاستخبارات إلى منصبه أو تقديم استقالته، وفقا لموقع «أيانده نيوز» الإلكتروني. وتربط صلات هذا الموقع بوكالة الاستخبارات في إيران. لم يكن هناك تأكيد رسمي على هذا الموعد النهائي.

وحذر أعضاء البرلمان أحمدي نجاد من أنه إذا لم يستمع للقائد الأعلى، يمكن استدعاؤه لاستجوابه، الأمر الذي يمكن أن يؤدي نظريا إلى توجيه الاتهام له. وفي تهديد آخر، وجه إمام طهران آية الله كاظم صديقي تحذيرا إلى أحمدي نجاد يوم الجمعة من أنه في بداية الثورة الإسلامية في إيران، تمت الإطاحة بالحكومات بسهولة حينما «عملت ضد النظام».

وتحدث آية الله محمد تاغي مصباح يازدي الخميس الماضي، حسب الموقع الإلكتروني «انتخاب»، في تحذير موجه للرئيس قائلا: «لا يجب أن ننخدع بالكلام المعسول والوعود الزائفة للمنافقين». وكان يازدي قد اشتهر لسنوات بأنه أبرز أنصار الرئيس أحمدي نجاد. وأضاف يازدي: «لا يجب أن ينطلي على الناس الادعاءات الكاذبة باتباع القائد. عليهم أن يطيعوا أوامره».

غير أنه في الأسبوع الماضي، أكد خامنئي في خطاب له على أن حالة إعادة تقليده منصب وزير الاستخبارات لم تكن «على قدر كبير من الأهمية» وذكر أنه لا يوجد «شقاق» بين القادة في إيران.